إبراهيم خلف يكتب: نهاية حب وبداية حياة

الإثنين، 15 يناير 2018 10:00 ص
إبراهيم خلف يكتب: نهاية حب وبداية حياة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أجمل وصف سمعته عن الحب أنه التعويض العادل عن كل بشاعات هذا العالم وحماقاته وجرائمه ، أرى فيه فعلا تعويض عادل عن كل شىء قسا على النفس مهما بلغت درجة قسوته ، أراه عطر الحياة وبريقها ودفء الشتاء ونسمات الهواء فى يوم صيفى شديد الحرارة ، هو هدية السماء للمحظوظين ” فقط للمحظوظين” وأهم علامة من علامات رضا الرب على العبد ، احترم الحب وأقدسه وأكره أعداءه لأنهم أعداء الحياة ، أنادى العاشقين بالحفاظ عليه ورعايته والمواجهة باستماتة لكل عوائق قد تعطل الإبقاء عليه، أطالب دائما طرفى العلاقة بأن يتباروا فى إنكار الذات والتضحية والإيثار على النفس من أجل راحة الحبيب وسعادته ، فروعة الإحساس بأن لك نصف أخر يحتفظ بقلبك وحواسك ويعطيك صك ملكية الكون تستحق ذلك .

هو بورتريه رائع ملونة فيه الدنيا بأبهى الألوان وأزهاها وبدونه تصبح الصورة قاتمة ولا فرق بين اليوم وأمس وغد وبعد غد وبعد شهر من بعد غد ، هو تجربة ومغامرة تقترب فيها نسبة الخطورة من الـ 90% لو فشلت فيها ستصبح أشقى الناس ويتضاعف شقاؤك بشقاء آخر وأنت تحاول أن تخفى شقاءك الأصلى حتى لا تضطر تحكى فاجعتك النفسية فتصبح موضع عطف أو شفقة من أى شخص أيا كان، أما لو نجحت فأنت المحظوظ الواقف على قمة جبل السعادة الشاهق جدا وترى العالم كله من أعلى نقطة ، ورغم أن كل ما سبق هى قناعاتى الحقيقية وإيمانى الراسخ وليس كلام شعارات وفقط ، إلا أنى كما قال العظيم الراحل محمود درويش “العاشق سيئ الحظ” دراستى من البداية للنهاية كانت بالأزهر الشريف، والأزهر يمنع منعا باتا اختلاط الجنسين داخل مجالس العلم، ولذلك بدأت علاقتى بالحب فى وقت متأخر، تخيلت أنى أحب فى الفترة ما بين دراستى فى المرحلة الثانوية والجامعة وبداية حياتى العملية.

كان قلبى يدق وأسعد بالقرب وأفرح وأغنى وأتواصل وأتفاعل ولكن كنت أنهى العلاقة بمجرد أن أتعرض لأى مضايقات تغضبنى ، حدث ذلك معى مرتين فقط بعدهم وجدت نفسى لا أريد أحد ولا أثق فى أحد ولا أصدق أحد فركزت فى عملى فقط وأغلقت الباب فى وجه بنات كتيرة ، بعد أن قابلتها ( هى ) تأكدت أن ما سبق لم يكن حبا ، كان تفاهة أو مراهقة أو طفولية .. أى شىء آخر غير الحب ، وضعتها الصدفة البحتة فى طريقى وكانت حياتى وقتها ضحك ولعب كالأطفال على طول الخط ، وقت أن تعثرت بها كنت أملأ الدنيا ضجيجا ولا أهدأ أبدا ولا أقيم وزنا لأى شىء مرهق وصوت ضحكاتى أعلى دائما من سقف أى إحباطات ، لفتت نظرى فوقفت أمام قوة شخصيتها ومنطق حوارها وثقافتها العالية وحضورها وجمال ملامحها ، أتذكر جدا أول مرة رأيتها فيها ، دق قلبى بمجرد أن مدت يدها ليدى بالسلام وجلست أمامها وأنا أشعر بخجل غريب جدا ، كنت أحاول أن أدارى نظرات إعجابى بها وفرحى بلقائها حتى لا يلحظها أى من الجالسين معنا ، كنت أسرق نظراتى إليها وأراقب سرا ملامح وجهها الجميل وهى تتحدث ، وجدت نفسى تلقائيا أقف أمامها وأتأملها وأنفض يدى من عالمى وأذهب إلى عالمها المزدحم جدا والممتلئ صخبا وضغوط وأسلاك شائكة ، فى اللقاء الثانى بيننا قرأت الحب فى عينها وقرأت الحب فى عينى ودار بيننا الكلام الذى أحيا فينا المشاعر بعد موتها فوجدت نفسى أريد الاقتراب منها أكثر ، فتحت لها باب قلبى على مصراعيه ، عشقت نظرات الحب التى رأيتها فى عينها وهى تنصت إلى كلامى وكنت أخجل منها جدا ، عشقت صوتها وطريقتها فى الكلام عشقت تعبيرات وجهها وحفظتها جيدا ، فى فترة وجيزة وجدتنى أراها مركز الكون كله وتدور الأرض من حولها ، أحببتها لدرجة جعلت منها أميرة على قلبى، لا أطيق غضبها ، لا أسمح لنفسى أن أكون سبب فى مضايقتها مهما كان السبب ، عاهدت نفسى أن تكون مهمتى الأولى فى الحياة هى إسعادها حتى لو كان تحقيق ذلك سيكون على حساب نفسى وراحتى وسعادتى .

عاهدت نفسى على التمسك بها لآخر يوم فى عمرى ومواجهة أى ظروف تمنع أن نعيش معا، أمام حبها أصبحت الثائر المتمرد القوى الحاد، أحيانا أضعف من أى شئ ضعيف، من أجلها تآمرت على نفسى وأنكرتها وأنا راضى وسعيد ومستعد للمزيد، أحببت كل شىء يمت لها بصلة ، حتى فنجان القهوة التى كانت تشرب فيه أحببته وأخذته منها لأقتنيه عندى ، غيرتى عليها وصلت لحد الجنون ولأنى أعلم أن الغيرة لو زادت عن حد معين قد تقتل الحب لم أظهر لها من غيرتى إلا قليلا وفضلت أن أعيش عذابى مع الغيرة بدون علمها أو أظهر جزء بسيط منها ، طلبت منها مرة أن تقول رأيها فى شخصيتى فنظرت فى عينى وقالت كلام لن أنساه حتى هذه اللحظة ”أنت فى عينى رجل” كان أجمل وأبلغ وصف سمعته فى حياتى، اكتشفت فيها قسوة مفرطة وقت الغضب فأخذت قرار البعد عنها، ولكن بمجرد أن صالحتنى تجاهلتها لأنى أعلم جيدا أن لديها من طيبة وحنية القلب ما يكفى ليغمر بها الناس جميعا ويفيض ، اكتشفت فيها طفلة قوتها ضعفا وفى صمتها كلام عينيها مجلدات شكوى من ظروف صعبة تحيط بها ، نسيت همومى لأنى أريد حمل كل همومها عنها ، أريد ان أحتويها وأستوعبها ، وأكون لها فعلا تعويض عادل عن أى شىء أتعبها فى حياتها.

رأيت فيه الأنوثة كما تنبغى أن تكون ورأيت أيضا عيوبها الصعبة جدا ، عيوب تحتاج رجلا من طراز خاص جدا للتعامل معها وأعددت نفسى لاستيعابها فالكمال لله وحده ، تعلمت منها أمور كثيرة أسير على ضوئها حاليا فى حياتى العملية ، تعلمت منها أن أعمل كل شىء فى وقت واحد ، تعلمت النشاط وحب النجاح وإثبات الذات ، تعلمت معها الصبر والحلم وجعلتنى اكتشف فى نفسى قدرات لم أتخيل أنها موجودة أصلا، روضتنى ، أعادت هيكلتى ، ولكن فى وقفة حقيقة مع نفسى تجردت من كل مشاعر الحب تجاهها، اكتشفت أن أى حب لا يقوم على احترام متبادل وعطاء متبادل هو حب ميئوس منه ، هو مولود مشوه موضوع فى غرفة الرعاية المركزة قد يموت فيريح أبوية من العذاب والحزن وانعدام الراحة بسببه سنين ، وقد لا يموت ويظل أسير أجهزة التنفس الصناعى فيحكم على أبويه بالشقاء إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا ، مهما بلغت درجة صدق المشاعر من أحد الأطراف أو كليهما لن يكتب لحبهم النجاح والاستمرارية بدون احترام وعطاء متبادل.. سأكتفى بالكلام عنها عند هذا الحد لأنى لا أريد أن أضغط على نفسى أكثر من ذلك ولا أريد أن اخادع قرائى فى سرد حديثى ، كل ما يمكننى قوله هو أنى الآن وحدى وفى حالة رضا والحمد لله ودائما أضع أمام عينى قول الله الكريم (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم)، أنا الآن أعمل بكل طاقتى على مستقبل أفضل وأحرص على النجاح وإثبات الذات وتحقيق كل طموحاتى المعطلة، وفى النهاية أرى العجب، كل العجب فى أنى احببت أجمل وأصعب حب فى الدنيا ، الحمد لله على كل حال

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة