أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

الجولان.. ولعبة "المصالح المتبادلة"

الثلاثاء، 26 مارس 2019 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
القرار الأخير الذى اتخذه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان يمثل حلقة جديدة من سلسلة الانحياز الأمريكى إلى إسرائيل، منذ بداية حقبة الإدارة الحالية، وعلى رأسها قرار مشابه بالاعتراف بالقدس كعاصمة للدولة العبرية، وكذلك الانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى، فى انتهاكات صريحة ومتواصلة لقرارات الشرعية الدولية، وخروجا عن الإجماع الدولى، وهو ما يمثل تهديدا صريحا للاستقرار والأمن فى منطقة الشرق الأوسط، عبر الإخلال بتوازن القوى لصالح إسرائيل.
 
ولعل التوقيت الذى خرج فيه القرار الأمريكى، والذى يتزامن مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية، يعطى انطباعا حول أبعاد أخرى للخطوة الأمريكية، خاصة وأن رئيس الوزراء الإسرائيلى يواجه موقفا حرجا فى الداخل الإسرائيلى، جراء اتهامات الفساد التى يواجهها، قبل السباق الانتخابى، المقرر انطلاقه فى 9 أبريل المقبل، والتى يواجه فيها نتنياهو منافسة قوية من رئيس الأركان السابق بالجيش الإسرائيلى بينى جانتس.
 
وهنا يمكننا القول بأن اعتراف ترامب بإسرائيلية الجولان يمثل "هدية" لحليفه الإسرائيلى، ورسالة مفادها أن الإدارة الأمريكية ستواصل دعمها للدولة العبرية، فى مواجهة التهديدات التى تواجهها، وعلى رأسها إيران، والتى تتواجد قواتها بالقرب من الحدود السورية، وهو الأمر الذى يمثل قلقا بالغا للإسرائيليين فى المرحلة الراهنة، وذلك بالرغم من قرار واشنطن الانسحاب عسكريا من الأراضى السورية، وهو القرار الذى اعتبره الكثير من المتابعين والمحللين بمثابة فرصة لطهران لتوطيد نفوذها فى سوريا.
 
إلا أن الرئيس الأمريكى ربما لم يعتاد على تقديم المنح المجانية لحلفائه، وهو الأمر الذى يطرح تساؤلات حول ماهية المقابل الذى تتطلع إليه واشنطن فى المرحلة المقبلة من الحكومة الإسرائيلية، خاصة وأن موقف ترامب، والذى يستعد هو الأخر لانتخابات الرئاسة الأمريكية، والمقررة فى أواخر العام المقبل، ليس أفضل حالا من نتنياهو، فى ظل الانقسام حول سياساته وإدارته للعديد من القضايا فى الداخل والخارج، وهو الانقسام الذى خرج من إطار المنافسة التقليدية بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى، ليمتد داخل الحزب الجمهورى، والذى يمثله ترامب داخل البيت الأبيض.
 
وتمثل ورقة اليهود الأمريكيين أحد أهم الأوراق التى يراهن عليها الرئيس ترامب فى صراعه السياسى فى الداخل الأمريكى، وهو ما بدا واضحا، ليس فقط فى قراراته المنحازة لإسرائيل، ولكن أيضا فى العديد من المواقف الأخرى فى الداخل الأمريكى، وعلى رأسهم انتقاداته اللاذعة للنائبة الديمقراطية إلهان عمر، اتهامها بمعاداة السامية على خلفية تصريحاتها بشأن لجنة الشئون العامة الأميركية الإسرائيلية، والتى اتهمتها بدفع الأموال للساسة الأمريكيين مقابل الحصول على دعمهم لصالح إسرائيل، حيث طالبها الرئيس ترامب بالاستقالة، مؤكدا أن اعتذارها لا يكفى.
 
لم تتوقف محاولات ترامب على استقطاب اللوبى اليهودى فى الداخل الأمريكى على مجرد التصريحات الداعمة لهم أو القرارات الداعمة لإسرائيل فقط، وإنما امتدت إلى تقديم دعوة مباشرة قبل أسابيع، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، طالب فيها اليهود الأمريكيين الأعضاء بالحزب الديمقراطى بالانشقاق عنه والانضمام إلى الحزب الجمهورى.
 
وبالتالى، فإن الخدمة التى قدمها ترامب إلى نتنياهو فى التوقيت الحالى، ربما ينتظر منه ردها فى المستقبل القريب، فى ظل التأثير الذى يحظى به داخل أروقة المنظمات اليهودية، لاستقطاب اليهود الأمريكيين نحو دعم الإدارة الحالية، والحشد لصالحها قبل انطلاق الانتخابات الرئاسية المقررة فى نوفمبر 2020.
 
وهنا تظهر لعبة "المصالح المتبادلة" واضحة بين الرئيس الأمريكى ورئيس الوزراء الإسرائيلى، خاصة وأن القرارات الأمريكية المتعلقة بالشأن الدولى والتى أثارت الكثير من الجدل، وخاصة الداعمة لإسرائيل، ارتبطت إلى حد كبير بالوضع فى الداخل الأمريكى، وهو ما يبدو واضحا فى التزامن بين قرار الانسحاب الأمريكى من القدس مع ارتفاع حدة الجدل حول التواطؤ بين ترامب وروسيا إبان الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وكذلك الانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى، والذى تزامن مع المعارضة الشديدة لقراراته حول فرض الرسوم الجمركية على الدول حلفاء واشنطن وارتفاع وتيرة الحرب التجارية بين أمريكا والصين، والحديث الذى تواتر حينها عن تداعيات مثل هذه الحرب على الاقتصاد الأمريكى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة