أكرم القصاص - علا الشافعي

القارئ صفوت عمارة يكتُب: الأمنُ ضرورة للتنمية وحفظ الأوطان

الإثنين، 11 مايو 2020 09:00 م
القارئ صفوت عمارة يكتُب: الأمنُ ضرورة للتنمية وحفظ الأوطان صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إن الأمن نعمةٌ عُظمى لا يعرف أهميته إلا من اكتوى بنار فقده، فوقع في الخوف والقلق والذُّعر؛ فقد قيل لأَحد الحكماء: أين تجد السّرور؟ قال: في الأمن فإنّي وجدت الخائف لا عيش له، ويُعدُّ شعور الناس بالأمن والطمأنينة في الأوطان، من أعظم نعم الله علينا بعد نعمة الإيمان، وقد أمر الله عباده بتذكَّر النعم في كل وقت وحين ليشكروه عليها، ويوفوا حقوقها لتدوم عليهم؛ فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آَمَنُوَا اذْكُرُوْا نِعْمَتَ الْلَّهِ عَلَيْكُمْ} (سورة المائدة : ١١)، وكلما شعر الإنسان بالأمن والاطمئنان وجب عليه الشكر لله تعالى.

 والشكر لا يكون باللسان فقط، بل بزيادة الإيمان بأفضل مما كان عليه، ويمكن استفادة هذا المعنى من امتنان الله سبحانه وتعالى على أهل مكة بالأمن والاستقرار، حيث جعلها بلداً حراماً يأمن الناس فيها، فقال تعالي: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} (سورة العنكبوت : ٦٧)، وفي آية أخرى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} (قريش: ٣ – ٤)؛ فقد جاء الأمنُ مقرونًا بالطعام الذي لا حياة للإنسان بدونه، فإذا تحقق الأمن استقرت الحياة في المجتمع، واستشعر جميع من فيه هناء العيش، والتمتع بالحياة الكريمة المستقرة، وعندما دعا الخليل إبراهيم عليه السلام لأهل مكة قال : {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ} (سورة البقرة : ١٢٦)؛ فقدم طلب الأمن على طلب الرزق لأن الأمن ضرورة، ولا يحصل الرزق بإنعدامه، وأيضًا خاطب يوسفُ عليه السلام والديه وأهله ممتنًّا بنعمة الله عليهم بدخولهم بلدًا آمنًا مستقرًّا تطمئنّ فيه نفوسهم: {وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} (يوسف : ٩٩)؛ فالأمن هو روح الحياة وقلبها النابض، وفي بيان أهميته قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" (رواه الترمذي) أي: جمعت له الدنيا.

 

يُعتبر الأمن الغاية التي سعت إليها الأمم والحضارات على مرّ العصور، كما أنَّ مُختلف الشرائع السماويّة حثَّت على وجود الأمن؛ باعتباره ضماناً للتطوُّر، واستمراريّة المُجتمعات، يُعدُّ الأمن ضرورة شرعية للحفاظ على الأوطان، حيث جاءت الشرائع السماوية على الضرورات الخمس وهى: الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال، وحرَّمت الشريعةُ كل وسيلةٍ تؤدى إلى النَّيْل من هذه المقاصد، أو التعرُّض لها، وشرعت من الأحكام الزاجرة ما يمنع التعرُّض لها أو يمسُّ بجوهرها، ولقد جمعت شريعةُ الإسلام المحاسنَ كلّها؛ فصانت الدين وحفظت العقول وطهَّرت الأموال، وصانت الأعراض، وأمَّنت النفوس؛ فالأمن في الإسلام مقصدٌ عظيمٌ وضرورة شرعية للحفاظ على الأوطان.

 ومن الجدير بالذكر أنّ الدُّول تسعى دوماً إلى ضمان أَمْنها الاجتماعيّ، والسياسيّ، والاقتصاديّ، بالإضافة إلى الحفاظ على الأمن الخارجيّ؛ علماً بأنَّ عدم تحقيق ذلك سيمنع نهوضها، وتطلُّعها إلى المستقبل، كما سيصبح الخوف مهيمناً على خطواتها، ومقيِّداً لتطلُّعاتها المستقبليّة؛ فالأمن والتنمية عنصران متلازمان، أي خلل في أحدهما ينعكس سلبا على الآخر، وأي استقرار أو تطور فيهما ينعكس إيجابا عليهما؛ لذلك فإنَّ تكامُل عناصر الأمن، وهي: الأمن الاجتماعيّ، والدينيّ، والثقافيّ، والاقتصاديّ، في أيّ مُجتمع يعتبَر دلالة على وجود بداية حقيقيّة لمُستقبل أفضل.

 

ومن وسائل المحافظة على نعمة الأمن والاستقرار، تحقيق العدل بين جميع أبناء الوطن، فإن الله عز وجل ينصر الأمة العادلة ولو كانت كافرة، ولا ينصر الأمة الظالمة ولو كانت مسلمة، والمقصود بالعدل هو تحقيق العدل في جميع جوانبه من العدل في الحكم، إلى العدل في القول، والقسمة، وتوزيع الثروات والحصول على فرص العمل، وتكافؤ الفرص في الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية؛ فإذا عم الأمن والاستقرار البلاد، وألقى بظله على الناس، أَمن الناس على دينهم وأنفسهم وعقولهم وأموالهم وأعراضهم ومحارمهم، وعمت الطمأنينة النفوس، وساد الهدوء والسعادة.

وللحديث بقية طالما في العمر بقية.

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة