أكرم القصاص - علا الشافعي

محمود عبدالراضى

ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا

الجمعة، 23 مارس 2018 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الجنوب من بلادنا، حيث أراضى الصعيد الخصبة الطيبة، وجمال الطبيعة، والوجوه البشوشة، وسكون الليل الهادئ، كانت أصوات الرصاص ليلاً تهتك الصمت الذى يخيم على ليالى الصعيد، فيسقط شباب فى عمر الزهور، ليبدأ سلسال الدم، فى مسلسل اسمه "الثأر" لا تنتهى حلقاته.
 
أتذكر جيداً، "حواديت" أمى عن القرى المجاورة لنا فى الصعيد، وتجربتها مع الثأر، فقد عفى الله قريتى "شطورة" من نار الثأر، التى اشتعلت فى قرى مجاورة لنا، ردحاً من الزمان، فكنا نسمع قصص الجثث التى يعثروا عليها داخل زراعات الذرة والقصب، وقصة فلان ابن فلان الذى سافر لدول الخليج منذ أكثر من 30 عاماً هرباً من الثأر، بالرغم من أنه لم يقتل ولم تتلوث يده بالدماء، إلا أنه جرى العُرف بأنه يتم أخذ الثأر ليس من القاتل ولكن من أفضل شخص فى عائلته، ليُقدم أشخاص قرابين ويُقتلوا بدون ذنب، وتارة نسمع عن شخص عاد من الخارج بعد 40 سنة غربة، فوجد ابنه الذى تركه رضيعاً قد تزوج وأنجب، وقد تغيرت ملامح زوجته التى فقدت الأمل فى عودته إليها مرة أخرى.
 
ووسط أجواء حياة الغاب، التى كانت تعيشها بعض القرى بمحافظات الصعيد، فى سنوات ماضية، بدأت وزارة الداخلية مؤخراً الالتفات لملف "الثأر"، فجاءت مبادرات الشرطة "صعيد بلا ثأر"، والتى لقيت قبولاً لدى رموز العائلات، فأبرمت الداخلية نحو 500 جلسة صلح، حقنت خلالها الدماء، وأوقفت سلسال الدم، وظهر الكفن فى المشهد ليحقن الدم، ويحافظ على الروح البشرية، التى من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً.
 
الهدوء، بدأ يعود تدريجياً لقرى الصعيد، التى تجرعت مرارة الثأر وقسوته، فترك خلفه أطفالاً أيتامًا ونساء أرامل، لكن الصعايدة راحوا يرفعون قيم التسامح بدلاً من رفعهم للسلاح، عندما انطلقت مبادرات الصلح بين أرجاء قرى الصعيد، حتى نجحت سوهاج بمفردها خلال عام واحد فى إنهاء 70 خصومة ثأرية بإشراف اللواء عمر عبد العال مدير أمن سوهاج واللواء خالد الشاذلى مدير مباحث سوهاج، الذى بات له باع طويل فى إنهاء خصومات الثأر.
 
ولم تكتف وزارة الداخلية بذلك، وإنما أوفدت الحملات الأمنية لجمع السلاح غير المرخص من المنازل على مستوى الجمهورية، فضبطت 137 ألف قطعة سلاح بينها 3 مدافع مضادة للطائرات و73 رشاش جرينوف و21 ألف بندقية و443 رشاش و11 ألف طبنجة و451 ورشة سلاح بحوزة 110 آلاف شخص على مدار 4 سنوات.
 
فلم أعُد أسمع من أمى "أساطير" على غرار قصة الحمار، عندما أطلق شاب رصاصتين فى الهواء فأصابت إحداهما حماراً، بينما أصابت الأخرى الشخص الذى يستقل الحمار، فمات الاثنين، فقتل أهل الضحية 10 أشخاص من أهل القاتل، وعندما سألوهم عن سر قتلهم 10 أشخاص ثأراً لشخص واحد، أجابوا بأنهم لم يأخذوا ثأر ابنهم بعد، فقد قتلوا العشرة ثأراً لـ"الحمار".









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

مش مهم.

و قاتلوهم حتي لا تكون فتنة و يكون الدين كله لله.

و بعدين تعالي بالمنطق. و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ... هنا حق البشر وهم المخلوقات فيه حياة بتحقيق العدالة و نزع روح القاتل ... فما بالك بحق رب المخلوقات!!!

عدد الردود 0

بواسطة:

وليد

الحمل ثقيل على الجهاز الامنى

مسئولية الاعلام و المثقفين و التعليم هى الاهم فى انهاء الافكار التى ادت الى التراجع الحضارى و الاقتصادى للصعيد هناك منظومة افكار جنوبية يجب علاجها بحزم لكى تتحق التنمية الثار هو واحد من اعراض مرض مزمن اما تحميل الجهاز الامنى مسئولية المصالحة فهو ظلم له و تحميل فوق طاقته لان نتائج هذه المبادرات ستكون ثمارها مؤقتة و ستكرر اذا لم نعالج المصدر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة