بوح العارفين.. وأدركت بالوجدان سر أحبتى.. قصيدة لـ"على عقل"

الجمعة، 08 يونيو 2018 12:00 ص
بوح العارفين.. وأدركت بالوجدان سر أحبتى.. قصيدة لـ"على عقل" الجامع الأزهر
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم أن حياة الشيخ "على عقل" لم تمتد طويلا حيث وافته المنية عن 54 عاما (1894 -1948) إلا أنه ترك آثارا عظيمة تدل على ما كان له من مكانة وتأثير على الساحة كأحد علماء عصره فى التصوف والعلوم الشرعية.
 
وقد فقد الشيخ على عقل بصره صغيرا ووهب حياته لدراسة علوم القرآن والدين، ودرس فى الأزهر الشربف وصار علما من أعلامه يقصده طلاب العلم..
 
قتلت هوى نفسى، فعشت بلا نفس 
وجافيت أنسى، فانحدرت إلى الإنس
ولم أبد أمرى للعباد، فطالما
كتمت الذى ألقى عن الجن والإنس
وأدركت بالوجدان سر أحبتي
وعانيت آيات اليقين بلا لبس
وعشت زمانى لست أحفل بالورى
وكيف، وقلبى هام فى مشهد القدس
وعلمت غيرى ماأفاد من الهدى
فلم يبق ذو فهم لدى على طمس
إذا وسد الناس القبور، فإننى 
جعلت التقى والذكر بين الورى رمسى
ولم أخشى من بأس ولم أخشى طاغيا
ومن يخشى ذات الله لم يرى من بأس
وهل غير ذات الله للنفس مطلب
حرام سوى الرحمن يدخل فى نفسى
وتوجت بالقرآن نفسى عقيدة
أصون به نفسى عن الزيغ والدس
وما أتخذت روحى سوى الله غاية 
فتك الهدى للروح والقلب والحس
وإن شرب الناس الطلا وتصببوا
فسنة خلق الله فى شربها كأسى
وإن رفع المثرون عجبا رؤوسهم
رفعت بذكر الله فوق الورى رأسى
وإن جعلوا الشمس اهتداء ليومهم
جعلت رضا ربى وآيته شمسى
وإن غرسوا زرعا لنيل حصاده
فتقوى إله العرش بين الورى عرشى
تعشقت نور الله وهو بصيرتى
وقد وضح البرهان من آية الكرسى
ومذ شاهدت روحى جلاللك وارتقت
تجردت عن معناى فى عالم الحس
أحبك ياربى محبة موقن
ومن قوة الإيمان أصبح أو أمسى
فؤادى قد أبعدت عن مشهد الورى
فطهر فى نجواك من ظلمة الرجس
أطوف على الأبواب قلبى موجع
وليس سوى رحماك للقلب من نطس
وأعدمنى فى الحب علمى بقدره
فليس غرامى فيه يدرك عن قيس
ولم أعشق الدنيا فتلك مجازة
تهيء للأخرى وفى فوتها عرسى
لقاؤك يارحمن عيدى وعدتى
ونورك غيثى وهو لى فى الورى أنسى
وبحرك منه قد لقيت جواهرى
بشاطئه سفنى على لجه غطسى
وطيب الورى ورس ومسك وعنبر 
وطيبى من محياك أسمى من الورس
ولست من الدنيا، أميل إلى العلا
فإن علا الدنيا لأصحابه ينسى
أمتع أعضائى بذكرك دائما
وهل غير ذكر الله يسكن فى نفسى
وكل رجائى أن أحبك صادقا
إذ الصدق فى الوجدان مرتبة القدس
وما فضله وقف على أى عالم
وحقك ماحدا العطاء على جنس
إذا رضى الرحمن عن قلب عبده
جرت مركب الأقدار معه على اليبس
تخل ولاتحفل بجن ولا إنس 
وعش فى هوى الرحمن تسعد بالأنس
وأقبل على مولاك بالقلب مخلصا
وأسلم وسلم وأتجه طالب القدس
وخذ لك بالإيمان أصدق وجهة 
وطهر بها نفسا عن الغى والرجس
تجرد تجد مولاك أكبر ناصر
وفوض له ماكان فى الغد والأمس
حياة الورى حلو ومر وإنما 
حلا المرء بالتوحيد من رقة الحس
ومن لايرى إلا الإله مراده
حرام عليه الخوض فى العرش والكرسى
ومن يتعشق نوره وجلاله
فليس له التبيب بالبدر والشمس
وغنك لوعظمت دينك عالما
وعاملت بالحسنى وأدبت للنفس
وكنت على الأحداث بالله راضيا 
سواء عليك الموت او ساعة العرس
سعدت من الدنيابربك محسنا
ونلت من الأخرى عطاء بلا بخس
يقولون لى من انت ؟ قلت: موحد
إلى ربه يسعى ولم ير من بأس
إذا قيل لى اطلب قلت ربى مطلبى
وإن قيل لى أشرب قلت انواره كأسى
وكل عهود قد تنكس أصلها
ولكن عهد الله باق بلا طمس
سلونى عن العشاق قد ذقت حبهم
وغنى لهم رأس إذا كان من رأس
وماهم سوى أعضاء جسمى وبزتى
أصافحهم ما شئت لكن بلا لمس
وما حيلتى إلا إنكسارى فى الحمى 
وإن أنكسار القلب يكشف قدسى
وحلو الهوى عندى لقاء أحبتى
ومر الهوى عندى وفى هجرهم تعسى
وأعرف رحمانى وأدرك عفوه
وانهض معتزا وما أنا بالمنسى
وإن حبال الوجد تربط مهجتى 
وقلبى بحب الله يعبق كالورس
وإن كنت فى سعد فذلك فضلة
وإن لم أكن من سادة العرب على اليبس
وسر موقنا ان الإجابة للهوى 
إذا ما دعا الداعى ولاتك فى حدس
فكل الذى تراه والكون خلقه
ومانفع التفريق بالنوع والجنس
حسبت الهوى سهلا فخضت عبابه
فطورا به أطفو، وطورا به أغطس
إلى أن أتتنى من لدنه عناية
وصلت بها بر السلامة والأنس









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة