أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

الانتحارى المراهق.. كيف تصنع إرهابيا بلا عقل؟

الأربعاء، 10 أبريل 2019 07:11 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العملية الإرهابية الأخيرة فى سوق الشيخ زويد واحدة من عمليات بالرغم مما تسببه من خسائر وتسقط شهداء، لكنها تكشف عن شعور باليأس بين التنظيمات الإرهابية، يدفعهم لتنفيذ عمليات لإثبات وجود، ويلفت النظر أن الإرهابيين استعملوا «مراهق» عمره  15 سنة، تم تفخيخه ليفجر نفسه فى السوق، ودليل اليأس هو تنفيذ عملية وسط المدنيين، لتسقط شهداء من الشرطة، ومعهم شهداء مدنيون بينهم طفل.
 
وربما تكون التنظيمات أو من يخططون وينفقون المال، لهم مصالح ما من تجارة الإرهاب، فما هى مصلحة الإرهابى الذى يتبرع بقتل وتفجير نفسه ليقتل مواطنين، وهو يتصور أنه يقترب من الجنة، بينما هو يقتل ويسرق وينفذ تعليمات لقيادات ربما لا يعرفهم، وربما يكون المال أحد العوامل، لكن إلغاء العقل هو الأساس فى تجنيد مراهق مع وعد بالجنة ليتم إرساله للجحيم.
 
ولم تتوان تنظيمات الإرهاب عن استخدام الأطفال والمغيبين بعد غسل عقولهم، وتحويلهم إلى قنابل بشرية انتحارية، وهناك أمثلة كثيرة على تفخيخ الأطفال فى سوريا والعراق، وتجنيد المراهقين بل والأطفال، ومعروف أن التنظيمات الإرهابية تعرف أن الجيش والشرطة فى مصر عندما يواجهون الإرهاب، فهم يضعون فى اعتبارهم سلامة المدنيين والأبرياء، بينما لا تحمل تنظيمات الإرهاب هذا الخوف تجاه المدنيين. 
 
أشرنا من قبل إلى أن تجنيد مراهق عن طريق غسيل المخ، ممكن،  خاصة أن التنظيمات الإرهابية، تنتقى أطفالًا أو مراهقين ذوى تركيبة خاصة يعانون من اختلالات تجعل لديهم استعداد لتنفيذ تعليمات القيادات من دون مناقشة، وإذا كان هذا يتم مع الكبار، فالأسهل أن يتم مع المراهق. وقد أشرنا إلى أن  لعبة الحوت الأزرق، تقدم تفسيرًا لقرار الشباب صغير السن بالانتحار، بما يفك جزءًا من لغز تحويل الشباب إلى انتحاريين فى صفوف التنظيمات الإرهابية، حيث التشابه بين التزام بعض ضحايا لعبة الحوت الأزرق بتعليمات مجهولة بالموت، مثلما يحدث فى شباب الإرهاب تحت اسم السمع والطاعة، التى تحولهم إلى أدوات قتل مبرمجة وقنابل يفجرون أنفسهم. 
 
وفى بريطانيا كانت قصة عمر حقى، المعلم البريطانى الداعشى فى لندن، الذى قرر تشكيل جيش من الأطفال، لتنفيذ هجمات إرهابية، أدانته المحكمة واثنين من معاونيه بعد أن استمر لسنوات يعلم 110 أطفال بريطانيين الإرهاب فى محاولة لتشكيل «جيش أطفال»، لتنفيذ موجة من الهجمات الإرهابية فى لندن، كان يدرس للأطفال لقطات فيديو لقطع رؤوس، ويشرح لهم عظمة الإرهاب وأهمية العنف، ونجح عمر فى تحويل أطفال بين سن الحادية عشرة والرابعة عشرة لاعتناق الفكر المتطرف، وكان يستخدم التخويف ليجبرهم على السرية، ويهددهم بالذبح والحرق، حتى سيطر عليهم». 
 
وقد اكتشف الأوروبيون أن مواطنيهم قابلون للانخراط فى الإرهاب، وأن آلاف المراهقين والشباب من بريطانيا وألمانيا وبلجيكا وسويسرا والدنمارك وسويسرا، ولدوا وتعلموا وعاشوا فى أوروبا وانضموا إلى داعش، ومازالوا يمثلون أزمة وترفض بعض دولهم استقبالهم. 
 
وهناك تشابه بين الشباب الذى ينفذ تعليمات مجهولة بالانتحار فى لعبة الحوت الأزرق وأمثاله من أعضاء التنظيمات الإرهابية الذين يفجرون انفسهم فى تجمعات لا يعرف منهم أحد فى أسواق ببغداد أو مركز انتخابى بباكستان، أو كنيسة فى مصر أو حاجز أمنى، أو سوق. 
 
 وكشف الصحفى الألمانى كريستوفر رويتر فى كتابه «السلطة السوداء» عن الربط بين داعش وعلاقاته الاستخبارية، بأن عملية التجنيد داخل التنظيم تتم بطرق نفسية وليس فقط استغلالا للتأثير الدينى، وحاول كشف الكيفية التى يتم بها تجنيد الشخص العادى ليصبح إرهابيا ومستعدا لتنفيذ تعليمات زعماء، ربما لا يعرفهم، وليس بينه وبينهم علاقة.
وخلال السنوات الأخيرة اهتمت بعض المراكز بمحاولة بحث الكيفية التى يتم بها تجنيد صناعة الإرهابيين، بعد ظهور معطيات تلغى تفسيرات ربطت الإرهاب فقط بالحالة الاقتصادية والاجتماعية للإرهابى، بعد ظهور إرهابيين انضموا لداعش وهم مولودون فى أوروبا فى أسر مستقرة ماديا وتعليميا. 
 
لهذا فإن  ملف الإرهاب يحتاج إلى دراسات نفسية وعقلية، للتعرف على كيفية تحويل الشاب العادى إلى قنبلة أو إرهابى مجرم يمارس أقصى درجات الوحشية التى تتجاوز أحيانًا كثيرة سلوك المجرمين المشهورين بالدموية فى ارتكاب جرائمهم.  ويمارس الواحد منهم القتل بدم بارد، لا يفرق معه نوعية الضحية أو براءتها، وبالتالى فإن الإرهابى تكون لديه من الأساس ميول إجرامية، يغلفها بغلاف من العقيدة ليبرر لنفسه القتل بلا رحمة.
 
أن يتخذ شاب قرارا بالانتحار بناء على تعليمات من شخص أو أشخاص لا يعرفهم، وتفصله عنهم آلاف الكيلومترات، يحتاج إلى تركيبة خاصة واستعداد نفسى، وهو ما يحدث فى لعبة الحوت الأزرق، وهو ما  ينقلنا إلى تفهم التركيبة النفسية للانتحاريين فى صفوف التنظيمات الإرهابية، وما يحاول الأوروبيون تفهمه، بحثا عن الأسباب التى تحول الشباب الذى ولد ونشأ فى أوروبا إلى انتحاريين، ينخرطون فى صفوف داعش وأخواتها ليقتلوا بشرا لا يعرفوهم ولا يفهمون قضاياهم. والفكرة ليست فقط تحول 5 آلاف شاب أوروبى إلى إرهابيين ولكن كيفية تحويل بعضهم إلى أجسام مفخخة، تنفذ تعليمات الزعماء، بالموت وقتل الغرباء فى كل مكان من دون تمييز. 
 
والتنظيمات الإرهابية مثل داعش وبوكوحرام هى الأكثر وحشية وعنفا، داعش مثلا أكثر وحشية ودموية من القاعدة، وظهر ذلك فى حجم العنف وعمليات القتل والذبح والحرق التى يمارسها، والقاعدة كانت أكثر عنفا من سابقيه، وإن كان أغلب أفكارهم تنبع من نظريات سيد قطب، وتنظيم الإخوان الذى يعد أصل هذه التنظيمات. 
 
كل هذا يمكن ان يقدم تفسيرا لكيفية تجنيد مراهق لقتل بشر لايعرفهم، بناء على وعد وهمى من شخص لايعرفه، مثلما جرى فى سوق الشيخ زويد. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة