سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 8 يوليو 1954 .. عبدالناصر لولى عهد العراق: «نريد للسعودية أن تخرج لدور عربى قومى صريح»

السبت، 08 يوليو 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 8 يوليو 1954 .. عبدالناصر لولى عهد العراق: «نريد للسعودية أن تخرج لدور عربى قومى صريح» عبد الاله الوصى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أشعل الأمير «عبدالإله»، الوصى على عرش العراق وولى العهد فيه، سيجارة وراح يتنحنح بتحرج واضح وهو يستكمل الحوار مع الرئيس جمال عبدالناصر يوم 8 يوليو «مثل هذا اليوم» من عام 1954، حسب ما يذكره الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «ملفات السويس - حرب الثلاثين عاما»، استنادًا على مذكرة عن وقائع الجلسة أملاها جمال عبدالناصر بعد انتهائها على مدير مكتبه، وحسب «هيكل»: «المذكرة كانت مودعة فى أرشيف رئاسة الجمهورية الذى كان فى بيت عبدالناصر بمنشية البكرى بالقاهرة، ونقل أيام الرئيس السادات إلى قصر عابدين».
 
كان يوم 8 يوليو على موعد مع زائرين عربيين كبيرين إلى القاهرة، هما الأمير «عبدالإله»، الوصى على عرش العراق وولى العهد فيه، ووفقًا لـ«هيكل»: «كان الأمير يقوم بدور نشيط فى السياسة العراقية، ولم يكن يكتفى بدور المراسم التقليدى، رغم وجود رئيس وزراء قوى فى العراق مثل نورى السعيد، وكان يريد أن ينشئ اتصالًا مباشرًا مع الرئيس جمال عبدالناصر»، أما الزائر الثانى فكان عبدالله اليافى، رئيس وزراء لبنان، والتقى «عبدالناصر» فى نفس اليوم «8 يوليو»، وكان «حائرًا»، بوصف «هيكل».
 
فى لقاء الاثنين بـ«عبدالناصر»، وحسب وقائع الجلسة، أثيرت قضايا تتعلق بالأمن القومى العربى، ورغم أنها كانت فى عام 1954، فإنها مازالت تلقى بظلالها حتى اليوم على المنطقة، ففى بداية اجتماعه بالأمير «عبدالإله» توجه الأمير إلى الرئيس بسؤال، عما إذا كان لديه رأى مسبق فى الأسرة المالكة العراقية، فرد «عبدالناصر» بتساؤل عن مغزى مثل هذا السؤال، فأجاب الأمير: «الحقيقة أننا كنا فى حيرة دائمة مع الملك فاروق، فقد كان يبادرنا بعداء لم نعرف سببه، وقيل لنا مرات إنه يتهمنا بمحاولة إقامة عرش فى دمشق يحكم سوريا الكبرى، ثم قيل لنا فى مرات أخرى إنه كان يتهم الهاشميين بمخطط لإحياء الخلافة الإسلامية على أن يكونوا هم الخلفاء، ولقد حاولنا أن نصل معه إلى تفاهم، لكنه أقفل كل الأبواب أمامنا، وفتحها فقط لأعدائنا السعوديين الذين استولوا بالسيف على ملكنا فى الحجاز، فهل الخلافات التى كانت قائمة بيننا هى مسألة تخص الملك فاروق ورأيه فى الأمور، أم تخص السياسة المصرية بما هو أوسع؟، هذا مع العلم أن العراق وأسرته المالكة أول من يقدر دور مصر المهم فى الأسرة العربية، ونعتبرها باستمرار شقيقتنا الكبرى».
 
رد «عبدالناصر» على الأمير مقدرًا له صراحته، واستعرض طبيعة العلاقة الأخوية بين البلدين والشعبين، ودورها فى التاريخ العربى، وأهمية وادى الفرات ووادى النيل على رقعة الخريطة الجغرافية والسياسية الإنسانية فى المنطقة، مختتمًا أنه مؤمن بضرورة التلاقى بين القاهرة وبغداد، لأنه يعطى من الناحية الاستراتيجية للعرب خطًا قويًا يحمى مطامعهم المشروعة. وحسب «هيكل»، فإن الأمير أشعل سيجارة، وراح يتنحنح بتحرج واضح حين قال له «عبدالناصر»: «يا أخ عبدالإله، لست فى حاجة إلى أن أقول لك إننى جمهورى النزعة بالطبيعة، ولست طرفًا فى خلافات الأسر ولا أمرائها، ثم أننا نعتقد أن موضوع الخلافة مرحلة تاريخية استوفت أغراضها وذهبت، ومجرد الحديث عنها فى الظروف الحديثة مضيعة للوقت»، ثم استكمل كلامه قائلًا: «لكننى لا أستطيع أن أخفى عليك أننا مهتمون بالمملكة العربية السعودية، ونحن نريدها أن تخرج إلى دور عربى قومى صريح، والإنجليز وبعدهم الأمريكان يريدون عزلها فى شبه الجزيرة العربية، وهدفهم عزل البترول عن قضية فلسطين، إن هذا الجزء من هدفهم ينطبق على العراق أيضًا، وقد كان من هنا أنى أعطيت تصريحات ضد الحلف الذى أقامته باكستان وتركيا «الحلف الإسلامى» فهذا الحلف يحول أنظارنا إلى جبهة غير الجبهة الحقيقية التى تعنينا، ثم إنه يعزل إمكانياتنا عن التأثير فى قضايا أمننا القومى».
 
وصل «عبدالناصر» إلى خلاصة طرحه للأمير قائلًا بقطع: «هم لا يريدون مصر بوزنها السكانى والإنسانى والحضارى كعنصر فى معادلة الأمن العربى، وهم لا يريدون العراق لنفس الأسباب وفوقها البترول، وهم لا يريدون السعودية لنفس الهدف كذلك، ومن الضرورى لنا جميعًا أن نتنبه، وأن تكون لنا خطتنا فى الدفاع عن أمننا القومى ومصالحنا، ولا نكتفى بالتوجه عميانًا إلى خطط الآخرين».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة