محمود حمدون يكتب: "ابن ناس"

الإثنين، 18 سبتمبر 2017 10:00 م
محمود حمدون يكتب: "ابن ناس" شخص يركب سيارة فارهة - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

خرج "عبد البارى" مرتديا عباءته الفاخرة منتعلا خُفّا لامعا يبرق تحت وهج الشمس الساطعة، فتح باب داره الواسعة ثم ألقى نظرة رضاء على سيارته الفارهة الحديثة ومرّ بأصابع يده اليمنى يتحسس نعومة أبوابها وهيكلها الخارجى ثم أزال بسبابته اليسرى وريقة شجر جافة التصقت بالزجاج الأمامى، لاعنا فى سرّه "السايس" لعدم عنايته بالسيارة جيدا .

و"عبد البارى" شخص طويل عريض المنكبين، يستقر شاربه الكث تحت أنفه فيضفى عليه غلظة يدرأ به كثير من المنغّصات، خاوى الجيب غالبا وفارغ العقل دائما.

سليل عائلة عريقة تضرب بجذورها فى تربة القرية الصغيرة النائية، بلدة كغيرها فقيرة إلاّ من عز غابر يلتحف به سكانها . ومنهم عائلة "عبد البارى ".

اتخذ طريقه سريعا لموقف سيارات الأجرة الذى يقع على طرف البلدة البعيد، ودار بعينيه بين المركبات حتى انتقى "توك توك" أسود اللون أشبه بخنفساء تزحف على الطريق، ركب حاشرا جسده الضخم بين سيدات متّشحات بالسواد . تلك كانت وسيلته اليومية لقضاء مصالحه التافهة على ندرتها .

جلس كسلطان متوّج بين رعيته، ثم راح يصدر تعليماته للجميع وبالتحديد للسائق وينهر هذا ويزجر ذاك، والكل فى وجل ظاهرى يُشعره بالسعادة بينما يحتقرونه سرا، انطلق السائق بمركبته يتلوى بين السيارات على الطريق السريع حتى توقف فى إشارة مرور، بجوار سائق يقود "درّاجة نارية" يمتطيها خلفه سليل عائلة أخرى من عائلات القرية، يجلس فى خُيلاء ويوزع نظراته الساخطة على الجميع بالعدل .فالتقت العيون وسال العرق ثم أومأ كلّ للآخر بتحيّة ملكية تليق بوضعيهما .










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة