أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

ابن خلدون.. لماذا يكرهه البعض؟!

السبت، 25 فبراير 2017 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«وكنت عند وصولى إلى مصر بعثت عن ولدى من تونس، فمنعهم سلطان تونس من اللحاق بى اغتباطاً بمكانى، فرغبت من السلطان أن يشفع عنده فى شأنهم، فأجاب وكتب إليه بالشفاعة، فركبوا البحر من تونس فى السفين، فما هو إلا أن وصلوا إلى مرسى الإسكندرية، فعصفت بهم الرياح وغرق بمن فيه، وما فيه، وذهب الموجود والمولود، فعظم الأسف».. كم من الوقت مضى، وعبدالرحمن بن خلدون، يلقى بناظريه للبعيد فى المساحات الممتدة من الماء، المساحات التى لا تكشف عن شىء، فأمامه بحر كبير واسع لا حد له، يتذكر ذات يوم بعيد عبره على سطح سفينة قوية، والآن ها هو ينتظر مجىء أسرته من تونس بعد أعوام كثيرة وشفاعات متعددة، لكن أحدا لم يصل فقد غرق الجميع.
 
كلما جاءت سيرة العلامة عبدالرحمن بن خلدون أجدنى أتأمل هذه اللحظة المهمة والفارقة فى حياته «غرق أسرته» وهم على مشارف الوصول، الحادث الذى دفعه إلى طريق الزهد، وألقى بظلاله عليه طوال حياته، لدرجة أن المؤرخين يؤكدون أن إدراك «مؤسس علم الاجتماع» للمأساة لم يكن واضحا، فأحيانا كثيرة كان يسقطها من ذاكرته ويحكى عن ابنه «زيد» الذى يعمل كاتبا لدى سلطان تونس.
 
أتذكر ذلك كلما هاجم أحدهم الشيخ عبدالرحمن بن خلدون، وقلل من قيمته وعلمه، وهو ما فعله الدكتور بشار عواد معروف، فى منتدى علمى أقامه معهد المخطوطات العربية، وذهب فيه إلى أن ابن خلدون مؤرخ دون المتوسط، وأن كتابه فى التاريخ «العبر» هو نقل عن نسخة رديئة لكتاب الكامل لابن الأثير.
 
لا أعرف الغرض من التقليل من علمائنا، وهو أمر بعيد تماما عن النقد، للأسف نحن مضطرون للقول بأن الأوروبيين هم الذين اكتشفوا أهمية ابن خلدون ودوره فى بداية القرن التاسع عشر، حتى أن بالمؤرخ الإنجليزى أرنولد توينبى رفعه إلى أعلى المستويات عندما قال بـأنه أكبر منظر لفلسفة التاريخ فى كل الأزمنة وكل البلاد.. فقد بلور نظرية متكاملة عن صعود الحضارات وانهيارها وأسباب ذلك، كذلك المؤرخ الفرنسى المعروف فيرنان بروديل قال «ابن خلدون يعتبر من قبل المفكرين المعاصرين بمثابة أحد مؤسسى علم الاجتماع السياسى، وكانت فلسفته للتاريخ تقول بما معناه: الإمبراطوريات أو السلالات، كالبشر، لها حياتها الخاصة»، وكثيرون منحوا الرجل حقه ودرسوا فكره واختلفوا واتفقوا معه لكن فى حدود إدراك قيمته، لكن البعض لا يزال يؤمن بالبحث عن «دور» من خلال تحطيم الثابت من الأمور.
 
عبدالرحمن بن خلدون، رجل شغل الناس ولا يزال قادرا على فعل ذلك بأفكاره السارية منذ قرون.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة