أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد حبوشه

مصر آمنة من شرر (نترات الأمنيوم) وغيرها

الجمعة، 14 أغسطس 2020 09:54 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

واقعة انفجار مرفأ بيروت اللبناني التى حدثت الأسبوع الماضي، ألقت بظلال كثيفة على كثير من الدول العربية ومن بينها مصر - بالتأكيد - ما حدا بتلك الدول إلى تمشيط جميع الأماكن الملحقة بالموانئ والمطارات، تحسبًا لتكرارالسيناريو المفزع  من جراء تخزين مواد قابلة للاشتعال، ولعل هذه الواقعة المأساوية التى راح ضحيتها الكثير وخلفت الالآف من المصابين، قد عجلت بتفعيل الإجراءات التي قامت بها العديد من الحكومات لمنع تكرار تلك الواقعة مرة أخري، وفى إطار تلك الإجراءات المشددة، ولأنه خطر يمكن أن يتكرر فقد حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من خطورة وضع سفينة على متنها خزان نفط فى البحر الأحمر، بالقرب من السواحل اليمنية الخاضعة للحوثيين.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن السفينة تدعى (صافر)، وتعد خزان نفط عائما قرب السواحل اليمنية الخاضعة للحوثيين، وتحمل مليون برميل من النفط الخام، ومن ثم فقد نبه أبو الغيط، إلى أن انفجار لبنان يذكرنا بخطورة وضع هذا الخزان النفطي العائم قبالة السواحل اليمنية، والذي لم تجر له أي صيانة منذ اندلاع الحرب على أراضي اليمن في 2015، مناشدا مجلس الأمن بالتدخل فورًا لتمكين فريق الأمم المتحدة من دخول الخزان وإجراء الصيانة المطلوبة التي من شأنها حماية مواطني المنطقة.

ومن هنا نتوجه بالشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أظهر وعيا مهما وحرصا كبيرا بقضيه المواد الخطره وأثرها على مصر في هذا اللحظة الحاسمة من عمر وطن يواجه تحديات كبيرة تضعه في دائرة الخطر إذا ما انتبهت العناصر المعادية لمصر بوجود موادا قابلة للانفجار على الأراضي المصرية، وهذا الوعى للأمانة وللتاريخ لم يحدث بهذا القدر من الاهتمام على مدار ثلاث حقب تاريخية في عهود رؤساء حكموا مصر من قبل، لقد رأى الرئيس أنه كان من الواجب أن ننتبه ونتذكر قضية حملت ظروف مشابهة في السويس، ظلت مهملة ولو استمرت لكان من الممكن أن تأتي بكارثة لا قدر الله، لولا وعي سيادته وتكاتف الجهود المخلصة من المسئولين وتحمسهم للحل الجذري، بعد طرح القضية بجدية عليهم.

وقصة أزمة الحاويات (اللاندين) بميناء الأدبية، تعد من أخطر القضايا والأزمات التي واجهت السويس على مدار تاريخها الحديث، لما تمثلة هذه الشحنة من خطر داهم على المدينة كلها، وأيضا لما تحتويه الشحنة من مواد مسرطنة، ومن هنا يظل بقاؤها في المدينة يشكل تهديدا لصحة المواطنين من احتمالية تسربها الإشعاعي للمناطق المحيطة بمكان الشحنة، ومن أجل ذلك فقد أصدرت الجهات الرقابية والأمنية تعليمات سرية إلى جميع الجهات الحكومية  بضرورة  سرعة فحص كافة الشحنات والمواد  التى تمثل مصدر خطورة عند تخزينها ونقلها  فى كافة قطاعات الدولة، والتأكد من تأمينها بشكل آمن وتخزينها وفقاً للإجراءات المتبعة لمثل هذه المواد وخاصة القابلة للانفجار والتدمير، وكذلك سرعة الإفراج عن أية شحنات بالجمارك  وعدم تخزينها إلا من خلال اللجان المعنية ومصادرة من يتخلف عن استلام مثل هذه المواد الخطرة.

وعلى جانب آخر من الأهمية ذاتها وتزامنا مع اهتمام الرئيس السيسي بصحة المواطن المصري عبر القوافل الطبية (100 مليون صحة وغيرها من حملات) تجوب البلاد حاليا في سبيل منع الخطر عنه، أصدر الطيار محمد منار وزير الطيران المدني قراراً بتشكيل لجنة عليا من أعلى المستويات تضم كافة الجهات المعنية و المختصة برئاسة اللواء طارق نصير رئيس قطاع الأمن بوزارة الطيران المدني، لفحص وحصر كافة الشحنات والمخازن وحاويات التخزين بقرية البضائع وساحات التخزين التابعة لميناء القاهرة الجوى، وكافة المطارات على مستوى الجمهورية لاتخاذ الإجراءات الاحترازية حيال المواد الخطرة والإفراج عنها فورا أو نقلها إلى أماكن تخزين آمنة خارج نطاق المواني الجوية والتواجد السكاني.

وأكد وزير الطيران في الوقت ذاته على أن هذه اللجنة سوف تقوم بإجراء تقييم شامل لكافة الإجراءات المطبقة داخل أماكن التخزين، وذلك لتوفير أقصى معايير السلامة والأمان وفقاً لتعليمات منظمة الطيران المدنى الدولى ICAO  وذلك للتصدى لأى مخاطر قبل حدوثها بالإضافة إلى حماية جميع العملاء و العاملين بقطاع الطيران المدنى.

وقد توجت جهود الدولة المصرية بفضل توجيهات القيادة السياسية، بإصدار الدكتورة ياسمين فؤاد تعليمات للإدارة المركزية للتفيش والالتزام البيئي بالمرور على كافة المنشآت المنتجة لمادة (نترات الأمونيوم) بكافة محافظات الجمهورية من خلال حملات تتم بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية والمتمثلة فى الإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات والهيئة العامة للتنمية الصناعية، للوقوف على مدى التزام تلك المنشآت بمعايير القانون رقم 4 لسنة 1994 ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما، من حيث طرق النقل والتخزين كما وجهت الوزيرة الأفرع الإقليمية لجهاز شئون البيئة بضرورة المعاينة لتلك المنشآت واعداد تقارير لعرضها على السلطة المختصة لاتخاذ ما يلزم من اجراءات فى هذا الشأن الهام.

ولقد أثلج صدورنا ذلك التقرير الذي استعرضته وزيرة البيئة مؤخرا حول جهود وإجراءات الوزارة في التعامل الآمن مع المواد والمخلفات الخطرة للوقوف على معايير الآمان اللازمة في مراحل تصنيعها ونقلها وتخزينها والتخلص بحرفية منها بما لا يضر الصحة والبيئة، وفي هذا الصدد طمأنتنا الوزيرة إلى أن البيئة منذ بداية نشأتها وضعت تعريفا واضحا للمواد والمخلفات الخطرة وحددت قوائم بها، وصدقت على الاتفاقيات الإقليمية والدولية المتعلقة بالمواد والنفايات الخطرة ومنها اتفاقية (استكهولم للملوثات العضوية الثابتة)، بالإضافة إلى إصدار الأدلة الإرشادية للتعامل الآمن مع تلك المواد والمخلفات، وشن الحملات التفتيشية المتواصلة على مواقع التصنيع والتخزين والتخلص الآمن لضمان اتباع الإجراءات السليمة والصحة والسلامة العامة للمواطنين.

إذن وزارة البيئة المصرية تعي أهمية إحكام الرقابة على تدوال تلك المواد والمخلفات والإدارة الآمنة لها، وهو الأمر الذي دفع لتخصيص الباب الخامس من قانون المخلفات الجديد - الذي سيتم إصداره قريبا بعد اقراره من مجلس النواب - عن المواد والمخلفات الخطرة وتخصيص لجنة فنية للقيام بوضع وإصدار ومراجعة القوائم الموحدة للمواد والمخلفات الخطرة وضوابط واشتراطات تداولها والإدارة الآمنة لها والحد من تولدها، ويقوم جهاز تنظيم وادارة المخلفات التابع لوزارة البيئة بالتنسيق مع الجهات الإدارية المختصة بالرقابة عليها.

المطمئن أكثر في مصر حاليا أن هنالك قصص نجاح من جانب وزارة البيئة فى مجال الإدارة الآمنة للمواد والمخلفات الخطرة من خلال مشروع الإدارة المستدامة للملوثات العضوية الثابتة وبالتعاون مع الجهات المعنية، حيث تم التخلص الآمن من 241 طن من مادة (اللاندين) عالية الخطورة، والتي ظلت مخزنة بميناء الأدبية ما يقارب 30 عاماً، بالإضافة إلى 471 طن من المبيدات المهجورة بمخازن وزارة الزراعة بالصف منذ 2003 والتي تم شحنها والتخلص الآمن منها بمنشآت متخصصة خارج البلاد، وجاري حالياً العمل للتخلص من ما يقارب 300 طن أخرى من المبيدات المهجورة، بالإضافة إلى معالجة 1000 طن من الزيوت الملوثة بمادة  (PCBs)، بعد سحب عينات من حوالي 13 ألف محول كهربائي على مستوى الجمهورية بالتعاون مع وزارة الكهرباء، وتبين من خلال التحليلات وجود تلوث لحوالي 860 محول.

وإضافة إلى قصص النجاح المصرية تلك في توفير معدلات الآمان، هناك مشروع طموح آخر لحصر وتصنيف أيه مبيدات متواجدة بالموانئ المصرية والمناطق الاقتصادية الخاصة، وتحديد سبل التعامل معها والتأكد من طرق التخزين الخاصة بها ووضع خطة للتخلص من الكميات عالية الخطورة، حيث تم حصر وتصنيف المبيدات بموانئ نويبع وسفاجا والأدبية (بخلاف اللاندين الذي تم التخلص منه)، وكذلك ميناء الإسكندرية، كما يتم إجراء معاينات فورية لأية حاويات تُبلغ بها الوزارة من قبل هيئات الموانئ، ومنها فحص حاويات الرواكد وتصنيف ما بها بميناء الاسكندرية (21 حاوية)، وكذلك ميناء الدخيلة (9 حاويات)، وإرسال لجان لفحص حاويات رواكد مستجدة بميناء الإسكندرية تبلغ 100 حاوية.

و في معرض حديثها المطئن نوهت وزيرة البيئة إلى أنه فور إبلاغ سلطات مطار القاهرة وزارة البيئة بوجود كمية من المبيدات بها تمثل مشكلة بيئية للمطار، تم حصر وتصنيف وتحليل المواد الفعالة لتلك المبيدات، وإعادة تعبئتها وشحنها والتخلص الآمن من كمية تبلغ 2600 كجم من مبيدات عالية الخطورة، ما يؤكد أن لدينا عيون ساهرة على أمن هذا الوطن من خلال مشروع إدارة المخلفات الطبية والإلكترونية الممول من مرفق البيئة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقديم الدعم الفني والمالي الكامل للتخلص الآمن من حوالي 41250 شاشة من شاشات أنابيب الأشعة الكاثودية بوزن تقريبي حوالي 800 طن والموجودة بالموانئ المصرية (الإسكندرية، الدخيلة، موانئ دمياط، شرق وغرب بورسعيد، العين السخنة، السويس، سفاجا وأسوان) كمهمل ورواكد منذ سنوات، والتي تعد من المخلفات الإلكترونية الخطرة التي تهدد صحة الإنسان.

تخية تقدير واحترام لوزارة البيئة التي لا تألوا جهدا في الحفاظ على صحة المواطن المصري بالعيش في بيئة نظيفة وآمنة، وبتوجيهات من القيادة السياسية تعمل ليل نهار من خلال إدارة احترافية آمنة لتوظيف مادة (نترات الأمونيوم) كأحد المواد الهامة التي تدخل في صناعة الأسمدة الزراعية، وذلك بسبب محتواها العالي من الآزوت الذي يجعلها من المواد الخطرة (قابلة للاشتعال) التي تتطلب اتخاذ الاحتياطات اللازمة في تداولها وتخزينه، وقد أصدرت وزارة البيئة بالفعل مجموعة من الاشتراطات التي يتعين على تلك الشركات الالتزام بها ومنها الالتزام بتخزين (الأمونيا المسالة) تحت الضغط الجوي العادي، وطبقا للاشتراطات الواردة بالدراسة والمواصفات الدولية الخاصة، مع تركيب أجهزة الرصد والإنذار اللازمة للكشف عن حالات التسرب، والصيانة والمراقبة الدورية لنظام تخميد الامونيا الغازية برشاشات المياه وهواية الطوارئ مع إحاطة خزان الامونيا بجدار خرساني مصمت لاحتواء أية تسربات.

وفضلا عن كل ذلك فإن الوزارة وعت إلى ذلك تطوير أساليب النقل والتخزين والتداول السليم والآمن بيئياً لكافة الخامات والكيماويات المستخدمة، تبعا لاشتراطات قانون رقم 4 لسنة 1994 وتعديلاته، والالتزام بتنفيذ خطة الإدارة البيئية للمصنع متضمنة خطة للرصد البيئي وتوفير الأجهزة اللازمة للرصد وتأهيل العاملين عليها مع تركيب محطة للرصد المستمر للإنبعاثات الغازية والجسيمات العالقة الصادرة عن المشروع وتوصيلها بالشبكة القومية للرصد بجهاز شئون البيئة، وإعداد خطة لمجابهة المخاطر وحالات الطوارئ وتأهيل العاملين عليها والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن تطبيقها مع توفير الأجهزة اللازمة لمكافحة الحرائق في حال حدوثا لاقدر الله ولا شاء.

جدير بالذكر أن المواد الخطرة هى تلك المواد التي تهدد صحة الإنسان أو تؤثر تأثيرا ضارا على البيئة مثل المواد المعدية أو السامة أو القابلة للانفجار أو الاشتعال أو ذات الإشعاعات المؤينة، والمخلفات الخطرة هى التي تنتج عن الأنشطة والعمليات المختلفة أو رمادها المحتفظ بخواص المواد الخطرة مثل النفايات من الأنشطة العلاجية أو تصنيع المستحضرات الصيدلية والأدوية أو المذيبات العضوية أو الأحبار والأصباغ والدهانات، وكلها أمور تمت السيطرة المصرية عليها في زمن قياسي يضمن معدلات الآمان العالمية، وقد تم ذلك وفقا لتعليمات مشددة من القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي تفاديا لأية سيناريوهات محزنة كما حدث في مرفأ بيروت مخلفا خسائر إنسانية ومادية كبيرة .. اللهم احفظ مصر واحفظ رئيسها الساهر على أمن الوطن والمواطن.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة