عصام شيحة

الأمن القومى.. تحديات وفرص «5»

السبت، 10 نوفمبر 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سأعاود الحديث عن الأمن القومى وما به من تحديات وفرص فى المنهج الحاكم لحركة مؤسسة الرئاسة على الساحتين الإقليمية والدولية. إلا أن أحداثاً شهدها الأسبوع الماضى ليس لى إلا أن أتوقف عندها وأرصدها على نحو يتصل بسلسلة مقالاتى عن الأمن القومى.
 
فقد استهدف الإرهاب حافلة تضم مصريين من الأقباط أثناء عودتهم من أحد الأديرة النائية فى المنيا، وكان الحادث قد عمد إلى توقيت زمنى، ظنه يمثل له زخماً دعائياً!، إذ استبق بساعات قليلة افتتاح المنتدى العالمى للشباب فى نسخته الثانية والذى انعقد فى مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء فى الفترة من 3/6 نوفمبر الجارى.
 
وعلى ضوء ذلك، أُشير إلى توجهات ومواقف مؤسسة الرئاسة من محورين داخليين هامين من محاور أمننا القومى. الأول: الإرهاب. والثانى: الشباب. فأقول:
 
• بما يتمتع به الرئيس السيسى من خبرة أمنية، رأى ضرورة توحيد الجهود، وبلورتها فى إستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، تشترك فيها القوات المسلحة والشرطة، وتتكامل جهودهم، فكان توجيهه بذلك أمام الشعب كله فى تحد واضح لا يغيب عن منهج مؤسسة الرئاسة فى شتى مواقفها تجاه كل ما يتصل بالأمن القومى. وبالفعل أدت العملية الشاملة سيناء 2018 إلى انخفاض واضح وملحوظ فى حجم العمليات الإرهابية، وانخفاضها أيضاً من حيث النوعية، فنحن مؤخراً أمام استهداف حافلة لمدنيين اختارت مسالك فرعية فى طريق مهجور بناء على تعليمات الأمن الذى رأى أن التأمين الكامل له غير ممكن، نظراً لصعوبة التضاريس الجغرافية الحاكمة للمنطقة، ومن ثم فليس الأمر يتعلق بعمل على مستوى راق من التدبير والتخطيط والتنفيذ بل هو أداء إجرامى يمكن أن يتوفر لأى عصابة إجرامية.
 
• لكن المثير بالفعل، سرعة الرد من جانب رجال الشرطة، والذى لم يمر عليه ساعات قليلة حتى هاجموا مخابئ الخلية الإرهابية المنفذة للعملية وقتلوا منهم 19 إرهابياً بعد أن بادروا القوات بإطلاق النار، وما زال الجهد يتواصل للوصول إلى مزيد من الإرهابيين، والأمر هنا يؤكد أن الأمن ارتقى آفاقا عالية من دقة المعلومات وسرعة الحركة، فيما يفسر بمنطق سليم ما تشهده البلاد من أمن واستقرار حقيقى.
 
• وهنا أود أن يتسع صدر الكثير من الخبراء الذين ينهضون بدور مهم فى توعية الرأى العام بمخاطر وتحديات الإرهاب وبيان ما تقوم به الدولة من جهود فى هذا الشأن، إذ أجد كثيراً منهم يؤكد أننا نجحنا بالفعل فى القضاء على الإرهاب، وبعضهم يحدد مواعيد معينة لذلك. ومع كل عملية يشيرون إلى أن العملية دليل إفلاس الجماعات الإرهابية. والواقع أننى أنحاز إلى رؤية مُغايرة فى المنهج وليس فى الهدف. فأنا أميل إلى توعية الرأى العام بأن القضاء على الإرهاب بشكل كامل وبات هو أمر لم تتمكن منه أى دولة فى العالم، والعالم كله بات مفتوحاً ونرى أحداثاً إرهابية فى كثير من الدول المتقدمة، وفى وضح النهار، وفى أماكن مكتظة بالناس، ومن ثم فالرأى عندى أن نؤكد للناس أننا بالفعل نجحنا فى تقليص آثار الإرهاب إلى حدود بعيدة جداً، لا إلى القضاء البات عليه. فيؤدى ذلك إلى مزيد من اليقظة بين أفراد الشعب، بما لهم من دور مهم فى مجابهة الإرهاب مع المؤسسات الأمنية. كما أننا بذلك لا نجعل الرأى العام يفاجأ بأى عمل إرهابى صغير فيراجع ما صرحنا به من نجاحنا فى القضاء البات على الإرهاب، وأخيراً فإن تأكيدنا على نجاحنا فى الحد من آثار الإرهاب إلى حدود دنيا وأننا مستمرون فى المواجهة يشحذ همم الدول الصديقة لمعاونة الدولة المصرية على الاستمرار فى حربها ضد الإرهاب.
 
• نأتى إلى المحور الثانى: الشباب، فقد شهد العالم كله التجربة المصرية الفريدة فى عقد منتديات لشباب العالم، لا تغلفها المظاهر الاحتفالية، ولا تملؤها الخطب الرنانة. بل هى بالفعل ورش عمل ونقاشات جادة وموضوعية تطرح حواراً بين الثقافات يديره قادة المستقبل وصناع الغد هنا وهناك. وهى تجربة ظنها البعض ترفاً لدولة كانت قد وصلت إلى حد أنها باتت شبه دولة، كما قال الرئيس السيسى، فإذا بها تقدم نموذجاً تعجز عنه ديمقراطيات عريقة فى تبنيه على أراضيها. ولست أشك أن مؤسسة الرئاسة تحرص على التواصل الدائم مع الشباب كأحد سمات عملها فى عهد الرئيس السيسى. إذ هو أمر جديد على المجتمع المصرى.
 
• غير أننى ألوم على الأحزاب عدم التقاطها الفكرة، والسعى إلى تنفيذها فيما بين «الحزب» والناس فى شتى ربوع الوطن، أم تراها تكتفى بصراعات داخلية تتجدد مع كل مؤتمر للشباب، حين تختار من بين أعضائها من يمثلون الحزب فى مؤتمرات يرعاها رئيس الجمهورية بنفسه. أليست الأحزاب أجدر بالأمر، تعميقه ونشره، كفكر يشى بما تحمله الأحزاب من وظائف، خاصة فى مجال التنمية السياسية؟
والأسبوع المقبل، بإذن الله، أعود لحركة مؤسسة الرئاسة على الساحتين الإقليمية والدولية، فى سعيها إلى حماية الأمن القومى، ومجابهة تحدياته، واستخلاص ما به من فرص تدفع باتجاه بناء دولة مدنية حديثة.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة