أكرم القصاص - علا الشافعي

حرب دولية ضد التكنولوجيا لاحتواء التهديدات أم لإنهاء عصر العولمة؟.. داعش والجواسيس نجحوا فى اختراق الغرب عبر الـ"سمارت فون".. والتحرك يمثل امتدادا لتمرد "السترات الصفراء" لإنهاء عصر الانفتاح والحدود المفتوحة

الخميس، 21 فبراير 2019 04:00 ص
حرب دولية ضد التكنولوجيا لاحتواء التهديدات أم لإنهاء عصر العولمة؟.. داعش والجواسيس نجحوا فى اختراق الغرب عبر الـ"سمارت فون".. والتحرك يمثل امتدادا لتمرد "السترات الصفراء" لإنهاء عصر الانفتاح والحدود المفتوحة
تحليل يكتبه - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مشروع قانون جديد تبناه المشرعون الروس يهدف إلى حظر استخدام الأجهزة الإلكترونية التى يمكنها التقاط الصور أو مقاطع الفيديو، أو تحديد الموقع الجغرافى للمستخدمين، بين أفراد الجيش الروسى، على اعتبار أن مثل هذه الأجهزة تمثل خطورة كبيرة ليس فقط على الجنود وإنما يمتد التهديد الذى تمثله مثل هذه الأجهزة على الأمة بأسرها، حيث يمكن استخدامها لتصوير مواقع عسكرية حساسة أو لتحديد مواقع التدريبات، وهو ما يؤدى إلى استهدافها من قبل جماعات مناوئة، سواء كانت إرهابية أو تابعة لدول أخرى.

القانون الروسى الجديد، والذى حظى بقبول البرلمان فى الساعات الماضية، يمثل جزءا من الحرب التى تشنها العديد من دول العالم على الطفرة الإلكترونية الهائلة، التى أصبح من الممكن استخدامها لتحقيق أهداف دول بعينها، أو مؤسسات محددة، حيث سبقها إلى ذلك العديد من الدول الأخرى، على رأسها الولايات المتحدة، والتى قدمت مثل هذا الطرح على لسان وزير دفاعها السابق جيمس ماتيس، حيث أكد أنه من المحتمل أن يتم فرض حظر على استخدام الهواتف الذكية داخل البنتاجون، وقد يمتد إلى القواعد العسكرية سواء فى داخل الولايات المتحدة أو خارجها، كما اتخذت بلجيكا قرارا مماثلا فى أواخر ديسمبر الماضى.

قرية صغيرة.. داعش المستفيد الأكبر من التكنولوجيا الحديثة

وهنا يصبح العالم بصدد ثورة دولية لدحض التهديدات التى فرضتها التكنولوجيا الحديثة فى الآونة الأخيرة، والتى تمثل جزءا رئيسيا من النظام الدولى الذى أرسته حقبة العولمة فى السنوات الماضية، إلى جانب سياسات الحدود المفتوحة وحرية التجارة، وغيرها، فى إطار استراتيجية تهدف إلى تحويل العالم إلى "قرية صغيرة"، خاصة مع النجاح الكبير الذى حققته العديد من الجماعات المسلحة فى استخدام التكنولوجيا الحديثة لاختراق دول العالم، وتهديد أمنها.

التكنولوجيا وسيلة داعش لاختراق الغرب أمنيا
التكنولوجيا وسيلة داعش لاختراق الغرب أمنيا

فلو نظرنا إلى نموذج داعش، نجد أن التنظيم الإرهابى حقق نجاحا كبيرا فى استخدام التكنولوجيا لدرجة تؤهله، ليس فقط لحشد المقاتلين للانضمام إليه فى مناطق الصراع التى يتواجد بها، ولكن امتد إلى تشكيل شبكة إرهابية غير مسبوقة فى العديد من دول العالم، تمكنت من اختراق أعتى أجهزة الاستخبارات الدولية، وهو ما بدا واضحا فى الهجمات الإرهابية التى شنها ما يمكننا بـ"الأعضاء المنتسبين" للتنظيم داخل العديد من دول أوروبا، وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا، عبر استخدام هواتفهم المحمولة والتى استخدموها فى نقل دعواتهم من محيطهم الجغرافى إلى نطاق عالمى، استقطبوا من خلالها ألاف الأعضاء الذين آثروا القيام بعملياتهم داخل بلدانهم بعيدا عن مخاطرة الانتقال والانضمام إلى صفوف التنظيم.

ولم تتوقف التهديدات التى تواجهها الدول الغربية، من دعاة العولمة والانفتاح، على مجرد التهديدات الإرهابية، وإنما امتدت إلى مخاوف جراء اختراقها من قبل قوى دولية معادية، وهو ما يظهر بجلاء فى التحركات التى اتخذتها عدة دول غربية تجاه منتجات شركة "هواوى" الصينية وكذلك مسئوليها العاملين على أراضيها، بسبب الاشتباه فى استخدامها بالتجسس، أو حتى القيام بأنشطة أخرى من شأنها تقويض الجهود الدولية، على غرار اعتقال ابنة مؤسس الشركة الصينية منج وان تشو فى كندا بسبب الاشتباه فى محاولتها انتهاك العقوبات الدولية المفروضة على إيران.

تمرد شعبى.. الثورة ضد التكنولوجيا امتداد لـ"السترات الصفراء"

يبدو أن التحرك الدولى لاحتواء الطفرة الكبيرة فى مجال تكنولوجيا الاتصالات تمثل فى جوهرها امتدادا لتمرد شعبى أخر على سياسات العولمة وتبعاتها الاقتصادية، هو ما اتخذ مسارا مزدوجا، عبر الصناديق الانتخابية من خلال التوجه الكبير نحو التيارات اليمينية والشعبوية سواء فى الولايات المتحدة أو بعض الدول الأوروبية من جانب، وكذلك ظهور حركات شعبية جديدة أمكنها قيادة حراك شعبى داخل العديد من دول الغرب الأوروبى، وعلى رأسها "السترات الصفراء"، والتى تمكنت عبر احتجاجاتها، خاصة فى باريس، من الحصول على انتصارات مرحلية على حساب الحكومات، وهو ما تجلى فى سلسلة التراجعات التى أقدم عليها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون.

السترات الصفراء
السترات الصفراء

ولعل المفارقة أن تراجعات الحكومات الأوروبية الداعمة للعولمة، رغم أهميتها، مازالت لا تحظى بقبول كبير من جانب مواطنيهم، وهو ما يرجع فى جزء منه إلى اقتصارها على التراجع عن قرارات وقتية، ولا تمثل تغييرا فى استراتيجية كاملة، تقوم على إجراءات قوية ضد الهجرة والحدود المفتوحة، والتى تمثل بمثابة التحدى الأكبر أمامهم فى ظل تراجع فرص العمل أمام المواطن لصالح الأجانب القادمين من دول أخرى، بالإضافة إلى ما تمثله تلك السياسات من تهديدات أمنية، بسبب احتمالات تسلل عناصر خطرة بين المهاجرين القادمين من دول أخرى.

إنهاء العولمة.. هل يشهد العالم إجراءات أوسع؟

من هنا يمكننا القول بأن التحركات الدولية التى تستهدف التكنولوجيا الحديثة خاصة فى الثكنات العسكرية بالعديد من دول العالم، تمثل امتدادا صريحا لرغبة عارمة فى إنهاء حقبة العولمة، وربما تفتح الباب أمام إجراءات أوسع فى المستقبل من شأنها تقييد استخدامها فى أماكن أخرى، تتسم بحساسيتها، فى ظل الدعاوى التى أثيرت فى الأعوام الماضية حول استخدام بعض المواقع لتغيير نتائج الانتخابات، وعلى رأسها الدعاوى التى دارت حول التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة قبل أكثر من عامين، والتى مازالت تجرى السلطات الأمريكية تحقيقات بشأنها.

ترامب
ترامب

 

وتمثل المواقف التى تبناها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تجاه بعض المنصات التكنولوجية الحديثة، وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعى، والتى اتهمها فى تصريح سابق بالترويج للأخبار الزائفة التى تنشرها المنصات الإعلامية، بينما تخرس الأصوات الأخرى، وذلك تعليقا على حجب بعض الحسابات الموالية له، وعلى رأسهم حساب الصحفى الأمريكى أليكس جونز، وهو ما يعكس أن احتواء التداعيات المترتبة على الطفرة التكنولوجية الكبيرة ربما تكون قائمة على أجندة ترامب فى المرح










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة