سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أبريل 1987..وفاة «نعمان عاشور» الذى نقل الإبداع المسرحى من صالونات الأرستقراطية إلى الطبقات الشعبية

الخميس، 05 أبريل 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أبريل 1987..وفاة «نعمان عاشور» الذى نقل الإبداع المسرحى من صالونات الأرستقراطية إلى الطبقات الشعبية نعمان عاشور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التقى الكاتب الروائى صالح مرسى ذات مساء بالكاتب المسرحى نعمان عاشور فى باحة المسرح القومى، الذى كان يستعد لتقديم مسرحية «الناس اللى فوق» تأليف نعمان، وسأله عن سبب انصرافه عن كتابة القصة القصيرة، فرد نعمان: «قصة قصيرة إيه؟.. ازاى أكتب قصة قصيرة وفيه يوسف إدريس».. «ضحايا يوسف إدريس وعصره - شعبان يوسف» عن «دار بتانة - القاهرة».
 
يذكر شعبان يوسف هذه القصة فى سياق تناوله للذين سلموا الراية ليوسف إدريس منذ البداية فى مجال القصة القصيرة، رغم موهبتهم، مشيرا إلى أن نعمان عاشور الذى أصدر مجموعته القصصية الأولى «حواديت عم فرج» فى أوائل عام 1954، ورغم حماسه الزائد فى كتابة القصة القصيرة، والجائزة الأدبية المرموقة التى لعبت دورا كبيرا فى تقدير الجميع له، فإنه ترك كتابة القصة القصيرة واتجه إلى كتابة المسرح.
 
لم يترك «عاشور» مجال القصة القصيرة، فبعد «حواديت عم فرج» أصدر «فوانيس» عام 1963، و«سباق مع الصاروخ» عام 1968، و«أزمة أخلاق وقصص أخرى» عام 1976، غير أن مساره الريادى كمبدع تتم الإشارة إليه فى التأليف المسرحى الذى بلغ 15 عملا، منها «المغناطيس»، «الناس اللى تحت»، «الناس اللى فوق»، «حملة تفوت ولاحد يموت»، «صنف الحريم»، «عيلة الدوغرى»، «وابور الطحين»، «سر الكون»، «الجيل الطالع»، «برج المدابغ»، «بلاد بره»، «رفاعة الطهطاوى»، «بحلم يا مصر»، «لعبة الزمن»، وحاصل هذه النصوص وفقا لرجاء النقاش فى كتابه «رجال من بلادى» عن «دار أطلس- القاهرة»: «نعمان عاشور كان فاتح طريق جديد فى المسرح العربى، وكان مؤسس مدرسة جديدة فى هذا الفن».
 
يحسبه كثيرون، أنه هو الذى نقل المسرح المصرى من حال إلى حال، ففى «أخبار الأدب - 7 مايو 2011»، يشهد أدباء ومفكرون بريادته فى التأليف المسرحى.. يقول السيناريست محفوظ عبدالرحمن: «كان قبل عاشور إما ممصرا أو تدور أحداثه فى صالونات الأرستقراطية أو فى قلاع تاريخية، لكن نعمان غاص فى الطبقات الشعبية واستخرج منها أجمل ما يمكن تقديمه على المسرح»، ويعتبره جلال العشرى: «صاحب دور ريادى فى مسرحنا الحديث، استطاع أن ينقل التأليف المسرحى من المرحلة الفضائية، حيث كان المسرح تعبيرا عن ذات الكاتب وثقافته إلى الواقعية العلمية»، ويراه سعد أردش: «رائد جيل كامل من كتاب المسرح ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم العربى كله، وهو بهذا المعنى يعتبر أستاذا لأجيال متتالية مازالت حتى اللحظة تتعلم على يديه»، وبعد أيام قليلة كتب الناقد دكتور لويس عوض: فى نظرى نعمان عاشور هو مؤسس الواقعية الاشتراكية فى مسرحنا المعاصر الذى ازدهر خلال الخمسينيات والستينيات».
 
من أين جاء هذا «البناء العظيم» فى تاريخنا الأدبى، الذى سأله الصحفى البارز جليل البندارى عن رأيه فى نفسه، فأجاب حسبما تنقل «أخبار الأدب»: «أنا سريع التأثر، قليل الحيلة، سهل القياد، موسوس، متردد، مسرف جدا، خجول لحد العبط».
 
ولد فى ميت غمر بمحافظة الدقهلية يوم 27 يناير 1918، وتوفى فى 5 إبريل «مثل هذا اليوم» 1987، وفى سيرته حسبما يذكر «فاروق يوسف إسكندر» فى «جريدة القاهرة - 12 يونيو 2012»: «ابن عائلة من ميت غمر درجت على تربية أولادها وإعدادهم للتعليم والعلم، ويقول عن نفسه إنه جمع بين نقيضين فى الوراثة، فأمه ريفية من بنات القرى ولكنها من عائلة إقطاعية المنبت، وأبوه سليل عائلة مدنية خالصة من عائلات الطبقة الوسطى، وأثر هذا الميراث المتناقض على شخصيته، بين طيبة أهل القرى وتلقائيتهم وحذرهم الشديد، وانفتاح أهل المدن وانطلاقهم للمرح والتندر».
 
حصل على شهادة الكفاءة من مدرسة ميت غمر الثانوية، ثم التحق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية جامعة القاهرة، ووفقا لإسكندر، فإنه ارتبط بالحركة الوطنية واليسارية فى أربعينيات القرن الماضى، مما جعله عرضة للاعتقال والمطاردات، وقبض عليه عام 1954، ومرة أخرى فى قضية «الشيوعية الكبرى» عام 1946 التى لفقها إسماعيل صدقى رئيس الحكومة للقبض على المفكرين والكتاب الأحرار.. فى سنة 1949 اشترك مع محمد مفيد الشوباشى وعلى الراعى وأحمد عباس صالح ومحمود محمد شعبان وأنور فتح الله، فى إصدار مجلة «الأديب المصرى»، وفيها اكتشف ميله الطبيعى للمسرح، فحينما توفى نجيب الريحانى نشر فى المجلة دراسة عن مسرحه وتطور مواقفه الاجتماعية، ووضح فيها تأثره بفنه وحبه له، واندفع عام 1950 فى تأليف مسرحيته الأولى «المغناطيس»، وتوالت أعماله ليكون حسب تأكيد عيد عبدالحليم: «أول من قدم مسرحا اجتماعيا واقعيا بغوص فى قاع الحياة المصرية بعلاقاتها وتفاصيلها العميقة، فصارت أعماله أيقونة فنية يتجدد بريقها، كلما أطل صباح جديد على الذاكرة».. «أخبار الأدب - من الطفولة إلى الاحتراف - 7مايو 2011».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة