كما أن الشهامة والمرؤة والشرف سمات لا يمكن أن تكون وليدة اللحظة، وإنما هي في الدم، يولد بها المرأ، ويظل متمسكا بها، مدافعا عنها، فالجريمة أيضا سلسلة من الفجور، تبدأ بالجرأة على ارتكاب أول نوع من أنواعها، وتنتهى بالقدوم على أخطرها وهو الإيذاء النفسي والتصفية الجسدية.
وجه مشوه، وذراعين أحرقتهما مياه النار، وجسد يجلس أسفل الأجهزة بمستشفى ههيا للحروق لتلقى العلاج ،وهيئة أصبح من المستحيل عودتها لما كان عليه، كانت هذه ضريبة دفعها" محمد أبو هاشم" 45 سنة مسئول المالية بحي أول الزقازيق، بمحافظة الشرقية، جراء رفضه التستر على الفساد فى محليات حي أول الزقازيق وتهديده بكشف المستورة للنيابة العامة، الأمر الذى دفع المتورطين بالإتفاق مع 3 لتلقينه درسا بإحراقه بمياه النار عقابا له على نزاهته، ورفضه سرقة المال العام.
اللص امتلك من البجاحة ما دفعه لملاحقة الجريمة بأخرى
لم يخطر فى بال محمد أبو هاشم مسئول المالية بحى أول الزقازيق أن المجرمين يمتكلون من البجاحة والجرم أكثر من سرقة مال الدولة، وقوت الشعب، ولم يخطر فى باله أن يكون هو المهدد وهو الشريف، كيف ذلك، فالبديهى أنهم هم المهددون، لأنهم لصوص، إلا أن الزمن أخبره بالجديد، فاللص أصبح يهدد الشريف، بل أصبح اللص يقتل الشريف، لا لشئ إلا لأنه رفض اقتسام الحرام، وأبى الصمت حيال نهب مقدرات الشعب وثرواته!
محررة اليوم السابع مع أسرة المجنى عليه
تفاصيل الواقعة تكشف عن حالة فساد، وأخرى شهامة ونزاهة وحبا فى البلد، بدأت عندما أصيب " محمد أبو هاشم" 45 سنة مسئول المالية بحي أول الزقازيق، بمحافظة الشرقية، بحروق من الدرجة الأولي بالوجه والذراعين والفم، وحالته سيئة للغاية، إثر قيام شخصين مجهولين، على دراجة بخارية، بإلقاء مياه نار عليه، أثناء سيره بمنطقة القومية، دائرة قسم ثاني الزقازيق، عقب خروجه من ديوان عام محافظة الشرقية، وحضور اجتماعا لمحافظ الشرقية خاص بالعمل.
محررة اليوم خلال حديثها مع أسرة المجني عليه
وكان اللواء رضا طبلية مدير أمن الشرقية، إخطار من اللواء هشام خطاب مدير المباحث الجنائية،يفيد وصول " محمد أبو هاشم " موظف بوزارة المالية بحي أول الزقازيق،لمستشفي ههيا للحروق مصابا بعدة حروق نتيجة إلقاء مياه ناره عليه،،ولم يتهم أحد.
تم تشكيل فريق بحث جنائي، قاده الرائد عصام عتيق رئيس مباحث قسم ثاني الزقازيق، وضم معاونيه كل من النقباء رمزي أبوزيد وطارق سليم وعبد الله وصفي، وتوصلت تحريات فريق البحث الجنائي، إلي قيام كل من أحمد س ع س" 33 سنة عامل زراعي مقيم كفر الأشراف، وشقيقه " إبراهيم" 38 سنة، بإلقاء مياه النار، علي المجني عليه، وذلك بتحريض من " أسعد ع م ع " 40 سنة مقيم العواسجة مبيض محارة مقابل 1700 جنيه.
الموظف الشريف يدفع ضريبة شرفه ونزاهته
وكشفت التحقيقات التي قام بها النقيب رمزي أبوزيد ، عن قيام " محمد السيد ح ش" وشهرته الملط 38 سنة وكيل حسابات المديرية المالية بالشرقية، بالاتفاق مع المتهم الثالث "أسعد" بأن يلعب دور الوسيط بينه وبين المتهم الأول والثاني، لكي يلقيان مياه النار على المجني عليه، دون أن يظهر هو فى الصورة.
وتبين من التحقيقات التي باشرها الرائد عصام عتيق رئيس مباحث القسم، وجود خلافات في العمل بين الملط والمجني عليه، سببها قيام الأخير والذي يتمتع بالنزاهة والجدية في العمل بالتضييق على وكيل حسابات المديرية أثناء العمل، ورفضه قيامه بأي أعمال غير قانونية، وتسببه فى نقله من عمله، لعدم مراعاة الدقة في العمل ومحاولته ممارسة أعمال فساد بالحي.
تم ضبط المتهمين الأربعة والدراجة البخارية المستخدمة فى الواقعة، وتحمل أرقام ر ب ص 6491، واعترفوا جميعا بالواقعة، وبعرضهم علي نيابة قسم ثاني الزقازيق، قررت بإشراف المستشار الدكتور ياسر إبراهيم هندي المحامي العام لنيابات جنوب الشرقية، حبسهم جميعا أربعة أيام علي ذمة التحقيقات بتهمة الشروع في القتل، وطلبت النيابة العامة الاستعلام من مستشفي ههيا للحروق، لبيان حالة المجنى عليه، ما إذا كان يمكن سؤاله فى الواقعة.
اليوم السابع فى ديوان المحافظة والجانى صاحب تاريخ من المخالفات
" اليوم السابع" انتقل إلى حى أول الزقازيق ومديرية المالية ، وديوان عام المحافظة حيث بداية الجريمة ودوافعها، وكشف عدد من الموظفين الذين فضلوا عدم ذكر أسماءهم ، حتى لا يكون مصيرهم مثل زميلهم، تفاصيل مثيرة.
المتهمون الأربعة بعد القبض عليهم واعترافهم بالجريمة
وقال أحد زملاء المجنى عليه، إن الموظف المتهم سبق نقله واستبعاده من إدارات هامة بسبب اتهامات بالتورط فى قضايا إهمال وفساد، حيث سبق وأن عمل مراقبا لحسابات المرور فى مدرسة تعليم القيادة، واستبعد بعد رصد الجهاز المركزي للمحاسبات مخالفات علية، فضلا عن كونه متهمال أمام النيابة الإدارية فى وقائع فساد تخص التموين ومكافآت البدالين التموينيين وغيرها .
و في واقعة التحريض علي قتل "أبوهاشم" ، أكد مصدر مسئول أن الموظف الشريف اكتشف مخالفات جسيمة تخص أذون صرف مكافآت لموظفين كبار، بالإضافة لمخالفات مالية وإدارية لموظفين بينهم المتهم.
شقيق المجني عليه
واستكمل "اليوم السابع" رحلته فى معرفة الحقيقة فى الأمر، ووصل مستشفي الحروق بههيا ، حيث يحتجز داخل العناية المركزة الموظف الشريف محمد أبو هاشم.
الموظف الشريف يرقد فى حالة خطرة، ممنوع عنه الزيارة لعدم قدرته علي الكلام ، و في حديقة المستشفي التقينا أسرته، حيث أكد نجله يدعى "أيمن"، طالب ببكالوريوس التجارة، أنه لا يصدق حتى الآن ما حدث لوالده، مضيفا أنه فور سماعه الخبر تملكه الشك فى الموظف المتهم.
علامات الحزن علي الأسرة
نجل المجنى عليه: والدى لم يؤذى أحدا فى حياته
وقال نجل الموظف الشريف، إن ليلة الحادث، اتصل بوالده للتأكد من حضوره للاجتماع المقرر، مؤكدا أنه شخص طيب القلب لم يؤذي أحدا فى حياته، ولا يقبل مليما حراما.
زوجة الموظف الشريف تعمل مديرة بالنيابة الإدارية، وقال نجلهما إنهما حرصا على زرع القيم و النزاهة والالتزام وحب الخير للناس فيه وأخواته، فيما قال شقيقه الأصغر محمد محمد أبوهاشم 18 سنة، " هل جزء الشرف والأمانه والحفاظ على المال العام هو ماء النار؟ ، نحن لا ننام منذ الحادث ، ولابد من سرعة تطبيق أقصى العقوبات على المتهمين ليكونوا عبرة لغيرهم من الفاسدين "
نجل المجني عليه
إبراهيم أبوهاشم 60 سنة، شقيق الموظف الشريف ، يؤكد أن قلبة يعتصر على شقيقة الأصغر ، وكل ما يتمناه هو شفاؤه العاجل، لافتا ان جميع المسئولين بالوزارة على تواصل دائم مع الأسرة للاطمئنان عليه.
المتهمون تم رصدهم بكاميرات المراقبة
فى السياق ذاته، قال محمود شاهين وكيل أول وزارة المالية بالشرقية، إنه تقرر إيقاف وكيل حسابات حى أول الزقازيق عن العمل، والمحبوس علي ذمة قضية لاتهامه بتحريض آخرين بإلقاء مادة كاوية على مديره لحين انتهاء تحقيقات النيابة فى الواقعة، بناء على توجيهات الوزارة.
و أضاف في تصريح لـ " اليوم السابع " ، أنه رافق وفدا من وزارة المالية ضم كارم محمود رئيس قطاع المديريات و الحسابات الحكومية ، و جميلة عبدالغني رئيس الإدارة المركزية للمديريات المالية، مندوبين عن الوزير، لزيارة محمد أبوهاشم المدير المالى المحتجز فى العناية المركزة بمستشفى الحروق، للاطمئنان علية .
وزير المالية يتصل بأسرة الموظف الشريف
وكشف عن اتصال أجراه الدكتور عمر الجارحي وزير المالية بأسرة الموظف المحتجز في العناية المركزة للاطمئنان عليه، والتأكيد على أن الوزارة ستقدم كل الدعم حتى انتهاء علاجه .
