وائل السمري يكتب..أحمد الرافعي لماذا كل هذه الكراهية؟.. أفكار الممثل الصاعد كشفت عن نوعية أخرى من التطرف المستتر..جيل جديد من مستجدي العلم بالدين ومستجدي التفكير ومراهقي الثقافة ومدعي الإحاطة بكل شيء

الثلاثاء، 12 مايو 2020 08:54 م
وائل السمري يكتب..أحمد الرافعي لماذا كل هذه الكراهية؟.. أفكار الممثل الصاعد كشفت عن نوعية أخرى من التطرف المستتر..جيل جديد من مستجدي العلم بالدين ومستجدي التفكير ومراهقي الثقافة ومدعي الإحاطة بكل شيء الفنان أحمد الرافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"إنني أكره الإيمان السهل كما أكره الإلحاد السهل" كهذا قال صلاح عبد الصبور في كتابه المهم "حياتي في الشعر" الذي لخص فيه تجربته في الفكر والمسرح والشعر والفن، ولا تحتاج ألفاظ الجملة إلى شرح، لكن معناها الكبير هو الذي يحتاج إلى تفصيل، فالإيمان هنا والإلحاد موضوعان في خانة واحدة، هي خانة الكراهية، فكيف يكره الواحد النقيضين بذات الدرجة؟ الإجابة هنا تتكشف في الصفة الموصوف بها النقيضين ألا وهي "السهولة".
 
السهولة والاستسهال آفتنا الكبيرة، مرضنا المزمن، سرطاننا الذي ينهش في لحمنا ودمنا وعظامنا، كل من "ركب الحصان" ادعى أنه "خيال" وكل من "ركب الجمل" زعم أنه "جمال" كل من قرأ كلمتين في التفسير أو الحديث أو الفقه تخيل أنه أصبح مؤهلا لأن يكون قاضيا شرعيا، كل من أعجب بإمام أو شيخ صار يردد وراءه الكلام والأحكام دون أن يفكر في أي شيء أو يتدبر في شيء أو يرى ما أدت إليه هذه الأحكام، وللحق والحقيقة فإن تلك الآفة الخبيثة لا تصيب المتمسحين في الدين فحسب، وإنما تصيب المتمسحين في الثقافة والتنوير أيضا، ولدينا الكثير من الأسماء المختلة في هذا المجال الذي يهللون حينما يطالعوا شيئا غير معتاد أو يحصلوا على معلومة غير مشهورة فيصدعوننا باكتشافهم التافه، ويملئوا الدنيا ضجيجا برواية مختلفة أو رأي غريب، تلك الآفة هي التي أصابت الممثل الشاب "أحمد الرافعي" الذي شغل الجميع بعد إعلان آرائه المتطرفة في حق رجال فكر قد تختلف معهم أو توافقهم لكن أخلاقك وإنسانيتك لا تجعلك أبدا تتمنى لهم الموت.
 
نفس اللغة التي يتحدث بها المتطرفون تحدث بها "أحمد الرافعي" نفس الروح الكريهة التي تتلبس الإرهابيين تلبست "الرافعي" وفي اعتقادي فإن هذا الفنان الشاب يمثل شريحة كبيرة تشبعت بالكراهية فلم تر العالم إلا على حالين "مؤمن أوكافر" ولم يدركوا أن الله يقلب القلوب وإن الأحكام لا تلقى هكذا، وإن الزمن اختلف وإن 99% من حياتنا يتحكم بها "كفار" بحسب وصف "إخواننا" المؤمنين، بداية من التليفون الذي تمسك به فور استيقاظك، وليس انتهاء بالتليفزيون الذ تشاهد عليه الأفلام والمسلسلات، وحتى السخان الذي تستخدمه لحمام قبل النوم.
 
لن أجادل "الأخ" أحمد الرافعي هنا في مدى إيمان فرج فودة قال إنه "نافق" كما لو كان حيوانا، ولا العقوبة الشرعية لاتهام الدكتور خالد منتصر بأنه "متنصر" فأنا لا أريد الدخول في متاهات الإسلامجية البالية، ولا أحب مهاترات الاستدلالات والاستدلالات المضادة، لأن هذا الجدال لا يشغلني، ما يشغلني هنا هو دراسة تلك الحالة الغريبة من العنف التي تملأ كلمات هذا الشاب الذي درس المسرح ودرس الدين، فلم ينفعه الفن في تهذيب روحه ولم ينفعه الدين في ترقيق القلب.
 
تلك الحالة الغريبة من العنف والكراهية هي التي يجب أن ننتبه إليها، جيدا، فلو قرأ هذا الشاب في بعض كتب التاريخ أو بعض الاتجاهالت الفلسفية مثلا أو في مقارنة الأديان لأصبح ملحدا بشعا، يسخر من المؤمنين ويتهكم على المصليين، ويحارب كل من يختلف معه أو على الأقل يتمنى له الموت، وهذا من وجهة نظري مربط الفرس وأس البلاء، ولهذا يجب علينا أن ننتبه إلى شيئين وأن نحارب شيئين، أن ننتبه إلى معدلات العنف في حديث أبنائنا وأمنياتهم، وأن نتبه إلى ألفاظ الكراهية التي نتداولها ليل نهار حتى توغلت في وجداننا، وأن نحارب الاستسهال في كل شيء، وأن نحارب النفاق والمداهنة في كل شيء.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة