أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

خرائط التنجيم.. لعبة كل عام

الثلاثاء، 01 يناير 2019 07:05 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع نهاية كل عام وبداية عام جديد تبدأ التوقعات وتزدهر برامج المنجمين ومدعى مهنة الفلك وقراءة الطالع، وأغلب، إن لم يكن كل توقعات المنجمين والمنجمات لا تتحقق، لكن لا أحد يتوقف ليراجع ما تحقق منها وما لم يتحقق.
وغالبا فإن الأعوام الجديدة لا تولد من فراغ ولا حواجز تفصل عام عن آخر، بل إن ما يتحقق غدا هو نتاج لما يحدث اليوم والأمس وبالتالى فإنه يمكن رسم ما يتم من توقعات بناء على معطيات اليوم والعام الماضى.
ومع هذا تستمر لعبة التنجيم لتمثل وجبات يومية وسنوية تتجاوز التسلية فى برامج نهاية العام لتتحول إلى مهنة لها نجومها، وخلال السنوات الأخيرة ظهر عدد من المنجمين والمنجمات ووجدوا طريقهم للشهرة والثراء من خلال تجارة الهجص الفلكى.
مثلا ما يجرى فى الشرق الأوسط اليوم من صراعات وحروب هو نتاج لمقدمات وتحركات سنوات ومستقبل الأسد فى سوريا، وداعش فى العراق، أو تريزا ماى فى بريطانيا، أو إيمانويل ماكرون فى فرنسا مرهون بانتهاء المظاهرات وتراجع السترات الصفراء، وهى أمور ترتبط بماضى التظاهرات أو البريكست أو الحل السياسى لسوريا.
لكن مع المنجمين نجد ربطا بين مستقبل رئيس أوروبى وسيدة بريطانية مع برج الحمل وكوكب الزهرة وتقاطع القمر مع المشترى، فى سياقات من الغموض والتشويق وكثير من التفاهة العميقة.
ولو راجعنا توقعات المنجمين خلال السنوات الماضية، سوف نكتشف من دون أى جهد أن أغلبها لم تحدث، ومع هذا سوف يواصل الجميع اللعبة، ناس عاملين منجمين وناس عاملة نفسها بتصدق، وقنوات تحقق أرباحا وإعلانات من فقرات يعرف الجميع أنها خليط من الدجل والتهجيص. الأذكياء من المنجمين يغلفون توقعاتهم بالكثير من الكلام الذى يشبه الواقع، مع علمهم أنه مجرد تهجيص وكلام فارغ يغلف الكلام ليصنع حالة من الغموض ويروج الكذب الفلكى التنجيمى. والمستمع أو المشاهد بالرغم من معرفته بأن ما يقال هو خليط من الهجص والكذب فإنه ينصت ويستمتع باللعبة وربما يصدقها.
المنجمون المحترفون يحققون الكثير من الأرباح فى مواسم نهايات وبدايات الأعوام وينخرطون فى اختراع خلطات من التوقعات تحتمل كل نتيجة، فيقولون إن زعيما عالميا سوف يختفى وآخر سوف يظهر، وهم لا يحددون المكان بالضبط أو الشخص، وغالبا هناك أشخاص يظهرون وغيرهم يختفون والعالم فى تغير وليس لهذا علاقة بالتوقعات التنجيمية.
وينخرط المنجم وتندمج المنجمة فى حالة تهجيص فلكى عميق، على طريقة «يلتقى برج الحمل مع برج الجوزاء ويتداخل معهما زحل والمشترى مع الزهرة والقمر يتقاطع مع المريخ، وهذا يعنى نهاية وبداية وخروج من الدخول» ومع أنه كلام فارغ يجد من يتفرج عليه ويصدقه.. وآذانا وعيونا تتلقفه وتتفاعل معه وتروجه وتنشره، فإذا بنا أمام مولد من الكلام، التوقعات المتوقعة ليس فيها حقيقة ولا خيال.
وهناك عدد من كبار المحترفين حولوا التنجيم وقراءة الطالع إلى مهنة مربحة، فتجد الخبير الفلكى الارتوازى المخطط ينشكح، ليقدم عرضا وتوقعات أغلبها لا يحدث والباقى لا يتحقق، لكن الفلكى العبقرى يستمر ويواصل النصب التنجيمى، لأنه يجد مساحات فى برامج التهجيص الفلكى وآذانا صاغية ومع الوقت يحترف أخونا المنجم وينطلق فى تعميق التهجيص السنوى والشهرى ما دام يحصل على المعلوم ويملأ الهواء الفارغ للقنوات المختلفة.
ولا مانع من أن نتفرج على لعبة التنجيم وأن يربح منجمو الهجص الفلكى من لعبة الادعاء، لكن تظل النتائج على الأرض قائمة على العلم والعمل وليس على التنجيم، والمستقبل بناء على تحليل للحاضر، خاصة أن هناك نتائج تظهر بعد شهور وربما سنوات من مقدماتها، لكن لا مفر من مواسم التنجيم والتهجيص.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة