بعد الهجوم على السفارة الأمريكية بأنقرة.. أردوغان يحاكى النموذج الإيرانى والإخوانى فى التعامل مع خصومه.. الأهل والعشيرة سلاح الرئيس التركى لمجابهة أعدائه.. وشبح اقتحام السفارة فى طهران قد يتكرر فى تركيا

الثلاثاء، 21 أغسطس 2018 02:00 ص
بعد الهجوم على السفارة الأمريكية بأنقرة.. أردوغان يحاكى النموذج الإيرانى والإخوانى فى التعامل مع خصومه.. الأهل والعشيرة سلاح الرئيس التركى لمجابهة أعدائه.. وشبح اقتحام السفارة فى طهران قد يتكرر فى تركيا      بعد الهجوم على السفارة الأمريكية بأنقرة
كتب - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى تشهد فيه العلاقات الأمريكية التركية توترا ربما غير مسبوق، فى ظل العقوبات الأمريكية الأخيرة التى فرضتها واشنطن على أنقرة، على خلفية رفض الأخيرة لمطالب الإفراج عن القس الأمريكى أندرو روبنسون، المحتجز باتهامات حول تورطه فى محاولة الإنقلاب على الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، تشهد السفارة الأمريكية فى العاصمة التركية هجوما صباح الاثنين من قبل مجهولين، وهو ما يضع العديد من علامات الاستفهام على مستقبل العلاقة بين البلدين اللذين تجمعهما عضوية حلف شمال الأطلسى.

وعلى الرغم من أن الهجوم لم يسفر عن أية إصابات، إلا أن توقيته ربما يثير الكثير من الجدل فى المرحلة الحالية، خاصة وأن الهجوم على البعثات الدبلوماسية ليس بالأمر الجديد بالنسبة لتركيا خاصة فى عهد النظام الحالى، حيث أن مشهد الهجوم على السفارة الأمريكية بأنقرة يعيد إلى الأذهان مشهدا اغتيال السفير الروسى السابق لدى تركيا أندريه كارلوف، والذى قتل أثناء مؤتمر صحفى فى قلب العاصمة التركية فى ديسمبر 2016، بالتزامن مع توتر العلاقات الروسية التركية على خلفية إسقاط الطائرة الروسية على الحدود مع سوريا.

لحظة مقتل السفير الروسى فى أنقرة
لحظة مقتل السفير الروسى فى أنقرة

خطاب تحريضى.. الأهل والعشيرة سلاح أردوغان لمجابهة الخصوم

ولعل تكرار التزامن فى استهداف الدبلوماسيين والمقرات الدبلوماسية للدول الخصوم، مع توتر العلاقات مع تركيا، يقدم إشارات واضحة حول احتمالات تورط النظام التركى فى مثل هذه الأحداث، وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة، خاصة مع الخطاب التحريضى الذى يتبناه الرئيس التركى، واستخدامه المتواتر للعبارات الرنانة والشعارات الزائفة، والتى يدور معظمها حول استهداف بلاده من قبل الخصوم، وهو الأمر الذى ربما يدفع أنصاره، من أعضاء حزب العدالة التنمية الحاكم ذو المرجعية الإخوانية، بالتطوع للقيام بعمليات شبه انتحارية خدمة فى النظام.

أردوغان وزوجته فى وجود حشد من أنصاره
أردوغان وزوجته فى وجود حشد من أنصاره

ويبدو ملفتا أن أردوغان، دائما ما يحرص على اقتصار الحضور فى خطاباته، خاصة فى أوقات الأزمات، على أنصار حزب العدالة والتنمية، باعتبارهم يمثلون "الأهل والعشيرة"، وهو ما يعكس الفئة التى يخاطبها أردوغان، والتى يمكنها فهم إشاراته أو أوامره الضمنية، والتى من شأنها إعلاء المصلحة الضيقة للحزب أو ربما الجماعة، على حساب الدولة التركية وعلاقاتها الدبلوماسية.

عقيدة الإخوان.. تركيا تحاكى نموذج الجماعة دوليا

المشهد الخطابى التركى يمثل نموذجا متكررا للعقيدة التى تتبناها جماعة الإخوان الإرهابية، حيث تعد بمثابة محاكاة لنماذج أخرى، كان العنف هو الوسيلة لدحض الخصوم، سواء كانوا خصوما سياسيين فى الداخل أو على المستوى الدولى، وهو ما بدا واضحا فى الفترة التى وصلت فيها الجماعة إلى سدة السلطة فى مصر بين عامى 2012 و2013، حيث كان أنصار الجماعة الإرهابية دائما ما يتجهون لاستخدام العنف ضد معارضيهم فى الداخل، بعد الخطابات التحريضية التى تبناها قيادات الجماعة سواء على المنابر الإعلامية أو حتى فى الخطابات الرسمية.

والمحاكاة التركية للنماذج الإخوانية لا تقتصر فقط على مجرد تحريض أنصار الجماعة من الشباب أو الرجال فقط، ولكنها امتدت إلى استخدام الأطفال والنساء بشكل يمثل انتهاكا صريحا للأعراف والقواعد الإنسانية، ففى أحد خطاباته أمام أنصاره قبل عدة أشهر، دعا أردوغان طفلة لا تتجاوز الـ10 سنوات من عمرها، داعيا إياها للاستشهاد، واعدا بأن يلف جثمانها بالعلم التركى إذا ما نالت الشهادة، وهو الخطاب الذى أثار انتقادات كبيرة آنذاك سواء من قبل المنظمات الحقوقية أو العديد من المتابعين للشأن التركى.

السابقة الإيرانية.. هل يكرر التاريخ نفسه؟

وتعد التجربة التركية فى استهداف الدبلوماسيين ليست الأولى من نوعها فى منطقة الشرق الأوسط، فقد سبقها فى ذلك إيران قبل ما يقرب من 40 عاما، عندما قامت مجموعة ممن أطلق عليهم الشباب الثوريين باقتحام السفارة الأمريكية فى طهران واحتجاز العشرات من الدبلوماسيين الأمريكيين، وذلك بعدما ازداد التوتر فى العلاقات الأمريكية الإيرانية، وهو الأمر الذى يعكس تطابق الرؤية بين مثلث الشر فى المنطقة، والذى يمثله تركيا وإيران وجماعة الإخوان الإرهابية.

أثناء اقتحام السفارة الأمريكية فى طهران
أثناء اقتحام السفارة الأمريكية فى طهران

ولعل المقاربة بين التجربة التركية والسابقة الإيرانية لا تقتصر فقط على مجرد انتهاك أبسط قواعد القانون الدولى، وما يتعلق بحصانة الأشخاص والمنشات ذات الصفة الدبلوماسية، وإنما تمتد كذلك إلى أحد أبرز أسباب الخلاف، حيث كان الرفض الأمريكى لتسليم شاه إيران محمد رضا بهلوى، وكذلك ما أثاره النظام الحاكم فى طهران حول الحرب الأمريكية على إيران، وهو ما يتشابه إلى حد كبير مع الخطاب الذى يتبناه حاليا أردوغان، والخلاف حول الإفراج عن القس الأمريكى، وكذلك الرفض الأمريكى لتسليم المعارض التركى فتح الله جولن على خلفية مزاعم أردوغان بتورطهما فى محاولة الإنقلاب على النظام التركى قبل أكثر من عامين.

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة