أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

عالم جديد من قلب صراعات باردة.. نهاية التاريخ ليست أمريكية فقط

الأربعاء، 29 مايو 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التحولات الكبرى لا تحدث فجأة، لكنها تتشكل بالكم لتظهر التحولات بعد سنوات وربما عقود، والعالم الذى نراه اليوم يختلف عما كانت تقدمه وعود التسعينيات من القرن العشرين وما بعدها، عندما جرت حرب  تحرير الكويت كانت الولايات المتحدة ما تزال قطبا قادرا على حشد العالم، بينما يتراجع الاتحاد السوفيتى. الولايات المتحدة هى التى صاغت النظام العالمى الجديدالذى تشكل بشكل أوضح حتى بداية الألفية.
 
وبعد 11 سبتمبر شنت الولايات المتحدة بقيادة جورج دبليو بوش غزواتها وظهرت نظريات نهاية التاريخ خاصة على كتابات فرانسيس فوكوياما.الذى رأى أن التاريخ يتوقف عند النموذج الرأسمالى بعد اختفاء النموذج الاشتراكى. 
 
استند فوكوياما إلى نظرية الفيلسوف الألمانى هيجل عن نهاية التاريخ باعتباره النموذج الليبرالى. كان الاتحاد السوفيتى ما يزال يعانى من صدمة المستقبل، وروسيا تعانى من فوضى مع احتمالات التفكك هى الأخرى ووجد اليمين الأمريكى فى جورج دبليو بوش فرصة لتطبيق نظريات الغزو الليبرالى وفرض القوة العظمى الوحيدة، متجاهلين الصعود اللافت للصين واليابان. كان منظرو نهاية التاريخ يقللون من قيمة أى منافسة من الصين أو اليابان أو آسيا. ورأوا أن الصين تتمرد على مبادئ ماوتسى تونج وتتجه إلى المعسكر الغربى الرأسمالى، منها إلى الشيوعى، ولعبت الولايات المتحدة فى الحرب الباردة على تناقض الصين والسوفييت.
 
واليوم الصراع الأمريكى مع الصين، ليس نتاج الحاضر لكنه نتاج تراكمات منذ تسعينيات القرن العشرين، ومطالب أمريكا بوقف دعم الصين للصناعة أو خطوات حصار نتاج الجيل الخامس من التكنولوجيا والتى يشنها ترامب جاءت بعد فوات الأوان وبعد تغلغل الصين فى كل أنحاء العالم.
 
الحرب التجارية أوضح مع الصين، لكن أمريكا تخوضها مع أوروبا، لكنها تختفى خلف التصعيد مع الصين وإيران، وهناك تقارير نشرتها جازيتا الروسية حول تهديد أمريكى للاتحاد الأوروبى بعواقب اقتصادية وسياسية إذا استمر فى تطوير برامجه الدفاعية، بعيدا عن الولايات المتحدة، وهناك تيار داخل الاتحاد الأوربى يعارض الولايات المتحدة ويدافع  عن سياسة أوروبية مستقلة، بما فى ذلك فى مجال الدفاع. 
هناك جبهات متعددة تفتحها الولايات المتحدة مع الصين وأوربا وإيران فضلا عن التنافس التقليدى مع روسيا الصاعدة سياسيا بشكل أكثر مما كان أثناء الحرب الباردة. روسيا تعمل وفق مصالح رأسمالية وتجارية، وتنتبه إلى تحركات الولايات المتحدة، وموسكو كانت اللاعب الحاسم فى سوريا فى مواجهة داعش، وترعى موسكو المفاوضات السياسية الخاصة بسوريا وترفع أصابع الاعتراض مع الصين ضد التدخلات الأمريكية فى فنزويلا. وفى إيران هناك تحركات دبلوماسية لمنع تطور الصراع إلى حرب. 
 
وكل هذا يعكس تصورا بأن الولايات المتحدة لم تعد هى اللاعب الأساسى، مثلما كانت بعد الحرب الباردة، وحتى التصعيد مع إيران يبدو محسوبا يختلف عما كان  قبل 20 عاما، إيران تلوح بوكلاء يمكنهم إيذاء المصالح الأمريكية مع حرصها على تجنب الصدام. 
 
التحولات العالمية تحاصر أوروبا مع إشارات التفكك، بعد الاستفتاء البريطانى على البريكست وصعود اليمين الأوروبى الرافض للانفتاح ووقف هجرات وغيره، وعليه فإن المعسكر الغربى الذى بدأ هو النموذج ما بعد الحرب الباردة عاد ليظهر فى خرائط جديدة، باعتبار أن نهاية التاريخ ليست أمريكية ولا أوروبية فقط.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة