أكرم القصاص - علا الشافعي

عبد الفتاح عبد المنعم

أسرار المهام الأربع لمطاردة أمريكا للغزو الصينى المقبل

الخميس، 01 يونيو 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من غير المنطقى أن يطالب أحد أمريكا بأن تظل ترقب الموقف فى الصين عن كثب دون أن تفعل شيئاً، لكن خيارات الفعل أمامها، فى حالة الصين، تكاد تكون معدومة.. إلاً من خيار واحد وهو الانتظار قسراً، حتى تكشف السنين وربما العقود المقبلة عن حقيقة القوة الكامنة فى التنين الأصفر، الذى فاجأ العالم بصحوته وتسارع خطواته نحو تبوأ مكانه فى صدارة العالم.
 
وحتى تتكشف الأمور على النحو الذى تريده أمريكا، نجدها تُجدّ فى اتخاذ إجراءات ترى فيها وقاية من الأخطار المقبلة من شرق آسيا، لعل من أهمها كما أشار تقرير صادر عن المخابرات الأمريكية:
 
1 - الإصرار على الوجود فى المناطق التى تمكنها من الوقوف عن كثب على ما يجرى فى الصين، وإنشاء قواعد عسكرية تدعم هذا الوجود، وهذا ما حدث بالفعل فى حرب أفغانستان، وما يمكن أن يحدث مستقبلاً فى مناطق أخرى محيطة أو قريبة من الصين.
 
2 - محاولة مد النفوذ الأمريكى لدول آسيا الوسطى، سعياً وراء إقامة حزام أمريكى حول الصين، يتيح للأمريكيين فرصة منعها من مد نفوذها نحو تلك البلدان.
 
3 - حرص أمريكا على تغطية حاجتها من النفط خلال العقدين المقبلين اللذين سيشهدان زيادة مطردة فى كمية النفط التى تستوردها من الخارج تصل لحوالى %25 من مجمل استهلاكها السنوى، وحاجتها للحفاظ على الدخول الهائلة لصناعة السلاح الأمريكية، ونهم اقتصادها الشديد لوجود أسواق ضخمة تستوعب منتجاتها، كل ذلك يدفعها للعمل على إيجاد صيغة من شأنها أن تحفظ التوازن بين حتمية التصدى الأمريكى للتنين الأصفر من ناحية، وبين حاجة أمريكا للسوق الصينية باعتبارها سوقاً استهلاكية واعدة لا يستطيع الاقتصاد الأمريكى الاستغناء عنها من ناحية أخرى.
 
4 - إيجاد صيغة للحد من قدرة الصين ودول شرق وجنوب شرق آسيا التنافسية، والتصدى لمحاولاتها إغراق الأسواق العالمية بمنجاتها، بما فى ذلك السوق الأمريكية.
 
ومهما يكن من أمر، فإن ثمة تساؤل مهم عما إذا كانت أمريكا سوف تلجأ لخيار الحرب، إذا ما فشلت فى احتواء تطلعات التنين الأصفر. وهذا أمر يصعب حسمه، سواء من منظور النظريات التى تفسر مراحل تغيير الثقافات والحضارات الإنسانية فى صورة دائرية أو فى صور أخرى، وهذا ينطبق أيضاً على النظريات، أو لنقل المقولات التى ينادى بها مفكرون أمريكيون معاصرون، مثل مقولة فوكوياما فى «نهاية التاريخ»، ومقولة هنتنجتون فى «صراع الحضارات»، ذلك أن الارتقاء بآراء هنتنجتون لمستوى النظرية، يعنى الأخذ، بصورة أو بأخرى، بحتمية الصراع بين الحضارة الأمريكية والثقافة الصينية المعاصرة، وهذا ما يُشك فى حدوثه فى المستقبل المنظور على الأقل.
 
ولا يقلل من صدق هذا التوقع، القول بأن الحرب التى تشنها أمريكا الآن على العرب والإسلام والمسلمين، تعتبر مظهراً من مظاهر صراع الحضارات الذى قال به هنتنجتون فى مؤلفه المذكور، ذلك أن ما من نظرية قديمة أو حديثة تستطيع أن تفسر السياسات التى تقوم إدارة بوش على تنفيذها تجاه العالم بعامة، واتجاه العالم العربى والإسلامى بخاصة غير الرغبة فى السيطرة على منابع النفط فيها، فالأسباب والمبررات التى تستند إليها تلك السياسات الاعتباطية التى تحركها غطرسة القوة والمصالح الذاتية لأباطرة شركات النفط وصناعة السلاح الأمريكية، لا يمكن انتظامها فى سياق نظرية علمية سليمة.
 
ليس من شك أن الولايات المتحدة حققت تقدماً هائلاً فى شتى الميادين، ما دفع بقياداتها للاعتقاد بأنها أهل لتولى زعامة العالم وقيادته والانفراد فى اتخاذ القرارات المهمة بشأنه، وأن العمل على تحقيق هذا الهدف واجب مقدس ينبغى تنفيذه، حتى لو استوجب الأمر استخدام القوة المسلحة. وهذا يذكرنا بنظرية سوروكن التى تقول بأن القادة والمصلحين الذين يأخذون بزمام المبادرة لتجديد حيوية الحضارة والتخلص من جمودها، قد يتحولون فى لحظة ما لقوة متسلطة تأتى بنتائج عكسية لما أوتوا من أجله.
 
صحيح أن المجتمع الأمريكى قد حقق من التقدم ما لم تحققه مجتمعات أخرى، وصحيح أنه يستحق بذلك مكانة خاصة بين دول العالم، غير أن ما هو صحيح أيضاً أن السياسات المتعسفة التى تحاول الإدارة الأمريكية الحالية فرضها على العالم، وعزوف رجالها عن الاستماع لكائن من كان حين يتخذون قرارات تُهم المجتمع الدولى، من شأنه أن يثير تساؤلات حول أحقية تزعم أمريكا للعالم والتفرد بقيادته، وهى على هذا الحال من الغطرسة والاستعلاء.
 
والأدلة على ذلك كثيرة.. يكفى أن نذكر منها على سبيل المثال، موقفها المتحيز لإسرائيل الذى أوقع وما زال يوقع أبلغ الضرر فى القضية الفلسطينية، وفى حق الشعب الفلسطينى فى استخدام كل الوسائل المتاحة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلى. أضف إلى ذلك أن أمريكا، فى محاولتها الحفاظ على تفوقها الاقتصادى، تلجأ لأساليب تعسفية مثل محاولة فرض العولمة فى كل شىء حتى فى القيم الثقافية على المجتمعات الأخرى، والاستيلاء على منابع النفط فيها، فضلاً عن فرض العقوبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية التى لا مبرر لها سوى أنها تخدم المصالح الأمريكية على البلدان التى تعارض سياساتها، فمن أجل تحقيق هذا التفوق نراها تنتهج عدداً من الطرق لبسط سيطرتها على المناطق التى تمتلك المحرك الأول للاقتصاد العالمى، وغدا إن شاء الله نواصل لعبه الكراسى الموسيقية بين واشنطن وبكين.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة