سفير السويد يان تسليف لـ"اليوم السابع": مصر لاعب رئيسى فى المنطقة وقوة إقليمية عظمى.. حجم التجارة الثنائية بيننا 820 مليون يورو.. ومصر أكبر سوق لدينا فى القارة السمراء.. ونولى اهتماما خاصا بالشباب المبتكرين

الخميس، 12 أبريل 2018 10:27 ص
سفير السويد يان تسليف لـ"اليوم السابع": مصر لاعب رئيسى فى المنطقة وقوة إقليمية عظمى.. حجم التجارة الثنائية بيننا 820 مليون يورو.. ومصر أكبر سوق لدينا فى القارة السمراء.. ونولى اهتماما خاصا بالشباب المبتكرين سفير السويد فى القاهرة يان تسليف
حوار - إنجى مجدى - تصوير- كريم عبد العزيز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- هناك تمويل سويدى ضخم فى قطاع الشركات الناشئة.. على المصريين أن يفخروا بالمنطقة الصناعية الجديدة فى قناة السويس.. لدينا تعاون مشترك فى مجالات التعليم.. و2017 كان عاما مهما جدا لنا.. وعملنا بشكل وثيق مع الدبلوماسيين المصريين..لا يجب النظر لملف اللاجئين على أنه مشكلة.. والمهاجرون خدموا السويد
 

خلال عام 2017 شهد مجلس الأمن، تعاونا واسعا بين مصر والسويد، على صعيد العديد من القضايا العالمية، ولاسيما الصراعات فى الشرق الأوسط، ويرتبط البلدان بعلاقات تاريخية واسعة تشمل علاقات على المستوى الثقافى والعلمى والاقتصادى، «اليوم السابع» التقت سفير السويد فى القاهرة يان تسليف، الذى تسلم مهامه نهاية العام الماضى، غير أنه ليس غريبا عن مصر، حيث عمل بها فى الفترة بين 1996 و1999 فضلا عن زيارته لها مرارا خلال السنوات الماضية، تحدث تسليف عن العديد من فرص الاستثمار فى مصر وآفاق التنمية وما يتمتع به الشباب المصرى من قدرات هائلة، كما تحدث عن التعاون بين البلدين فى قضايا المنطقة.. وإلى نص الحوار:


كيف تغيرت مصر فى السنوات القليلة الماضية عما قبل من وجهة نظرك؟

عشت فى مصر عدة سنوات خلال فترة التسعينيات، وأشعر أننى فى بلدى، فلدى العديد من الأصدقاء وأعرف الكثير من الأماكن. يمكننى القول إنها تغيرت لكنها هى نفس البلد، نفس التحديات التى تواجه الشباب من البحث عن عمل، ونفس المشاكل المرورية، بشكل عام الكثير من الأمور لم يتغير، لكن زيادة عدد السكان من 60 مليونا إلى 100 مليون ضاعف التحديات.

 

اتخذت الحكومة المصرية إجراءات صارمة فى سبيل إنعاش الاقتصاد.. تعلمون مدى أهمية مجالى ريادة الأعمال والابتكار فى هذا الصدد، فما مدى أوجه التعاون بين مصر والسويد فى هذه المجالات؟

الشركات الناشئة وريادة الأعمال من الأمور الرئيسية التى نركز عليها، ولدينا برنامج لتعزيز مهارات القادة الشباب فى مجال الأعمال، كما دائما ما تسعى السويد لتعزيز دور المرأة، ولدينا ما يسمى «السياسة الخارجية النسوية»، حيث نحاول تعميم قضية تمكين المرأة، ولكن لدينا برنامجا خاصا يسمى «رائدات الأعمال She Entrepreneurs» الذى تم إطلاقه فى 2011. أطلقنا أيضا فى 2008 برنامج القادة الشباب الزائرين.

 

لذا ما نقوم به هنا بنشاط منذ عدة سنوات، هو التعامل مع شباب الأعمال المبتكرين، وشاركنا فى قمة Rise Up، وهو فعالية كبرى تتعلق بمجتمع الأعمال عقدت فى 3 ديسمبر الماضى بمشاركة نحو 5 آلاف شباب مصرى من رواد الأعمال، وهنا فى السفارة استضفنا بعض الشركات السويدية الناشئة، وبعضا من رواد الأعمال المصريين الشباب لفتح قنوات اتصال بينهم.
 
خلال لقائى السنوى مع المصريين من خريجى الجامعات السويدية، شارك أصحاب بعض الأعمال الناشئة ومنهم «كتاب صوتى» وشركة ألعاب تسمى «Fun Rock» وهى الشركة الوحيدة فى مصر التى تنتج ألعاب موبايل للسوق العربية ليست نقلا عن شركات أخرى فى أمريكا أو السويد أو الصين، إذ إنهم ليسوا ناقلين ولكنهم مبدعون.

 كم عدد الشركات الناشئة التى تدعمونها فى مصر؟

ما بين ست وعشر شركات ناشئة سويدية، يوجد 3 شركات تم تأسيسها هنا فى مصر، وهناك عدد من الشركات الناشئة الأخرى التى تتطلع للدخول إلى السوق بالتعاون مع نظرائهم المصريين، و هناك تمويل سويدى يتم ضخه فى قطاع الشركات الناشئة فى مصر، وأود أن ألفت إلى أنه من المهم عندما نتحدث عن الشركات السويدية الناشئة أن نشير إلى أنها تمت نتاج برامج التبادل الثقافى بين البلدين من خلال أشخاص سافروا للدراسة فى السويد، وعادوا لإطلاق مشروعاتهم، وهذا مثال على مدى أهمية التبادل التعليمى.

 

استضفتم فى فبراير الماضى اللقاء السنوى لخريجى الجامعات السويدية من مصر.. هل تحدثنا أكثر عن برنامج التبادل العلمى؟
أولا: التعليم هو واحد من الأمور الأقرب إلى قلبى، لأن التعليم هو مفتاح التنمية الاجتماعية والاقتصادية وكل شىء، لذلك نحن نولى الكثير من الاهتمام لهذا الجانب من التعاون، ولقد جعلنا منه مقوما لتلك العلاقات، وسأقدم لكم بعض الأمثلة الملموسة حول هذا الموضوع، وربما المثال الأكثر واقعية هو شبكة الخريجين من المصريين الذين درسوا فى السويد وتخرجوا فى جامعات سويدية.

كم عدد الطلاب المصريين الذين يتخرجون فى جامعات سويدية سنويا؟

من الصعب تحديد عدد الطلاب، فالمسجلون فى شبكة الخريجين المصريين هم 60، لكن هناك الكثير ممن هم ليسوا جزءا من الشبكة، ربما لأنهم يعيشون خارج القاهرة أو مصر، وأوضح أن هناك سبلا مختلفة لتمويل دراستك فى السويد، فهناك وكالة حكومية تسمى «المعهد السويدى» الذى يقدم عددا من المنح الدراسية للطلاب، وربما تكون الفرصة أكبر فى حال التقديم مباشرة لإحدى الجامعات السويدية وطلب الحصول على منحة دراسية منها بدلا من الحكومة، وبشكل عام يدرس نحو 13 ألف طالب أجنبى لدى الجامعات السويدية، وهذا عدد ليس بقليل بالنسبة لبلد يبلغ عدد سكانه 10 ملايين نسمة فقط، وبالنسبة لبرنامج القادة الشباب الزائرين، فقد كان 20% من المشاركين فيه العام الماضى هم مصريون.

 

بالعودة للحديث عن الاقتصاد والعلاقات التجارية بين البلدين.. ما هو حجم التجارة بين مصر والسويد؟

يبلغ حجم التجارة بين البلدين حوالى 820 مليون يورو، فمصر هى أكبر سوق لنا فى أفريقيا، وثانى أكبر سوق فى الشرق الأوسط بعد السعودية، وهذا الحجم من التجارة كبير إذا قورنت مع دول أوروبية أخرى، ونحن لا نريد الترويج فقط للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات، لكن نعمل أيضا على دفع الشركات الصغيرة للنمو.

بالحديث عن الشركات الصغيرة والمتوسطة ومقارنتها بالمشروعات الضخمة التى تنفذها الحكومة المصرية.. أيهما يفيد الاقتصاد المصرى أكثر؟

أعتقد أن مصر تحتاج إلى كل منها، فهناك حاجة لمشاريع البنية التحتية.. المصريون بحاجة إلى إسكان ومشاريع صناعية، وبالطبع يجب أن تفخروا جدًا بالمنطقة الصناعية الجديدة فى قناة السويس، ولكن هناك حاجة أيضا للاهتمام بالابتكارات المحلية، فالابتكارات المصرية هى التى ستكون الصناعة الكبيرة لمصر فى المستقبل، اليوم لديك صناعة سياحية كبيرة، لديك صناعة المنسوجات الكبيرة والأسمنت، وما إلى ذلك، ولكن ماذا ستكون الصناعة المصرية الكبيرة فى 2030 أو 2040، هذا ما يتعين علينا التعامل معه الآن، ولهذا السبب علينا أن ندعم هؤلاء الشباب أصحاب المشاريع الناشئة فى هذه المرحلة، إذا نظرت إلى بلد مثل الهند عندما يتعلق الأمر بتطوير البرمجيات، فمن كان يتوقع لبانجالور أن تكون واحدة من عواصم البرمجيات فى العالم ربما قبل 30 عاما، وأقول إن مصر فى مرحلة الانطلاق، ونحن نريد أن نكون شريكًا.

 

 تتصدر السويد «لوحة الابتكارات الأوروبية European Innovatione Scoreboard»، وعلى مستوى العالم فإن وادى السليكون فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية والسويد فى أوروبا هما الأكثر تسجيلا لبراءات الاختراع، لذا أعتقد أن التبادل بين مصر والسويد يمكن أن يكون مثمرا للغاية، فنحن بلد مبتكر للغاية، ومصر بلد يتمتع سكانه بمواهب وإمكانات هائلة.

 قلت إننا يجب أن نفخر بالمنطقة الصناعية فى قناة السويس.. ما حجم الاهتمام من قبل رجال الأعمال السويديين للاستثمار بها؟

فى فبراير الماضى، زارت وزيرة التجارة السويدية مصر بصحبة وفد من الشركات السويدية، والتقت وزراء التجارة والكهرباء والاستثمار، الوفد كان يضم طيفا واسعا من الشركات السويدية الضخمة والصغيرة، وهناك بعض الشركات الكبرى التى تعمل فى مشروعات البنية التحتية مثل إريكسونi. وABB، وهى شركة عالمية رائدة فى مجال توليد الكهرباء ونقلها، وكل هذه الشركات مهتمة للغاية ونشطة فى الانخراط فى مشاريع البنية التحتية الكبرى، وهناك ثمانى مدن جديدة يجرى إنشاؤها فى أنحاء مصر، مثل مدينة العلمين على الساحل الشمالى والعاصمة الإدارية الجديدة، وتعمل بعض الشركات للعمل على مشروعات توفير الطاقة أو تحديث الشبكة القديمة.

هناك اكتشافات هائلة للغاز فى البحر المتوسط.. فما مدى اهتمام الشركات السويدية بالاستثمار فى هذا المجال؟

عندما يتعلق الأمر بالنفط والغاز ومجال الطاقة، هناك عدد من الشركات السويدية التى تعمل فى تقديم التكنولوجيا والخدمات، ومن بينها شركة إيه.بى.بى. لكن ليس لدينا شركات استكشاف سويدية مثل تلك التى تعمل فى استكشاف الغاز أو التنقيب عن النفط، ففى الواقع نحن دولة غير نفطية، ولكن لدينا تكنولوجيا لذلك لدينا شركات توفر الخدمات للصناعة.

شهد مجلس الأمن تعاونا بين مصر والسويد خلال عام 2017 على صعيد العديد من القضايا.. كيف تقيم دور مصر فى منطقة تعانى صراعات لا هوادة فيها؟

بالنسبة لنا كان هذا عاما مهما جدا، لأننا عملنا بشكل وثيق جدًا مع الدبلوماسيين المصريين فى القاهرة، وفى نيويورك أيضا، على بعض التحديات الكبيرة ليس فى المنطقة فحسب، وإنما فى العالم أيضًا، لا يوجد نقص فى الأزمات فى كل مكان، وأود أن أسلط الضوء على مجال أو مجالين عملنا فيهما بشكل وثيق.
 
أحدهما حول عملية السلام فى الشرق الأوسط، ونقدر كثيرا الدور البناء لمصر عندما يتعلق الأمر بالمصالحة الفلسطينية، وكذلك العمل على تقديم المزيد من المساعدات لغزة، كما أننا سعداء جدا بالتعاون مع مصر خلال عام 2017 عندما يتعلق الأمر بالتخفيف من الأزمة الإنسانية فى سوريا، لذا فإن الجواب هو أننا نرى مصر لاعبا رئيسيا فى المنطقة، وقوة إقليمية عظمى، إذ لا يمكن حل الكثير من القضايا دون مشاركة مصر، ونحن نرغب فى العمل معا عن كثب ونفعل هذا بالفعل.

كيف تتعاون مصر والسويد على صعيد مكافحة الإرهاب؟

أنت تعرفين أن الإرهاب ليس فقط قضية وطنية، بل قضية عالمية، ونحن ندرك تمام الإدراك أن مصر تعرضت لأضرار بالغة من جراء الهجمات الإرهابية، وتعرضت السويد أيضا لبعض الهجمات العام الماضى مع عدد محدود من الضحايا، ولكن لاتزال طبيعة الرعب هى نفسها، لذا فإن هذا الأمر نواجهه جميعا، وكما ذكرت مسبقا فإننا نعمل معا داخل الأمم المتحدة، ولكن علينا أن نواجه الأمر بالتضامن بين الشعوب والبلدان.

السويد عاشت لوقت طويل فى سلام.. هل تعتقد أن تدفق اللاجئين أثر على بلادكم؟

السويد كانت محظوظة بأنها لم تخض حربا منذ عام 1814، يعنى 240 عاما من السلام، وقد حظيت مؤخرا بتدفق كبير من اللاجئين، وجاء التدفق الأكبر فى عام 2015، حيث أستقبلنا 165 ألف شخص من العراق وسوريا ودول القرن الأفريقى وأفغانستان، وبالنسبة لبلد صغير لا يتجاوز عدد سكانه الـ10 ملايين فهذا تحد كبير، ومن ثم فإننا أكبر متلق للاجئين فى أوروبا من حيث نصيب الفرد، لكن ألفت أيضا إلى أننا أستقبلنا لاجئين قبل ذلك فى موجات مختلفة على مدى الثلاثين سنة الماضية، بينهم من العراق ويوغوسلافيا.
 
وأقول إنه بشكل عام خدمت الهجرة السويد وساهمت فى التنمية، فلا شك أن التدفقات الضخمة للاجئين على مر السنين أفادت السويد بشكل كبير، وما كان بلدنا ليصبح  على ما هو عليه اليوم لو لم يتلق أولئك المهاجرين.
 
ما هو مهم بالنسبة لى، ما الذى يدفع الناس إلى أن يصبحوا لاجئين؟ بالطبع هم مدفوعون بالتحديات التى يواجهونها من مشاكل الحروب والقضايا الاقتصادية وقضايا الأمن وما إلى ذلك، ومن دون هذه العوامل لن يتركوا بلدانهم، ومن الخطر للغاية أن نرى الأشخاص المحتاجين باعتبارهم مشكلة لنا، هم يفرون من المشاكل ولكنهم أيضا يخلقون الفرص.

لكن كثيرا من الدول الأوروبية ترى نقيض هذه النظرة.. هل لأن أوضاعهم الاقتصادية أو الاجتماعية مختلفة؟

أعتقد أن الأمر يمثل تحديًا لأى مجتمع، لأنك تحتاج إلى توفير التعليم والسكن والعمل وغيره من الأمور للوافدين الجدد، لذا فإن كل هذه الأشياء تمثل تحديات للمجتمعات، ولكن على المدى الطويل أعتقد أنها أيضًا فرصة رائعة، الأمر الأهم الذى يحتاج الدبلوماسيون العمل عليه هو مساعدة البلدان فى العودة إلى وضع سلمى وآمن، حتى يتسنى لأولئك الذين يريدون العودة إلى جذورهم أن يفعلوا ذلك.

 كيف يمكنك تفسير صعود أحزاب اليمين المتطرف فى العديد من الدول الأوروبية الكبرى؟

 لا أستطيع أن أفسر أو أعلق على ما يحدث فى بلدان أخرى، لأن كل بلد لديه عوامله الخاصة التى تقود هذه الحركات، ولكن بالطبع ما يمكننا رؤيته هو أنه كان هناك ارتفاع فى الحركات الشعوبية ليس فقط فى أوروبا.

 

لقد كان هناك الكثير من التحديات، وكان لدينا أيضا هذا النوع من التحديات فى السويد، وأعتقد أن فى جميع أنحاء العالم هناك تحديا للأحزاب التقليدية، وهو ما يدفع الأحزاب السياسية التقليدية لإعادة التفكير فى كيفية التعامل مع الناخبين، واتخذت السويد مبادرة فى 2017 بعنوان «الاتفاق العالمى» للعمل على توفير ظروف عمل جيدة ولائقة للشعوب، لأن الكثير من السخط الذى نجده فى أوروبا يتعلق بهذه المسألة. ولكن أيضا فى جميع أنحاء العالم الناس يشعرون أنهم مهمشون وأنهم لا يحصلون على وظائف مناسبة رغم أنهم متعلمون، كل هذه الأشياء تخلق الإحباط بين الناس، وما يفعله الناس عندما يشعرون بالإحباط، أنهم ينقلبون على أولئك الذين يتمتعون بالسلطة الذين هم الأحزاب التقليدية، وربما يتجهون نحو اليمين أو اليسار، لذا فإن المبادرة السويدية التى قادها رئيس وزرائنا مع عدد من زعماء العالم فى قمة جوتنبرج، نوفمبر من العام الماضى، طرحت هذه القضية على رأس جدول الأعمال للتنبه إلى أهميتها وخطورتها على مجتمعاتنا، وأنه بات علينا مواجهة هذا التحدى، وعلينا أيضا أن نتعاون مع قادة الأعمال، لأن الشركات الكبيرة تلعب أيضا دورا مهما عندما يتعلق الأمر بالانفتاح على توظيف الشباب ومنحهم ظروف عمل لائقة وتوجيههم إلى الحياة العملية.
 
 

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة