أكذوبة التقاضى الإلكترونى..الميكنة لم تتحقق سوى فى محكمة القاهرة الجديدة من أصل 1300 محكمة فى مصر تقريبا.."العدل"خصصت 800 مليون جنيه العام الماضى لترميم المحاكم ومازال مبنى الجلاء وجنوب القاهرة معطلين

الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017 05:30 ص
أكذوبة التقاضى الإلكترونى..الميكنة لم تتحقق سوى فى  محكمة القاهرة الجديدة من أصل 1300 محكمة فى مصر تقريبا.."العدل"خصصت 800 مليون جنيه العام الماضى لترميم المحاكم ومازال مبنى الجلاء وجنوب القاهرة معطلين المستشار حسام عبد الرحيم وزير العدل
كتبت هدى أبو بكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ميكنة المحاكم وتطبيق منظومة التقاضى الإلكترونى، خطة أعلنت عنها وزارة العدل منذ سنوات ، لكنها لم تتحقق إلا بنسبة ضئيلة لا تذكر على مستوى محاكم مصر ونياباتها، 3 وزراء عدل تعاقبوا منذ الإعلان عن خطة ميكنة المحاكم التى من المقرر أن تطبق على مستوى نيابات ومحاكم مصر وربطها ببعضها البعض بل وربطها بأقسام الشرطة أيضا حتى تتحقق فكرة الميكنة الكاملة، وما تحقق على أرض الواقع من هذه الخطة تجسد فقط على مستوى محكمة القاهرة الجديدة ونياباتها، فى حين تفتقر أى محاكم آخرى لهذه المنظومة وتعتمد على "الورقة والقلم".

بعد أيام قليلة ومع مطلع شهر أكتوبر المقبل يبدأ العام القضائى الجديد ( 2017 – 2018 )، عام جديد على محاكم مصر لكنه لا يختلف عن سابقيه من حيث استعدادات وتجهيز المحاكم، سواء ما يتعلق بالأبنية أو ما يتعلق بمنظومة العمل داخل المحاكم والنيابات وتطويرها ، بتعميم مشروع الميكنة على أكبر قدر من محاكم ونيابات مصر، صحيح أن وزير العدل المستشار حسام عبد الرحيم خلال الأشهر الماضية افتتح عدد من المحاكم الجديدة بعدد من المحافظات، لكن تظل هناك إشكالية أكبر تتعلق بالمحاكم الموجودة بالفعل ولم يمسها التطوير أو التحديث بل والترميم فى بعضها ربما أبرز مثال على هذا مجمع الجلاء ومحكمة جنوب القاهرة ( أقدم محكمة فى مصر ).

فى الدول الأوروبية وأيضا عدد من الدول العربية الشقيقة مثل دولة الإمارات، ربما لا تجد بهم هذا المشهد المتكرر المميز فى محاكم مصر، طرقات مزدحمة لا تستطيع المرور فيها بسبب كثافة المواطنين، وعدد هائل من المترددين على المحاكم يستغرق الكثير من الوقت للوصول إلى حاجته، وهذا يرجع إلى أن هذه الدول يستطيع فيها المواطن أن يتعامل مع المحاكم من خلال الانترنت، بداية من إقامة الدعوى وحتى نهايتها، ما يوفر عليهم الوقت والجهد وأيضا التكاليف، فالتعامل الإلكترونى يغلق باباً هاماً وهو باب الفساد.

أما فى مصر فنحن نتحدث فى إطار مختلف تماما، نتحدث عن كيفية تحقيق ميكنة المحاكم (ربطها الكترونيا بعضها البعض مع النيابات)، وهو ما لم ننجح فيه حتى الآن، وفكرة "المواطن هيرفع قضية وهو قاعد فى بيته" ليست سوى تصريحات من المسئولين رددها وزراء عدل سابقين دون أن تجد طريقها للتنفيذ.

فبالرغم من الشعارات الرنانة التى تطلقها وزارة العدل بين الحين والآخر حول ميكنة المحاكم والنيابات، وإدخال أحدث الأساليب التكنولوجية فى العمل القضائى، وبعض التصريحات التى خرجت من وزير العدل من أن هناك 75 محكمة تم ميكنتها ، إلا أن محصلة ميكنة المحاكم لم تتحقق على الإطلاق سوى فى محكمة القاهرة الجديدة، أما دون ذلك فقد انحسرت هذه الميكنة فى توفير جهاز حاسب آلى أمام بعض موظفى المحاكم، لطباعة أرقام القضايا التى يحتاجها أو قد يطلبها المواطنين.

وفقا للبرنامج القومى لفرض وإنفاذ القانون، والذى يتولى ملف ميكنة المحاكم، ويشارك فيه ممثلين من وزارة العدل والتنمية الإدارية، فإن عدد المحاكم فى مصر، موزع كالتالى ، 8 محاكم استئناف على مستوى الجمهورية، ومأموريتها عددها 21 محكمة، محكمة نقض واحدة، ويبلغ عدد المحاكم الاقتصادية 8 محاكم، ويبلغ عدد المحاكم الإبتدائية 39 محكمة، ومأموريتها 59 محكمة، ويبلغ عدد المحاكم الجزئية 300 محكمة، وعدد محاكم الأسرة 300 محكمة، وعدد محاكم المرور 50 محكمة، فيما يصل عدد النيابات إلى 530 نيابة على مستوى الجمهورية، ما يكشف إلى أى مدى وبأى نسبة تم تنفيذ مشروع ميكنة المحاكم.

بدوره قال مصدر قضائى بوزارة العدل، إن مصر فيما يتعلق بالتقاضى الإلكترونى متأخرة جدا مقارنة بالدول الأخرى ليس فقط الدول الأوروبية ولكن بعض الدول العربية الشقيقة ، مؤكدا أن التعامل فى هذه الدول فيما يتعلق بالتقاضى لا يتم على الإطلاق "بالورقة والقلم"، حتى على مستوى القضاة أنفسهم، موضحاً أن القاضى فى مصر نجده يتحرك بملفات وأوراق وتلال من الأوراق التى تخص القضايا التى ينظرها، فى حين أن مثل هذا المشهد لا نجده على الإطلاق فى دول آخرى ، حيث يسير القضاة بجهاز "لاب توب" دون أى أوراق.

وأشار المصدر إلى أن وزارة العدل تحاول تعميم ميكنة المحاكم لكن الأمر يواجه صعوبات تتعلق بتوفير الميزانيات وكذا تدريب الموظفين على هذا النوع من العمل، حيث أن العنصر البشرى والعاملين فى منظومة العدالة فى مصر نجدهم غير مؤهلين لهذا الأمر.

المحامون على جانب أخر لديهم تعاملاتهم اليومية فى محاكم مصر ويدركون جيدا ما تعانيه هذه المحاكم وطريقة العمل بها، ويقول المحامى ياسر سيد أحمد أن تجربة ميكنة المحاكم غير موجودة على مستوى محاكم القاهرة سوى فى محكمة القاهرة الجديدة ونياباتها، وذلك من بداية تحرير المحضر فى قسم الشرطة وانتهاء بالتصرف فى الدعوى، وأشار إلى أنه بالرغم من عدم التدريب الكافى للموظفين سواء فى أقسام الشرطة التابعة للقاهرة الجديدة أو فى النيابات ، لكن الأمر فى النهاية يحقق العديد من المكاسب الهامة على رأسها اختصار الوقت والجهد وعدم التلاعب فى الأوراق وبالتالى تعود بتوفير تكلفة مالية.

ويقارن "سيد أحمد" بين دورة التقاضى فى هذا النظام ( الميكنة ) بداية من تحرير المحضر والتى قال أنها تستغرق فى المتوسط 10 أيام ما بين قسم الشرطة وتصرف النيابة فيها وصولا لمرحلة التقاضى، وبين مثل هذه الدورة فى الأماكن التى لا يوجد بها ميكنة ، وقال أنها تستغرق فى المتوسط شهر أو أكثر.

وأضاف من خلال تعامله مع محاكم ونيابات القاهرة أن نسبة تطبيق الميكنة فيها لا يتعدى 10% على مستوى المحافظة وهى نسبة ضعيفة للغاية.

هذا فيما يخص الميكنة، لكن ما يخص حال المحاكم وأبنيتها فالوضع يرثى له، وبالطبع نتذكر ما قاله المستشار بهاء أبو شقة المحامى الكبير ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، فى أحد جلسات اللجنة التى كان يناقش فيها مستوى أبنية المحاكم بحضور ممثلين لوزارة العدل ، حيث قال نصا "المحاكم فى مصر النهاردة بقت زى الغرزة تدخل القاعة تلاقى واحد بتاع قهوة وشاى وفيها كل الأوبئة العالمية وتلاقى كمان ناس تدخن سجاير ومفيش قاعات نضيفة..وممكن تدخل المحكمة تلاقى نجار أو سباك واقف قدامك ..احنا محتاجين ثورة فى مصر لإصلاح ذلك".

وعن حال الأبنية يقول المحامى "ياسر سيد أحمد" أنها سيئة للغاية ، حتى أن بعض القاعات بها شروخ وكسور، وهناك محاكم نظرا لسوءها يضطر القضاة لنظر القضايا فى غرف المداولة دون الخروج للقاعات.

ويشير هنا إلى نقطة هامة تتعلق بعدم استغلال مبانى موجودة بالفعل بسبب عدم التحديدث أو الترميم ، منها على سبيل المثال مبنى مجمع نيابات الجلاء والذى يضم 40% من نيابات القاهرة، فهو يضم 16 نيابة من يعملون منهم 5 نيابات فقط.

 أيضا مبنى محكمة جنوب القاهرة ، معطل حاليا بنسبة 100% من وقت حريقه عام 2013.

وكانت وزارة العدل قد أعلنت عن خطة العام القضائى الماضى ( 2016 – 2017 ) لترميم المحاكم التى تم حرقها ويدخل من ضمنها مجمع الجلاء ومحكمة جنوب القاهرة ، وخصصت ميزانية 800 مليون جنيه لهذا الغرض ، وحتى هذا الوقت لازال مبنى محكمة جنوب القاهرة معطل ( وتم نقل العمل به لمحكمة زينهم )، وكذا مجمع نيابات الجلاء لازال جزء كبير من المبنى لا يعمل.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة