أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

إبراهيم أبوثريا.. فلسطين التى لا تموت

الإثنين، 18 ديسمبر 2017 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقول محمود درويش عن الشهداء «رأيت الشهداء واقفين، كلٌ على نجمته، سعداء بما قدّموا للموتى الأحياء من أمل/ ورأيت رأيت رأيت بلادا يلبسها الشهداء ويرتفعون بها أعلى منها/ وحيا وحيا/ ويعودون بها خضراء وزرقاء/ وقاسية فى تربية سلالتهم: موتوا لأعيش!/ فلا يعتذرون/ ولا ينسون وصاياهم لسلاتهم: أنتم غَدُنا، فاحيوا كى نحيا فيكم!/ وأَحِبُّوا زهر الرُمّان/ وزهر الليمون».. صار من الواضح أن فلسطين مقبلة على انتفاضة جديدة، فالشهداء الذين هم مقياس الحب ومقياس التضحية الحقة، بدأوا يعلنون عن أنفسهم، وبكل نقائهم أصروا على أن يقولوا كلمتهم للنهاية غير آبهين بأى شىء إلا الوطن.
 
ففى يوم الجمعة الماضى استشهد ياسر سكر «32 عامًا» وإبراهيم أبوثريا «29 عامًا»، جراء إصابتهما بنيران الاحتلال فى المواجهات التى اندلعت فى قطاع غزة، فى حين استشهد باسل مصطفى محمد إسماعيل من بلدة عناتا جنوب مدينة رام الله ومحمد عقل «29 عامًا» بالضفة الغربية.
 
لكن دعونا نتوقف عند إبراهيم أبوثريا الذى استشهد برصاصة فى رأسه، وذلك بعد أربع سنوات على بتر ساقيه فى هجوم لجيش الاحتلال بالطائرات على قطاع غزة، لكن هذه الإصابة القاسية لم تترك أثرها على روح وقلب إبراهيم.
 
اليوم يمكن القول إن إبراهيم أبوثريا دخل التاريخ من أوسع أبوابه وتحول إلى أيقونة عربية خالدة بجانب كل الأبطال الذين سطروا تاريخهم عبر النضال بعيدا عن كاميرات الإعلام ومانشيتات الصحف، والسبب فى هذا الخلود أن إبراهيم أبوثريا أدرك قيمة الوطن، وعرف أن الأرض لن يحررها سوى أبنائها.
لنا أن نتخيل البطل الفلسطينى وهو يهتف رافعا علم فلسطين، متخذا من كرسيه المتحرك منبرا حقيقيا للإعلان عن عروبة الأرض.
 
ولنا أيضا أن نتخيل القناص الإسرائيلى الذى أبصر البطل إبراهيم أبوثريا وسط المتظاهرين، وأدرك جيدا أن هذا الشخص وأمثاله هم الهاجس الصعب الذى يجب التخلص منه، ومن منظار بندقيته عرف أن الخطر الحقيقى لإسرائيل يكمن فى وجود إبراهيم أبوثريا، وأن زوال فكرة إسرائيل وجيشها ووجودها سيكون بسبب زحف هذا الجسد فاقد الساقين، تخيلوا الرعب الذى نشب فى قلب الجندى الإسرائيلى عندما شاهد إبراهيم أبوثريا يرفع العلم الفلسطينى، وتساءل عن قوة القلب التى يملكها هذا الفلسطينى الذى لا يعترف بالعجز.
 
ما يضفى قوة مغايرة على استشهاد إبراهيم أبوثريا هو أنه نموذج حقيقى لفلسطين، فهو غير ما يراه الناس، وهى غير ما يراها الناس، البعض يذهب إلى أن «فلسطين» فقدت الكثير وتنقصها أشياء ضرورية تتعلق بالتقسيم والتناحر على السلطة والمعاناة الاقتصادية، والناس كانوا يرون فى أبوثريا أنه عاجز فقد ساقيه فى حرب سابقة ولن يستطيع أن يعبر عن حبه للوطن، هؤلاء لا يعرفون فلسطين ولا يعرفون رجالها.
 
أقول، إن فلسطين لا تعدم أبدا، وبعيدا عن السياسيين المختلفين دائما، فى العثور على نموذج يشعل ثورتها ويأخذ بيد قضيتها إلى الطريق السليم، وهو طريق المطالبة بالحق بكل وضوح حتى النصر أو الشهادة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة