أكرم القصاص - علا الشافعي

الانبا ارميا

"تجميع الناس معًا"

الجمعة، 29 سبتمبر 2017 05:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قامت إحدى شركات الطيران فى احتفالات أعياد الميلاد ("كريسماس") بإنشاء مائدة عشاء فى مطار البلدة التابعة لها الشركة تَسع عشرين مسافرًا، إلا أن المائدة كانت مرتفعة عن سطح الأرض بمسافة لا تسمح لأى شخص أن يتناول منها أى طعام! كانت قواعد تناول العشاء: أن يجلس كل شخص على أحد الكراسىّ، وتتحرك المائدة إلى أسفل قليلاً، وعند اكتمال العدد عشرين تصير المائدة على ارتفاع ممكن يسمح للجميع بتناول الطعام، فإن ترك أحدهم المائدة ترتفع إلى أعلى مرة أخرى!

وعندما أدرك المسافرون ذٰلك، بدؤوا فى دعوة آخرين إلى الجلوس معهم حتى اكتمل العدد؛ وحينئذ وجد كل مسافر أمامه طبقًا مغطَّى به طعام شهىّ، إلى جانب الأطباق الأخرى التى كانت المائدة عامرة بها، والتى تحفل بأنواع متنوعة من الطعام. ابتهج المسافرون مع هبوط مائدة الطعام أمامهم، وهو ما كان ليتحقق إلا باتفاق عشرين شخصًا على الجلوس معًا، ربما كانت تلك المائدة هى أحد أساليب الدعاية لشركة الطيران التى وضعت لها شعارًا: "نعمل على تجميع الناس معًا فى احتفالات أعياد الميلاد"؛ وهٰذا ما استطاعت تقديمه: أن تجمع عشرين مسافرًا لا يعرف أيهم الآخر ، أو رُب صديقين على الأكثر ـ ليحتفلوا جميعًا بأعياد الميلاد، بدلاً من أن يظل كل منهم بمفرده تملأ حياته مشاعر الوَحدة، هٰذا عن الشركة وماذا عن الحياة؟!!

فى الحياة يسير كل منا دروبها فى رحلة لا تختلف كثيرًا عن رحلة أولٰئك المسافرين، ربما نسافر فى دُروبها بمفردنا، أو يرافقنا بعض الأصدقاء القليلين، ولٰكن علينا أن نتذكر أن هناك آخرين يسيرون فى درب الحياة، فيمكننا أن نتشارك ونتعاون معًا، ونحقق الخير والسعادة لنا جميعًا. وفى حقيقة الأمر، إن على كل إنسان أن يُدرك أنه لا يمكنه القيام بجميع الأدوار، وأنه يحتاج إلى الآخرين فى مسيره، فلا يمكن إنكار أدوار البشر من حوله التى تساعده على اجتياز كثير من عقبات الحياة. إنها الحياة: ذٰلك الطريق الذى يجمع جميع البشر، وعلينا أن نتشارك معًا من أجل خيرنا جميعًا.

تُرى : ماذا كان ليحدث لو لم يجتمع العدد المطلوب ؟! لظلَّت أعين المسافرين متعلقة بالمائدة المرتفعة التى لا يستطيع أحد أن يصل إليها بمفرده !! لقد كان المطلوب أن يتفق المسافرون على الاجتماع معًا حتى يتمكنوا من الوصول إلى هدفهم وغايتهم، كما كان مطلوبًا أن يجلس كل فرد منهم على كرسيّه ، فلو رغِب أحدهم فى الوُقوف ما كانوا ليتمكنوا من تحقيق الهدف جميعهم إذ موضوعة قواعد لازمة لذٰلك؛ وهٰكذا الحياة: قواعد ومبادئ يجب اتباعها فى رحلة الحياة، ومنها احترام إنسانية كل إنسان ، حتى نتمتع جميعًا بالخير والسعادة .

الأُسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى .










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة