أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

«المنقول المنزول».. الرأى العام والخاص فى زمن الافتراضى الواقعى!

الأحد، 03 مارس 2019 07:04 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عصر التواصل كيف يمكن للمواطن الطبيعى أن يتوصل لوجهة نظر وسط تزاحم وتناقض يصل إلى حد التشويش، خاصة أن الشخص الواحد لا يجد نفسه بين خيارين فقط، ولكن أمام عشرات البوستات والتقارير، ولهذا فإن نفس الشخص يمكن أن يتبنى خيارين متناقضين بفارق ساعات قليلة، هل الرأى العام هو الذى يعبر عن الغضب والانتقاد أم أنه يقدم رأيا فنيا فاصلا؟ ونقصد هنا المواطن الطبيعى الذى يشعر بالغضب والحزن، ويبحث عن الحقيقة وسط ركام من الآراء والأخبار والشائعات والتفاصيل والتحليلات التى تتراوح بين السطحية والعمق، أو بين الرأى الفنى والنقل المباشر من مصادر مجهلة.
 
مع كل حدث يظهر تعبير «الرأى العام» بوصفه صاحب التأثير الأهم فى الكثير من المناسبات، و«الرأى العام»، قبل عصر الاتصالات وأدوات التواصل، ليس هو نفسه قبلها، ولم يظهر تعبير أكثر غموضا وتداخلا مثل الرأى العام، بينما قطاع آخر رفعوا من حجم وتأثير هذا الرأى العام، فإن بعض المفكرين نفوا وجود ما يسمى الرأى العام، فيما يتعلق بالقضايا الكبرى، وتحدث جوستاف لوبون عن الانحياز الأعمى وسهولة التلاعب فى آراء الجمهور بشكل يدفعه لاتخاذ مواقف عاطفية ضد مصالحه أحيانا، وفى المقابل، فإن أدوات التواصل تفرض واقعا يصعب تجاهله، وسواء كان حقيقيا أو مزيفا، فإن على المجتمع التعامل معه والسعى لتعظيم ميزاته، وعلاج أمراضه.
 
فى ساعات قليلة من حادث قطار، نكتشف حولنا مئات من خبراء السكك الحديدية يقدمون آراء فنية أغلبها منقولة من زملاء لهم ليس من بينهم متخصص، وهو نفس ما يحدث فى قضية المفاعلات النووية، أو صراع الهند وباكستان أو مفاوضات الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
 
وعلى سبيل المثال لو راجع البعض الموقف من وزير النقل هشام عرفات خلال حادث قطار محطة مصر، فقد سارع بعض المعلقين بتحميل وزير النقل المسؤولية وطالبوا بإقالته وآخرون طالبوا بمحاكمته، بوصفه مسؤولا عن كل من هم تحت قيادته حتى أصغر عامل فى المزلقان، تماما مثل رئيس هيئة السكك الحديدية، وقدم الرجل استقالته متحملا المسؤولية السياسية، وعلى الفور عاد بعض هؤلاء ليقولوا إن الوزير السابق فى ظل ما ظهر من إهمال جسيم من السائق وأبراج المراقبة لا يمكن تحميله المسؤولية، اللافت للنظر أنه لم تتم إقالة أو محاسبة أى من المسؤولين الكبار.
 
حادث القطار ليس أول ولا آخر نموذج لاختلافات الرأى العام لدرجة التناقض، مع الأخذ فى الاعتبار أن أغلب ما يتم تداوله بين آراء مباشرة، أو بكائيات وغضب أو «كوميكس». وقليل منه آراء منقولة بعضها منسوب إلى خبراء، والبعض شهادت منقولة مشكوك فى مصادرها.
وأغلب هذه الشهادات لا يمكن التثبت من صحتها، لأنها متناثرة مثل شاهد يتحدث عن إغلاق أبواب، وآخر يوجه اتهامات، وكل من هؤلاء «شاهد ماشافش حاجة»، لأنهم لا يظهرون فى أى نوع من التحقيقات، ويكتفون بإعلان شهادات تبدو أحيانا مقصودة لإثبات وجهة نظر.
 
ونفس الأمر فيما يتعلق بتحليلات تنسب لخبراء نقل أو قطارات يظهرون فجأة، ويبدأها الناشرون على صفحات التواصل بعبارة شهادة خطيرة، أو اقرأ هذا أو سر خطير، بينما لا تعدو أن تكون وجهات نظر غير موثقة وأصحابها لا يظهرون فى فيديو مثلا أو فى حسابات موثقة.
 
ونتذكر خلال السنوات الماضية عشرات الشهادات والمقولات منسوبة لمفكرين أو سياسيين أو كتاب، اتضح أنها لا تمت لهم بصلة، ومع هذا تنتشر فى ظل تزاحم على الأضواء المتاحة من لايكات أو إعادة نشر «شير» أو نقل، ولا نعرف إن كان بالفعل «منقول أو منزول».
والمثير أن نفس كتل المعلقين الذين ينخرطون فى مناقشة حادث كبير، سرعان ما ينصرفوا إلى تريندات حول موضوعات أخرى حتى لو كانت عن عاشق مجهول أو مطرب ممحون، لتبدأ أسئلة مهمة حول ما يعنيه الرأى العام فى زمن الزحام الافتراضى. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة