أكرم القصاص - علا الشافعي

القارئ محمود حمدون يكتب : فقاعة صابون

الأحد، 08 مارس 2020 08:00 ص
القارئ محمود حمدون يكتب :  فقاعة صابون  فقاقيع صابون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أيام امتدت وأصبحت أسابيع طويلة وقد غابت عن الوجود، كنت أسمع عنها وأقرأ لها على فترات، تتدفق مشاعرها فيّاضة فتضع لمسة جمال على كل ما تلمسه بأناملها ..

 

لكن ما بالها قد اختفت ؟ أعلم عنها انزوائها ، تلك الحالة النفسية التي تأخذ بخناقها فتضطرب الصورة في عينيها وتُصبح الحياة أضيق من " ثقب إبرة " فيضيق الصدر حرجًا كـأنما تصّعد للسماء .

 

لكم حاورتها وهدّأت من روعها حتى تنفرج أساريرها قليلًا ، قلت لها: علاجك الوحيد وسبيل خروجك من تيهك هذا بالكتابة، أن تنغمسي فيها حتى أذنيك, لتصنعي حياة جديدة تمتد فقط بين قلمك وعقلك وتمر بقلبك الرقيق ..

 

 فكانت تضحك حتى أسمع تلك النغمة الموسيقية في صوتها تأتيني عبر الهاتف فأدرك أن الغُمّة قد انزاحت قليلًا للخلف , لكنها حتمًا ستعود , فمثلها تُثقل عليها الحياة بحمل مضاعف , أظنّها " سيزيف " في صورة أنثوية جديدة , تنكفئ على نفسها , يفور فؤادها بما ينوء العصبة من الرجال عن حمله , لكنها لم تنخّة أبدًا وأجزم أنها لن تفعل فهي كالنخيل تقف على قدميها حياتها حتى حين ..

 

اختزلت ما بيني وبينها من مسافات مكانية , فلم تعد للمادة قيمة هنا , حادثتها : تعاهدنا على أمر منذ أمد غير بعيد لكن أراك قد حنثت بالعهد فلمَ ؟

 

أخبرتني وهي تكفكف دموعها برموشها الحادة : أتصدقني إن قلت لك أنّي لم أعد أعرفني , شيء ما تاه في الطريق . لكن وقد خفتُ صوتها حتى كاد يٌصبح همسًا: هل تعرف عنّي البطر بالنعمة ؟! ثم لم تنتظر إجابة فشرعت في الإفاضة : لا ورب الكون ، فأنا راضية بكل شيء سعيدة سعادة لم تبلغها امرأة ، لكنّي أنظر إليّ من بعيد أرى واحدة أخرى أكاد أعرفها ، أخشاها قليلًا .

 

 صمتت ثواني ثم استأنفت قولها : سرعان ما أندم على شعوري هذا ناحيتها فأُقبلُ عليها بجوارحي لكنها تُعرضُ عنّي ، بيني وبين ذاتي نفور لا أعلم له سبب، ولست أدري منتهاه .. كان صوتها يتهدج بشدة ، أعلم أن جسدها الضئيل لم يعد به طاقة على الجدل .

 

لكنها تكابر بعناد مقاتل شرس، فأثنت بقولها : أتصدقني مرة أخرى إن قلت لك أنّي جاهدت كثيرًا في معرفة من أنا ؟ وماذا أريد منيّ ؟! , لم تعد يدي تطاوعني على الإمساك بالقلم ، لم يعد عقلي يُسعفني بمفرداتي اللغوية ، أقضي يومي كله أجري وراء الفكرة فإن حاصرتها وأوشكت أن أقبض عليها بيميني ، أجدها تتبخّر كفقاعة صابون يلهو بها طفل شقي في يوم عاصف .

 

قاطعتها في لحظة كانت تلتقط أنفاسها السريعة المتلاحقة حتى خشيت على قلبها، قلت لها: مثلُك استثناء ، والاستثناء لا يُقاس عليه ، نغمة صحيحة وسط جوقة من العازفين يُصرّون على لحنهم القديم لكن تذكّري وأقسم لك أن كلماتي السابقة لا تزال ترنّ في أذنيك , أن بعض الهيام غرام وأن الحياة بجبروتها ستصبح بيوم قريب كقطة وديعة تتمسح بساقيك .

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة