أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

أنت تسأل وتنحاز وتغضب وجوجل يجيب.. السياسى والأحمق والمنحاز فى مرايا محركات البحث

الإثنين، 17 ديسمبر 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما يسأل الواحد منا جوجل عن معلومة أو مكان، فهو يحصل على نتائج ليست جاهزة، وإنما هى تفاعلات لأخبار أو تقارير أو أرقام وضعها مستخدمون آخرون، بمعنى أن جوجل لا يخترع الإجابات وإنما ينظمها عبر برامج وتطبيقات خوارزمية، وفى النهاية فإن دقة النتائج تعتمد على كيفية ترتيب هذه المواد، وفى نفس الوقت فإن جوجل يفرض طريقة فى كتابة ونشر التقارير والكلمات المفتاحية حتى تتناسب مع ما يستخدمه من برامج وأدوات.
 
والنتيجة أن البعض منا يحصل على معلومات وضعها البعض الآخر، بصرف النظر عن مدى صحة أو خطأ هذه المعلومات، وهناك احتمالات لأن تكون هذه المعلومات صحيحة أو ناقصة أو خاطئة، وهذا يعتمد على ما ينتجه العالم ويضخه على جوجل أو غيره. وهذا ما يطرحه القائمون على جوجل وهم يشرحون لماذا تظهر هذه النتيجة بالذات قبل غيرها.
 
لكن هذا لا يمنع من وجود عناصر تتحكم فى ظهور هذه النتائج أو تلك، مثلما جرى فى الارتباط بين كلمة أحمق وصورة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وهى القصة التى كانت محل تساؤل فى الكونجرس، وقبلها الاتهامات المتبادلة بين الجمهوريين والديمقراطيين أثناء الحملات الانتخابية بين ترامب وهيلارى كلينتون، حيث تم توجيه اتهامات لجوجل بتعمد إظهار نتائج جيدة حول هيلارى، وتكرر هذا عندما اتهم ترامب جوجل بالانحياز وإظهار النتائج السلبية أولا، وكان الرد دائما أنه لا يوجد تدخل مباشر من قبل جوجل فى ترتيب النتائج، وأن هدفهم هو إيجاد أكثر الروابط صلة لما يسأل عنه المستخدم، بسرعة كلما أمكن ذلك، وقال متحدث باسم الشركة: «لا يستخدم البحث لعرض أجندة سياسية، ولا نميل بالنتائج تجاه أى أيديولوجية سياسية».
 
بعض خبراء المعلومات أشاروا إلى احتمالات لاستخدام خصوم ترامب لحيل تضاعف من احتمالات تفضيل برامج جوجل لنتائج معينة، وقالت مرسيدس بونز، المحاضرة فى التقنيات الرقمية بكلية كينجز كوليج فى لندن، لـ«بى بى سى» إنه ليس من المحتمل أن يعمد جوجل إلى ترتيب الأخبار طبقا للميول السياسية، مشيرة إلى أن «لوغاريتمات الأخبار فى جوجل تعمل لتكون أقرب ما يكون إلى الواقع لأى حدث، ولكنها ليست مهيأة لتعمل بناء على توجه سياسى، ولكن هناك اتجاه نحو وضع الصفحات التى يرتادها كثير من الناس فى الأعلى».
 
وربما لا تتيح تطورات عالم المعلومات الوقت لنتأمل ما يجرى أو نحاول فهمه بل ربما لا يكون لدى البعض الرغبة فى التعرف عن تفاصيل، فهم فقط يستهلكون ما يتوفر أمامهم من معلومات ويوظفونه حسب حاجاتهم وأحيانا حسب أهدافهم، وهنا يظهر ما يمكن تسميته الانحيازات السياسية أو الأيديولوجية. ومن هنا يظهر الخلاف حول أى قضية اقتصادية أو سياسية، تظهر الاختلافات فى الآراء من خلال الاختلافات فى قراءة ما هو متاح من بيانات وإعادة ترتيبها.
 
وفى بعض الأحداث السياسية كثيرا ما تظهر الاختلافات الواسعة بين اتجاهين فى الآراء، لأن كل طرف يستخدم ما يفيد وجهة نظره فقط، ويستبعد ما ينافى هذه الوجهة، وعلى سبيل المثل هناك اختلاف فى المقارنات بين الواقع الاقتصادى بين أوروبا ومصر أو بين ما جرى فى الربيع العربى وما يجرى فى أوروبا، والاختلاف فى طريقة الحياة ونظام العمل والقوانين وطريقة تطبيقها وأهداف وطموحات المواطنين فى أوروبا أو فى الشرق الأوسط.
 
وبالتالى فإن اعتماد البعض على معلومات ناقصة أو مبتورة هدفه البرهنة على وجهة نظرهم، وبالتالى فإن الانحيازات السياسية للمستخدمين هى التى تظهر الاختلافات فى وجهات النظر بشكل حاد. وهو ما يعيدنا إلى النقطة الأهم وهى أن تفاعلات عالم المعلومات لا تحكمه فقط أهواء الأفراد، وإنما هو انعكاس لملايين العمليات الخوارزمية التى تجعل بعض هذه المعلومات أكثر ظهورا من غيرها.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة