أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

انتخابات "رئاسة" العالم.. بنكهة ثورية

الأحد، 13 ديسمبر 2020 12:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عندما ثارت أزمة التغيرات المناخية، خلقت صراعا دوليا بين الدول المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، من جانب، ودول العالم النامى، من جانب أخر، حول الالتزامات البيئية التي من شأنها تخفيض نسبة الانبعاثات الكربونية، حيث أصرت الدول الصناعية الكبرى، على إلزام الأخرين بنفس الالتزامات التي وضعتها على عاتقها لإنقاذ الكوكب، متجاهلين حاجة الدول الفقيرة لتحقيق التنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى حقائق أخرى مفادها أن الطفرة الصناعية التي شهدتها دول العالم الأول منذ نهاية الحرب العالمية الثانية هي المسئول الأول عن الكوارث البيئية التي يشهدها العالم.

 

ولعل الصراع الذى شهدته المائدة الدولية حول التزامات الدول بخفض انبعاثات الكربون، كان بمثابة "بروفة" حقيقية لطبيعة الصراع الدولى الجديد، الذى شهد متغيرات كبيرة لعقود طويلة من الزمن، بدءً من صراع الامبراطوريات العسكرية الكبرى، إبان الحقبة الاستعمارية، مرورا بصراع الأيديولوجيات في أعقاب الحرب العالمية الثانية، والذى كان أبطاله الشيوعية السوفيتية والرأسمالية الأمريكية، وحتى صراع الحضارات، والذى أعقب حقبة الحرب الباردة، والذى كانت أطرافه الحضارة الغربية، والثقافة الإسلامية، والذى تجلى في أبهى صوره في أعقاب أحداث 11 سبتمبر.

 

ولعل الجانب المشترك في طبيعة الصراعات المذكورة، منذ الحرب العالمية الثانية، أنها جاءت برسم أمريكى، بمعنى أنها صراعات خلقتها واشنطن، وخططت لها، فعلى سبيل المثال نجد أن صراع الحضارات، كان مجرد نظرية أمريكية رسمتها الولايات المتحدة، في صورة نظرية حملت نفس الإسم في مقال بصحيفة "فورين أفيرز"، للكاتب الأمريكي صموئيل هنتنجتون، مع بداية التسعينات من القرن الماضى، لتتجسد في الواقع بعدها بأقل من 10 سنوات، خلال حقبة جورج بوش الإبن، فيما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب"، والتي تحولت إلى معركة ضد الدين الإسلامي.

 

يبدو أن ثمة تغيير صريح في وجهة الصراع الدولى، ليتحول إلى ما يشبه "الصراع الطبقى"، بين الدول الغنية، والفقيرة، وهو ما يمثل بدوره ترجمة للخلاف الكبير حول مسئولية التغيرات المناخية، قبل عقد من الزمان، ليصبح المجتمع الدولى في حالة أشبة بـ"الثورة" على سطوة دول العالم المتقدم، بسبب الفوارق الواسعة بين الأغنياء والفقراء من الدول، في امتداد صريح لحالة الاحتقان المجتمعى داخل قطاع كبير من الدول، والتي بدأت في منطقة الشرق الأوسط، إبان "الربيع العربى"، ثم امتدت إلى مناطق أخرى في العالم، سواء في أوروبا الغربية أو دول أمريكا الجنوبية، وانتهاءً بالولايات المتحدة.

 

إلا أن الجديد في الصراع الدولى، أنه لم يأتي بتخطيط أمريكى، كما كان الحال في الصراعات السابقة، سواء كانت أيديولوجية أو ثقافية، وإن كان بسبب "الوحشية" الرأسمالية، التي تبنتها دول العالم المتقدم، بقيادة أمريكا، وهو ما يعنى أن الولايات المتحدة ربما لن تكون قادرة على السيطرة على زمام الأمور في المرحلة المقبلة، خاصة وأن دولا أخرى، على غرار الصين، تبدو مستعدة لخوض الصراع الجديد، منذ البداية، عبر تبنيها ودفاعها عن حقوق دول العالم النامى، في الحياة والتنمية، إبان الحديث عن أزمة التغيرات المناخية في مهدها، ربما لتحظى بثقة كبيرة في المجتمع الدولى، تمنحها الشرعية في تقديم نفسها كـ"مرشح" محتمل في "معترك" القيادة الدولية.

 

نجاح الصين الكبير في الحصول على الشرعية الدولية لخوض ما يمكننا تسميته بـ"انتخابات" رئاسة العالم الجديد، تكلل بصورة كبيرة في أزمة كورونا، ليس فقط عبر نجاحها الأول في احتواء الأزمة في الداخل، أو بعد ذلك عبر دبلوماسيتها الإغاثية، وإنما أيضا في نجاحها في تقديم لقاح فعال، يمكن تقديمه لدول العالم النامى، عبر ظروف يمكن تحقيقها، سواء من ناحية السعر أو البيئة التي يجب توفيرها للحفاظ على فاعليته، خاصة إذا ما قارناه، بلقاحات أخرى، والتي تحتاج درجات حرارة معينة يصعب توفيرها، وبدونها يصبح اللقاح بلا جدوى، ناهيك على أسعارها الفلكية.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة