أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد ثروت

الخطاب الديني وثلاث معضلات كبرى

الأحد، 11 أكتوبر 2020 04:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من بين محاولات تجديد الخطاب الديني الجادة، سلسلة رؤية التي أصدرتها الهيئة العامة للكتاب بالتعاون مع وزارة الأوقاف، في شكل سلسلة كتيبات صغيرة توعوية قام بتأليفها نخبة من العلماء من مختلف الأجيال بإشراف الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف.

 

وقد لفت انتباهي كتيب صدر بعنوان "مفاهيم يجب أن تصحح في مواجهة التطرف"، قام بإعداده كل من الدكتور عبد الله النجار، والدكتور محمد سالم أبو عاصي من علماء الأزهر الشريف، حيث تضمن الفصل الرابع عشر الحديث عن ثلاث معضلات كبرى تواجه الخطاب الديني، المعضلة الأولى: هي معضلة الجمود، حيث يدعي بعض الخطباء والدعاة وخصوصا من السلفيين أن باب الاجتهاد قد أغلق، وأن الأمة لم ولن تلد مجتهدا بعد، متناسين أن الله لم يخص بالعلم ولا بالفقه قوما دون قوم، أو زمانا دون زمان. أما المعضلة الثانية فتدور حول الخوف من الإسلام في الغرب أو ما يعرف بـ "الإسلاموفوبيا"، حيث تذهب بعض التيارات اليمينية في أوروبا والغرب إلى أن الرد على التطرف يكون بالذهاب إلى النقيض الآخر، مما يعود بنا إلى عقود من الصراع الحضاري والخلط بين مواجهة التطرف ومواجهة الدين والمسلمين في المجتمعات الغربية، بالتشدد تجاههم ووضعهم في سلة واحدة مع العناصر المتطرفة.

 

إن مواجهة التطرف لا تقتضي تجفيف منابع التدين، وظهور موجات من الإلحاد والانحلال الأخلاقي، بل البحث عن جذور التطرف بين أتباع الأديان من خلال التأويل الحرفي للنصوص، وإغلاق باب الاجتهاد. وذلك يقودنا إلى المعضلة الثالثة التي تواجه الخطاب الديني، وهي الخوف من التجديد أو التجاوز فيه، رغم أن هناك بعض الفتاوى المرتبطة بسياق عصر بعينه وظروفه ومشاكله، لا تتناسب مع تعقيدات عصرنا الحاضر، ولذلك اعتمد العلماء على العرف والعادة في معالجة المستجدات، بقصد تحقيق مصالح الناس، يقول ابن القيم:" ومن افتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم، فقد ضل وأضل".

 

إن قضية تجديد الخطاب الديني ليست مسؤولية الدعاة فقط، بل هي مسؤولية مشتركة للإعلاميين والأكاديميين من مختلف التخصصات في سبيل إيجاد خطاب ديني يراعي تطورات العصر، واختلاف المجتمعات والظروف الاجتماعية والاقتصادية والعوامل الثقافية، والرد على أصحاب الدعوات المتطرفة، لا يكون بإنكار الدين وأهميته في المجتمعات، بل بالحوار المجتمعي بين رجال الدين والعلماء، حول سبل علاج التطرف والإلحاد أي التشدد والتشدد النقيض من جهة أخرى.  أفلا تعقلون؟

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة