عذاب المجىء قصة جديدة لـ سمير المنزلاوى

الأحد، 27 أغسطس 2017 11:00 م
عذاب المجىء قصة جديدة لـ سمير المنزلاوى الكاتب سمير المنزلاوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ذات يوم حار طالت المسافة التى يقطعها جدى بين البلاد. وضع مقطف المحار بين ساقيه وجلس يجفف عرقه ويفرد ظهره، لاحظ أن النهار يعدو. هب قبل أن يولى. انتهت الطريق المجدبة بحائط مترب، مغطى بشباك العناكب وأعشاش الأوابد التى تشقشق صغارها جوعا!.

مرق من إحدى الفرج، فوجد نفسه فى قرية كبيرة. وقف وسط السوق ونادى بصوته الرخيم الذى يشجى الناس والطيور. نفذ المحار فى دقائق. تهيأ للعودة ظافرًا، لكنه سمع عراكا فى أقصى الساحة!

نازعته نفسه المستطلعة أن يتريث ويدخل وسط كتل البشر.

ثمة عروس بفستان غريب من الورق، لم ير له مثيلا. تبرق فيه نجوم ذهبية تعشى البصر. الطرحة ورقية أيضًا، مطعمة بصور الملائكة!

كانت تبكى بخفر بينما العريس المطربش والمسربل بالصوف التنيسى عائم فى عرقه. أدرك بذكائه المأزق، فباب الدار منخفض، والعروس فارعة. شيخ القرية كان قد أصدر فتواه :

- لتذبح الفارعة أو تهدم الدار!

تقدم جدى بشجاعة مأثورة ونحى المقطف صاعدًا فوق صخرة. وسط دهشة القوم ضغط على رقبة العروس فانحنت، وهنا دفعها فى ظهرها بعزمه، لتتدحرج وسط الدار كالكرة!

تعالت الهتافات وقال شيخ القرية:

- أنت حكيم

أمر أن يعطى منزلا وزوجة وبغلا وجراية من عشرين رغيفا منخولا،وثلاثين بيضة نيئة، وزوجين من الدجاج، وفخذ خروف مشوى، ورطلين من ماء الورد ومثلهما من منقوع الزبيب، وأوقية شاى ناعم، وعشر أوقيات من تمباك الشيخ الخام

بعد أسابيع تملكه الشوق. صحبه خمسة من الأتباع، يتقدمهم راكبا صهوة بغل لا يصهل ولا ينهق ولا يحدث أمام الناس! مأكولة اللوز والجوز وحب الرمان. وقف البغل المرفه أمام بابنا بلا إرشاد. خرج أبى وجدتى. سمعنا صلصلة الجرس فى أذن الدابة. هز البغل رأسه، فقال له جدي

- هذه عائلتى يا قمر. عاود الصلصلة وابتسم !

كانت وراءه قافلة محملة بخيرات الله. بعد العناق والقبل رفض جدى النزول، قال:

- سأزوركم فى الربيع.

انصرم الربيع والصيف ولمحت جدتى الرياح تعول فى الباب وتصفق على النوافذ وتسقط أوراق الشجر. قلقت، وأعطت أبى مقطفا مليئا بالمحار. مرق من الفرجة وفى وسط القرية رأى أحد الأتباع.

جلس بجواره سائلاً فى لهفة

- أين سيدك؟

انخرط الرجل فى البكاء كالطفل، صحبه إلى داره. حكى له كيف داهمت رائحة خبيثة أنف والده عند هبوب ريح الشمال!سار بتشمم متأذيا، حتى وصل إلى وهدة متخمة بما يخرج من أمعاء الناس!

أصدر قرارا سريعا ( كنيف لكل منزل).

كتب دليلا يعلق فى الساحة، به طريقة إقامته وتزويده بالمرافق والمياه والصرف وشرح مستفيض لطريقة الاستطابة والتجفيف بأوراق الموز!

تسور عليه البيت فى اليوم التالى نفر وذبحوه من الوريد إلى الوريد.

استحلفه نائحا أن يريه القبر ليكمل البكاء ويترحم، استغرب سائلا :

- ماذا تعنى يا ابن سيدى بالقبر؟

ثم قاده إلى شجرة كافور علقوا عليها جثة أبيه مقددة ومملحة.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

سامح امير سامح امير

اديب كبير

قصة جميلة من استاذ كبير فى فن الرواية

عدد الردود 0

بواسطة:

سامح امير%0d%0aسامح امير

استاذ كبير

اديب وفنان استاذ سمير

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة