أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

مارلون براندو .. الحب والحقيقة وبينهما العزلة

السبت، 23 مايو 2020 10:24 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما الذى كان يبحث عنه الفنان الخالد "مارلون براندو" طوال حياته التى استمرت من سنة 1924 إلى 2004؟ لقد عاش حياة أشبه بفيلم درامى "سوداوى" يقول "لم أكن أريد أن أصبح مثل أبى لكنى أصبحت مثله فى النهاية" لقد اكتشف "مارلون براندو" أنه لم يعرف الحب أبدًا لذا ذهبت حياته ناحية المأساة وقد تجلى ذلك فى مصيرى  ابنه وابنته اللذين تنوعا بين السجن والانتحار. 
 
شاهدت مؤخرا الفيلم الوثائقى Listen to Me Marlon من إنتاج 2015 والفيلم يعتمد بصورة أساسية على الحوارات التى أجراها أسطورة السينما العالمية، وعن حياته التى بدأت بالبكاء وانتهت بالبكاء أيضا، يقول "الكذب من أجل المال" هذا هو "فن التمثيل" لذا عاش  "براندو" حياة طويلة من المآسى، ومن الخيبات، ومن عدم الحب، ومن الوحدة، ومن اليأس، ومن جميع ما سبق.
 
وأغرب ما استوقفنى فى علاقات الحب بين "براندو" والعالم، أنه لم يكن يحب معظم الأفلام التى قدمها، يقول على فيلم "على الواجهة البحرية" الذى حصل بفضله  على أوسكار أفضل ممثل، وكان وقتها أصغر ممثل يحصل على هذه الجائزة، يقول "عندما شاهدته مرة ثانية لم يعجبنى أدائى" وقال عن فيلمه مع النجمة صوفيا لورين  "كنت سخيفا فى الدور الذى أديته، كل شىء كان سيئا" وعن مشاركته فى فيلم لسوبر مان يقول "تقاضيت نحو 12 مليون دولار عن فيلم سخيف لا أتذكر اسمه".
 
كان "مارلون براندو" حزينا كما يبدو فى صوته فى الفيلم، يقول إن والدته كانت تحبه لكنها كانت "مدمنة كحول" وأباه كان يضربه بدون سبب دائما، يقول إن "ستيلا أدلر" أستاذته فى معهد التمثيل هى فقط التى أحبته وجعلته جزءا من عائلتها، وعلمته "التمثيل" قالت انظر إلى "مشاعرك" وعبر عنها، وعلينا ملاحظة أن "مارلون" لا يحب أن يقول على التمثيل "فن" ويرى أنه وسيلة لجمع "المال فقط" لا الكتاب ولا المنتجون ولا حتى الممثلين يريدون "الفن" إنهم يريدون "أكبر قدر من المال".
 
ومع ذلك هناك لحظات كان "مارلون براندو" صادقا مع نفسه، وذلك عندما يقترب من إنسانيته، فيدافع عن أصحاب البشرة السوداء فى أمريكا ويتحدث عن علاقته بمارتن لوثر كينج،  وعندما يتحدث أيضا عن موقفه العظيم من الهنود الحمر والذى تجلى عندما رفض استلام جائزة الأوسكار كأفضل ممثل عن دوره فى "الأب الروحى" 1972 يقول "إن أمريكا لص سرقت الأرض من أهلها ثم راحت تقتلهم فى الحقيقة وفى الإعلام فتقدم السود (خدما) والهنود الحمر (مجرمون وسيئون) وذلك محاولة لقلب الحقيقة، كذلك عند حديثه عن الناس فى جزيرة (هاييتى) حيث اشترى جزيرة صغيرة هناك يعيش فيها أبناؤه، وكانت إحدى أشد اللقطات حميمية تلك التى يجلس يأكل فيها مع العمال فى الجزيرة، لقد وجد فى هذه اللحظة نفسه حقا.
 
ومن أسوأ الأشياء التى يواجهها الإنسان أن يكون ناقدا لنفسه طوال الوقت، وهكذا كان "مارلون براندو" الذى لم تكن الحياة رفيقة به أبدا، ورغم أنه سامح "والده" لكنه لم يسامح نفسه أبدا، لقد زاد وزنه جدا فى السنوات الأخيرة ليس لأى أمر سوى "ما تعانيه النفس".
 
وقد كان المشهد الصعب فى حياة "مارلون براندو" فى المحكمة 1995 وهو يطلب الرفق بابنه "كريستيان" الذى قتل حبيب أخته "شايين"، قال "براندو" إن "حياة كريستيان كانت سلسلة من الصعوبات والتعاسة" مضيفا "أعتقد أننى أخفقت كأب"،  لكن المشهد الأصعب عندما بكى بعدها أمام الكاميرات وهو يتحدث عن ابنته التى انتحرت بعد هذه الحادثة وكانت فى الخامسة والعشرين من عمرها.
 
عند ذلك أدرك "مارلون براندو" جزءا من الحقيقة فقال "كل إنسان قادر على الكراهية، وكل إنسان قادر على الحب، ونحن نؤقلم أنفسنا بطريقة أو بأخرى فيمكن أن نصبح قتلة ويمكن أن نصبح صالحين"، ولأن العالم لا يعجبه بما فيه من خلل كان يقول "لدى إحساس بأن الجميع موتى ويتظاهرون بأنهم أحياء". 
 
أنا أحب "مارلون براندو" منذ زمن بعيد، قبل أن أعرف شيئا عن هذه الحكايات، فقد كنت أحب الحزن الساكن خلف ملامحه، قال "إنه لم يختر أن يصبح ممثلا فقد كان طفلا خجولا وحساسا جدا" لكنه لم يجد شيئا آخر يفعله، لذا عندما اقتربت النهاية عاد مرة أخرى إلى العزلة التامة، وذات يوم اتصل بأقاربه وأصدقائه وأخبرهم بأن يستعدوا لجنازته لأنه الآن "مستعد للموت".









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة