أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

كابوس أوروبا الجديد

الأربعاء، 13 نوفمبر 2019 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدو أن الانتخابات الأسبانية الأخيرة، والتى شهدت صعودا للتيارات اليمينية، لم تتمكن من تحقيق الهدف الذى أجريت من أجله، على الرغم من فوز الحزب الاشتراكى، بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز بأكثرية بسيطة، حيث تبقى الأزمات غير المسبوقة التى تشهدها مدريد، قابلة للتفاقم، سواء على المستوى السياسى، فى ظل إمكانية الدخول فى ماراثون جديد لتشكيل حكومة إئتلافية، وهو الأمر الذى فشل فيه سانشيز بعد انتخابات أبريل الماضى، مما دفعه إلى الدعوة إلى انتخابات جديدة من جانب، أو أزمة الانفصاليين فى كاتالونيا، والتى تشهد تطورات قد تضع البلاد على حافة الهاوية فى المرحلة المقبلة.

ولعل النجاح الكبير الذى حققه حزب "فوكس" اليمينى المتطرف فى الانتخابات الأخيرة، باحتلاله المرتبة الثالثة بين الأحزاب الفائزة بمقاعد برلمانية، يساهم بصورة كبيرة فى تأجيج الأزمات، فى ظل خطابه المتشدد تجاه الانفصاليين فى كاتالونيا، بعدما دعا رئيسه سانتياجو أباسكال إلى حظر الأحزاب الكاتالونية، وإنهاء الحكم الذاتى للإقليم، وتوقيف رئيسه الداعم للاستقلال، وهى التصريحات التى من شأنها وضع الزيت على النار، خاصة مع تزايد أعمال العنف، والتى تجاوزت الحدود، فى ضوء الاشتباكات الأخيرة التى اندلعت بين متظاهرى الإقليم والشرطة الفرنسية عند نقطة حدودية، وذلك بعد جولات من العنف فى الداخل مع الشرطة الأسبانية.

وهنا يمكننا القول بأن مخاطر إنفصاليى كاتالونيا لم يعد مقتصرا على الداخل الأسبانى، وإنما امتد إلى خارج الحدود، خاصة وأن التحركات التى يقومون بها، أصبحت تتم بشكل إطارى أكثر تنظيما، من خلال إطلاق ما يسمى بحركة "تسونامى الديمقراطية"، والتى بدأت كتطبيق إليكترونى، يمكن من خلاله معرفة أماكن الاحتشاد، من قبل مواطنى الإقليم للمشاركة فى المظاهرات والفاعليات التى ينظمونها لمجابهة السلطات الأسبانية.

التطبيق الإليكترونى أصبح فى طريقه نحو التحول إلى تنظيم، بينما يحمل اسمه "تسونامى" انعكاسا صريحا لرغبة القائمين عليه فى تبنى العنف كوسيلة لتحقيق أهدافهم، والتى تقوم فى الأساس على تأسيس دولتهم المستقلة، لتصبح أسبانيا، ومن ورائها أوروبا، أمام كابوس جديد، يدور حول احتمالات ظهور ميليشيات فى الداخل، على غرار التنظيمات الإرهابية الأخرى فى العالم، وهو الأمر الذى يؤججه التطور التكنولوجى الرهيب، حيث يمكنهم استخدام الانترنت لاستقطاب المزيد من المتعاطفين مع قضيتهم، وحشدهم للمواجهة المحتملة.

الحركات الانفصالية العنيفة فى أوروبا ربما ليست بالأمر الجديد تماما على القارة العجوز، إلا أنه تم احتوائها منذ عقود طويلة من الزمن، مع نجاح الاتحاد الأوروبى فى تذويب الخلافات سواء بين الدول الأوروبية، أو حتى فى المناطق التى تتطلع إلى الانفصال عن السيادة الإقليمية لحكوماتها المركزية، إلا أن الأمور ربما تعود تدريجيا إلى المربع الأول منذ استفتاء "بريكست" فى بريطانيا فى 2016، لتبدأ حقبة جديدة، تضع دول أوروبا على حافة الصراعات الأهلية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة