أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد ثروت

الانْتِقائيَّة في الثقافة الإسلامية

الإثنين، 01 يونيو 2020 06:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

التبرير سمة من سمات العقل العربي المسلم، ومكون راسخ في ثراثنا الثقافي والديني. يوظف البعض من شيوخنا وعلماءنا سلاح التبرير في سبيل إثبات أو نفي صحة رأي، حكم في قضية محل جدل.

ويكشف المفكر الدكتور محمد شحرور في كتابه "تجفيف منابع الإرهاب" عن أزمة الانتقاءية في الثقافة الإسلامية،  فيقول: إن مفهوم الوسطية كشعار إسلامي ما هو إلا تخريجة للخروج من مأزق 11سبتمبر  وما تلاها  شأنها شأن الكثير من التبريرات خلال تاريخنا الطويل. كتخريجات فقه الأقليات وفقه الأولويات كما اخترعوا الناسخ والمنسوخ لتبرير التضاد الظاهري في آيات "لا إكراه في الدين" ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" فمن يريد القتال يورد آيات القتال ومن يريد السلم يورد آيات السلم. وكذلك استعمال مصطلح مقاصد الشريعة لتبرير بعض الفتاوى، وهكذا أصبحت الثقافة الإسلامية ثقافة انْتِقائيَّة. والمثير للانتباه أن تلك الانْتِقائيَّة التي تعامل بها البعض من تيارات إسلامية أو غير إسلامية مع تراث محمد شحرور نفسه، ووصفه مرة بأنه ضد ثوابت الدين، ومرة بالعلمانية المتطرفة، رغم أن الرجل نفسه لم يخرج عن إطار الاجتهاد وإعمال العقل في فهم النصوص الدينية.

 وقد تجلت خطورة lلانْتِقائيَّة في إنها تؤدي الى الجهل والتعصب وعدم قبول النقد، لأنها تجعل صاحبها إذا كان قليل العلم والخبرة، عرضة لأي استقطاب من التيارات الأصولية المتطرفة، التي تعمل على تبرير تصرفاتها الخارجة عن حكمة وسماحة وجوهر الأديان، بما يناسب توجهاتها وادلجة التراث الديني، بما يعني تاويل النصوص حسب معتقدات وأفكار تلك الجماعة، لتحقيق مصالح غير مشروعية.

ومن ذلك على سبيل المثال أن الجماعات الجهادية العنيفة عندما أرادت فتوى قتل شخص ما مسلم، لم تقتنع بفتاوى شيوخ السلفية المصريين فلجات إلى طلب فتوى شيخ مغربى، يبرر لها ما سوف تقدم عليه من قتل وسفك للدماء. الانْتِقائيَّة انحياز مسبق، للتمسك ببعض الأمور وترك البعض الآخر. ولذلك فالانْتِقائيَّة مثلا إذا استخدمتها تلك الجماعات في دولة أوربية تعيش فيها جالية مسلمة، لمحاولة فرض اللحية، أو النقاب أو الجلباب القصير للرجال وما يسمى بالزي الشرعي في الرياضة أو حمامات السباحة، بدعوى أن ذلك من روح الإسلام، وهي بعيدة تماما عن مقتضيات العصر ومستحدثات الفقه المرتبط بالبيئة والمجتمع.

وعلى ذلك تؤدي الانْتِقائيَّة إلى الانعزالية وعدم الاندماج في المجتمعات، وأحيانا يصل الأمر بتلك الجماعات وفق الانْتِقائيَّة إلى تأسيس مجتمعات جديدة على في الصحراء على النحو الذى كانت عليه الحياة الأولى في صدر الإسلام أو هكذا يتصورون. فكل شىء لديهم له مبرر وسند شرعي.

وهذا يجعلنا نؤكد مرارا وتكرارا أنه لاسبيل لتحرير فهم الدين من الروح lلانْتِقائيَّة سوى بإصلاح وتجديد الخطاب الديني.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة