أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

نهاية العولمة .. والهوية الوطنية

الأحد، 09 فبراير 2020 11:06 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ارتبط مفهوم حقوق الإنسان بالتطور الكبير الذى شهده النظام الدولى، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وظهور العديد من المصطلحات، التي طغت عليها الصبغة السياسية، على غرار العولمة، ومفاهيم حرية التجارة، وغيرها من المبادئ التي كانت تهدف في الأساس لكسر الحدود الوطنية، من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية للقوى الجديدة الصاعدة على قمة النظام العالمى آنذاك، وهى الولايات المتحدة، باعتبارها القوى المنتصرة في الحرب والدولة القائد للمعسكر الغربى، وبالتالي كانت الفرصة سانحة أمامها لفرض شروطها على العالم.

وهنا ارتبط مفهوم حقوق الإنسان بالسياسة، أو بالأحرى بمصالح القوى الدولية الكبرى، حيث أصبح ذريعة الساسة للتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، عبر استخدام الأوضاع الإنسانية، للضغط على الخصوم، وهو النهج الذى مازال قائما حتى الآن، من أجل الامتثال لهم، وهو ما بدا على سبيل المثال في استخدام واشنطن لقضية هونج كونج تارة ومسألة أقلية الويغور المسلمة تارة أخرى للضغط على الصين، في إطار الحرب التجارية بين البلدين والتي اندلعت منذ اعتلاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عرش البيت الأبيض.

إلا أن ثمة تغيير ملحوظ قد طرأ، فيما يتعلق بالتعامل مع قضايا حقوق الإنسان على الساحة الدولية، تزامنا مع تغير المشهد الدولى، وتوجهه من جديد نحو الدولة الوطنية، بفضل صعود التيارات الشعبوية، وزيادة أسهمهم على الساحة السياسية، خاصة في دول الغرب، سواء في أوروبا أو أمريكا، حيث أصبح اهتمام القادة الدوليين بالمسألة الحقوقية مرتكزا على الداخل، على حساب العالم الخارجي، بما في ذلك القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لتتحول حقوق الإنسان، من مفهوم عالمى، إلى ما يمكننا تسميته بـ"حقوق المواطن".

وتقوم "حقوق المواطن" في مفهومها الجديد، على تحقيق أكبر قدر من الرفاهية الاقتصادية للمواطن داخل الدولة، بالإضافة إلى توفير أقصى درجات الأمن له، وهو ما يمثل انكفاءً على الداخل، بعيدا عن "التسييس"، والذى هيمن على المشهد الحقوقى العالمى، طيلة عقود طويلة من الزمن.

فلو نظرنا إلى النموذج الأمريكي، منذ صعود ترامب، نجد أن الحديث عن "حقوق الإنسان"، أصبح محدودا للغاية، رغم أنه لم ينته تماما، وهو الأمر الذى يبدو في التقارب بين الإدارة الأمريكية وكوريا الشمالية، على سبيل المثال، رغم الانتقادات التي تطلقها كافة المنظمات الحقوقية، تجاه "انتهاكات" بيونج يانج الإنسانية، بينما أصبحت الأولوية لدى الرئيس الأمريكي لحقوق المواطن، عبر التركيز على الاقتصاد، ومكافحة الهجرة، التي طالما مثلت تهديدا صريحا للأمن والاقتصاد لسنوات.

ولعل حرص ترامب على تكريم أسر ضحايا الجيش الأمريكي، وغيرهم من المواطنين خلال خطاب "حالة الاتحاد"، والذى ألقاه في الكونجرس الأسبوع الماضى، دليلا دامغا على تغير الرؤية الحقوقية الأمريكية، بالإضافة إلى لفت الأنظار إلى الإهمال الذى ساد الإدارات السابقة، لـ"حقوق المواطن"، في ظل دفاعهم القوى عن حقوق الإنسان، في مختلف مناطق العالم، بينما تجاهلوا معاناة المواطن الأمريكي، الذى دفع ثمنا باهظا لتلك السياسات.

وهنا يمكننا القول بأن نهاية عصر العولمة، لم يعد مقتصرا على التجارة، والاقتصاد، وإنما أصبح أكثر شمولا ليمتد لمصطلحات وسياسات ارتبطت بصورة كبيرة بظهورها على الساحة الدولية، مما يعنى أن العالم أصبح على شفا حقبة جديدة، تشهد تحولا جذريا في العديد من المفاهيم والسياسات الدولية التي سادت المجتمع الدولى لعقود.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة