الدكتور محمد الشبراوى يكتب عن مزيلات العرق وتأثيرها على الصحة

الثلاثاء، 04 أبريل 2017 07:00 ص
الدكتور محمد الشبراوى يكتب عن مزيلات العرق وتأثيرها على الصحة الدكتور محمد الشبراوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الحكم على الشىء فرعٌ عن تصورهِ، ولنتناول مستحضرات العرق بشكلٍ موائم يتعين علينا التعريف بمكان تطبيق استعمال مستحضرات العرق حتى تكتمل لدينا الفكرة دون التباس. تأسيسًا على ذلك فإن الجلد هو أكبر أعضاء الجسم البشري مساحةً؛ حيث تبلغ مساحته حوالي 1.7 – 2.0 متر مربع، ويبلغ وزن الجلد 4.5 كيلو جرام تقريبًا، ويمثل الجلد 15% من وزن الشخص البالغ، يتباين سمك الجلد ما بين 4.0 – 6.0 ميليمتر وفقًا لأجزاء الجسم المختلفة؛ فجلد العينين أقل عشر مرات من سمك جلد اليدين لاحتواء جلد الأيدى وباطن القدمين على طبقة Stratum lucidum والتي تعطيهما السمك المميز عن باقي الجلد. يحتوي جلد الإنسان على 300 مليون خلية بالإضافة إلى 17 ألف متر من الأوعية الدموية. جلد الأطفال أقل سُمكًا بما يعادل 30% مقارنةً بجلد البالغين، كما يمتص جلد الأطفال كميات أكبر من المواد الكيميائية، كما أن جلد الشفاه أكثر حساسية للمواد الكيميائية من باقي الجلد.

يتركب الجلد من البشرة والأدمة والطبقة الدهنية تحت الأدمة؛ فالبشرة تتألف من طبقاتٍ خمس وهي من الداخل للخارج على النحو التالي: الطبقة القاعدية Stratum basale ثم الطبقة المغزلية Stratum spinosium متبوعةً بالطبقة الحبيبية Stratum granulosum فطبقة Stratum lucidum وصولًا للطبقة الخارجية والمعروفة بالطبقة المتقرنة Starum cornium وهي الوحيدة التي تعتبر طبقة جلدية ميتة تحمي باقي طبقات الجلد من تحتها. الأدمة وتعرف كذلك بالجلد الحقيقي لأنها تمثل أساس الجلد حيث تقوم بإمداد البشرة بالتغذية وتنظيم حرارة الجسم، وتحتوي على شبكة من الأوعية الدموية والأعصاب وجريبات (بصيلات) الشعر فضلًا عن الغدد الليمفاوية والخلايا المنتجة للكولاجين والإيلاستين. تنقسم الأدمة بدورها إلى: أدمة حلمية (رقيقة) وهي أقرب للبشرة وترتبط بالطبقة القاعدية بنتوءات تسمى Dermal-Epidermal Junction وتحتوي على الإيلاستين والكولاجين، وأدمة شبكية (سميكة) وهي الطبقة العميقة من الأدمة وأقرب إلى طبقة ما تحت الأدمة وتمثل شبكة كبيرة من العضلات الملساء، وتضم نسبة أعلى من الكولاجين مما يعطي الجلد قوة وصلابة، وترتبط بها الألياف العضلية وبصيلات الشعر والغدد الدهنية والعرقية. أما الطبقة تحت الأدمة فيستبعدها الكثير من العلماء من تركيب الجلد، وهي توفر للجسم الحماية من الصدمات والإصابات الجسدية والبرد، كما أنها مصدر هام للطاقة والماء لطبقة الأدمة.

يمتاز جلد الإنسان عن جلد الكلب بتوافر الغدد العرقية في جلد الإنسان وغيابها في جلد الكلب، كما أن الغدد الصملاخية (المفزرة للصماخ وهو شمع الأذن) والغدد اللبنية (المفرزة للبن) هى في الواقع غدد عرقية متحورة. يحتوي كل 5 سنتيمتر مربع من الجلد على شعيرات دموية بطول 1.0 متر، 100 غدة عرقية بالإضافة إلى 15 غدة دهنية. يحتوي جسم الإنسان الطبيعي على ما بين (2-4) مليون غدة عرقية، نلاحظ نشاط الغدد العرقية صيفًا في حين أنَّنا لا نشهد إفرازها للعرق شتاءً إلا في بعض الظروف الصحية الخاصة، وقد يفرز الشخص 12 لترًا من العرق في اليوم الواحد.

الآن وبعد استعراض ساحة الجلد كجزء رئيس في موضوعنا الحالي؛ فإنه يمكننا تناول مستحضرات العرق بنوع من التفصيل. تنقسم مستحضرات العرق إلى نوعين الأول يسمى بمزيلات العرق Deodorants والنوع الثاني يسمى معيقات التعرق Antiperspirants وثمة بونٌ شاسع بين النوعين. مزيلات التعرق الفكرة الأساسية في آلية عملها هي قيام هذه المستحضرات بتحييد الرائحة الناجمة عن العرق، ويتم ذلك من خلال قتل البكتريا المسببة لظهور رائحة العرق. العرق نفسه لا رائحة له، إنما الرائحة التي تظهر ترجع للبكتريا التي تتغذى على العرق، ثم يترتب على ذلك ظهور نواتج ثانوية لتغذية البكتريا على العرق والتي نطلق عليها المواد الإخراجية للبكتريا. هنا يكون القضاء على البكتريا ضمانةً لعدم ظهور رائحة العرق. لإتمام ذلك تستخدم مواد فعالة مضادة للبكتريا منها الترايكلوزان Triclosan أو الكلورهيكسيدين جلوكونات Chlorhexidine gluconate مما يمنع وجود البكتريا ومن ثمَّ لا تظهر رائحة للعرق.

النوع الثاني من مستحضرات العرق والموسومة معيقات التعرق تعمل على منع خروج العرق من مسام الجلد، إذ يظل العرق محبوسًا داخل الغدد والقنوات العرقية ولمدة تتراوح ما بين 24 – 48 ساعة وفقًا لتركيز المادة الفعالة والعوامل الجوية الأخرى. المادة الفعالة في معيقات العرق في الغالب ما تكون أحد مركبات الألومنيوم أو الزركونيوم أو مزيج منهما مثل مادة الألومنيوم زركونيوم تتراكلورو هيدريكس جليسين اللامائي Aluminum Zirconium Tetrachlorohydrex GLY (15.2%) وقد يتفاوت تركيز هذه المادة ففي بعض المنتجات يكون 14.8% وفي بعضٍ منها يكون 16.2% وفي بعض المنتجات يكون تركيزها 19.2% في حين يصل التركيز إلى 20% في التركيبات الطبية والتي توصف في حالة فرط التعرق؛ مما يؤدي لتباين النتيجة المتوقعة من المنتج المستخدم. أيضًا تحتوي بعض هذه المنتجات على مركب الألومنيوم كلوروهيدرات 20% كمادة فعالة كما يوجد في تركيبات أخرى بتركيز 23%

بالإضافة للمادة الفعالة فإن أبرز مكونات مستحضر العرق هي الكحولات؛ والتي تقوم بدور المادة الحاملة للمادة الفعالة خصوصًا في غياب الماء، وتستخدم مجموعة من الكحولات مثل الكحولات الدهنية طويلة السلسلة ومن أشهرها كحول الستياريل وكحول الأوليل ويعملان على منع انفصال مكونات التركيبة عن بعضها البعض، فضلًا عن منع تكوين رغوة أثناء اندفاع المكونات من العبوة، وكذلك تُكسِب الجلد ملمسًا ناعمًا ولطيفًا وترطب الجلد في ذات الوقت؛ ولذلك تدخل في تركيبات أخرى مثل ملطفات الشعر (البلسم)، وتركيبات غسول الوجه، وكريمات الأساس، ومستحضرات العيون وغيرها. أما المادة الثانية الأكثر ذيوعًا في مستحضرات العرق فهي السيلوكزان ويطلق عليها عمومًا مركبات سيكلوميثيكون Cyclomethicone؛ وتضم قائمة كبيرة من المواد مثل سيكلوبنتا سيلوكزان، ... وهي مواد تتطاير بشكلٍ تام ونادرًا ما تترك بقايا على الجلد، كما أنها لا تترك ملمسًا دهنيًا أو لزجًا وهو مهم جدًا في مستحضرات العرق، بالإضافة إلى أنها مواد مرطبة للجلد مما يجعلها أحد مكونات مستحضرات شامبو وبلسم الشعر، ومرطبات الجلد، واللوشن، ومستحضرات الوقاية من الشمس. يدخل زيت الخروع المهدرج hydrogenated castor oil كمادة رافعة للزوجة المستحضرات الغير مائية وكمادة مرطبة للجلد،

في تركيبات البودر تستخدم بودرة التلك كمادة مالئة، مع استخدام مادة Isopropyl Palmitate كمادة ربط للمواد المالئة والمواد الصلبة ببعضها البعض وكذلك لزيادة التصاق المنتج بمنطقة استعماله على الجلد. كما تستخدم بعض المواد الأخرى وبكميات قليلة، ومن بين تلك المواد مادة Butylated Hydroxtoluene والمعروفة اختصارًا BHT وهي من المواد المضادة للأكسدة، وكذلك الزيت المعدني.

يستخدم مستحضرات العرق على الجلد السليم وينبغي عدم استخدامها على الجلد المحروق أو المخدوش أو المقطوع، كما تستخدم مستحضرات العرق في منطقة تحت الإبط فقط، ويراعى عدم استعمال الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الكلى من استخدام مستحضرات العرق. وقد ربطت بعض الدراسات العلمية بين مرض الزهايمر ومركبات الألومنيوم في مستحضرات العرق؛ إلا أن منظمة الغذاء والدواء لم تؤكد صحة هذه المزاعم، مع تشديدها على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات في هذا الصدد. كذلك فإن من مصادر القلق التي ينبغي الاحتياط منها وجود بعض المواد الضارة بالجسم مثل الترايكلوزان، بودرة التلك، الزيت المعدني، ومادة BHT.     










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة