أكرم القصاص - علا الشافعي

عبد الفتاح عبد المنعم

الجذور التاريخية لصراع أمريكا على النفوذ فى الشرق الأوسط

الإثنين، 06 نوفمبر 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أغسطس من العام الحالى نشر الدكتور جواد بشارة دراسة خطيرة حملت عنوان «الصراع الروسى الأمريكى فى الشرق الأوسط»، ونشر على موقع «إيلاف»، وفيه كشف الباحث عدة نقاط تاريخية وسياسية عن أمريكا وروسيا وصراع الدولتين على المنطقة منذ سنوات طويلة.
 
يقول الباحث: يشهد المسرح السياسى والدبلوماسى الدولى تصعيداً وتوتراً إعلامياً وسياسياً وعسكرياً فى الآونة الأخيرة بين الخصمين اللدودين روسيا وأمريكا وحلقة الحلفاء المقربين إليهما، الأمر الذى دفع صحيفة الفيجارو الفرنسية اليمينية إلى أن تعنون صفحتها الأولى فى الأول من أغسطس الماضى، «بأن هناك أجواء لحرب باردة جديدة فى الأفق» عندما أعلن فلاديمير بوتين طرد 755 دبلوماسيا أمريكيا من الأراضى الروسية، أى تقليص عدد التمثيل الدبلوماسى الأمريكى فى موسكو رداً على إصدار الكونغرس الأمريكى، وبموافقة إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لحزمة جديدة من العقوبات على روسيا. يذكر أن انتخاب ترامب قد ساعد فى انتعاش أمل جديد فى تحسين العلاقات الروسية الأمريكية وإقامة تفاهم وتعاون أمتن بين البلدين ووضع حواجز جمركية ضد البلدان التى تغش على الصعيد المالى والنقدى والاجتماعى والتشغيلى والبيئى والقضائى، ولكن مع الأسف اقتضت الضرورات السياسية انغلاق الأنظمة السياسية القائمة والعودة لممارساتها التقليدية فتخلى دونالد ترامب عن مشروع الحواجز الجمركية والحدودية التى كان من المؤمل أن تجلب للخزينة الأمريكية 100 مليار دولار سنوياً وتبخر أمل الانفراج مع روسيا، خاصة بعد تفاقم فضيحة التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية ضد هيلارى كلينتون لصالح ترامب، الأمر الذى نفاه هذا الأخير على الرغم من وجود دلائل تدينه وتثبت العكس.
 
يتبع الجيوبولتيك الأمريكى، حسب الباحث، مسلمة مفادها أنه للسيطرة على العالم ينبغى أولا التحكم بالجزر الدولية وأهم هذه الجزر حسب المحلل الأمريكى هالفورد ماكندر، هى منطقة الـheartland، وهى فضاء جغرافى يمتد من سهول أوروبا الوسطى إلى سبيريا باتجاه الشرق الأوسط وحوض المتوسط وجنوب آسيا، وبالطبع عقدة هذه المنطقة ومركزها حسب ماكندر هى روسيا وهى المنطقة التى سماها مستشار الأمن القومى السابق للرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر وهو زبجنيف بريجنسكى الـ«أوراسيا» فى كتابه الشهير «رقعة الشطرنج الكبيرة» الذى عرض فيه فكرته الاستراتيجية التى تقول «إن تحسن أوضاع العالم واستقراره يعتمدان على نجاح الهيمنة الأمريكية التامة، وبالتالى فإن الرهان الأكبر المطروح على الأمريكيين هو السيطرة على منطقة. وفى إطار الممارسة الديموقراطية والخضوع للواقع الديمقراطى، يتعين على أكبر قوة دولية فى العالم أن تقبل التحدى وتقنع مواطنيها بأهمية القوة الأمريكية المتفوقة، وهذا ما تعمل من أجله هوليوود والمجمعات المالية والصناعية المتعددة الجنسيات التى تهمين على وسائل الإعلام الدولية، والهدف المنشود هو تدعيم وترسيخ الهيمنة الأمريكية باعتبارها القوة الأولى فى العالم، ومنع ظهور أى قوة أخرى منافسة للولايات المتحدة الأمريكية، وبأى ثمن، على القارة الأوراسية.
 
كانت هذه الرؤية إحدى أهداف الاتحاد الأوروبى كما أرادها جون مونيه مهندس النزعة الأطلسية، والتبادل الحر، والاختفاء التدريجى للدولة الأمة أى الدول القومية لصالح أوروبا الفيدرالية على غرار أمريكيا الفيدرالية، مما أثار حنق وغضب الجنرال ديغول عليه ووصفه تحقيراً له بأنه رجل المال الصغير الخادم للأمريكيين، تبنى بريجنيسكى أطروحات ماكندر الجيوسياسية والجيوستراتيجية، ودعا إلى محاصرة وتطويق روسيا وإضعافها أو مضايقتها بكل السبل وبكافة الوسائل، وهو الأمر الذى حاولت الأوساط اليمنية الجديدة الأمريكية فرضه على دونالد ترامب وهى نفس السياسية الآنجلو ساكسونية المتبعة منذ القرن التاسع عشر إلى يوم الناس هذا.
 
ولقد تجلى ذلك فى الملفات الفرعية التى يتصارع فيها الكبار بالوكالة على المسارح الإقليمية كالملف العراقى والملف السورى والملف اليمنى والملف الإيرانى السعودى التركى والملف الليبى.
 
وفى هذا الإطار ترسم ملامح مشروع الشرق الأوسط الكبير والجديد. كانت نتائج الحرب العالمية الأولى 1914 - 1918 قد أتاحت للمنتصرين سنة 1920 فرض معاهدة سيفر على الإمبراطورية العثمانية المهزومة. لقد اندلع صراع قوة بين مصطفى أتاتورك ومعسكر الحلفاء المنتصر فى ما عرف بحرب استقلال تركيا التى انتهت سنة 1922 ولم يستطع أحد تطبيق معاهدة سيفر. وفى تموز 1923 وقعت الإمبراطورية العثمانية المنهارة اتفاقية لوزان التى رسمت أغلب الحدود الحالية لتركيا المعاصرة، ما عدا الحدود مع العراق فقد كانت مؤقتة وسميت بـ«خط بروكسل» ولقد أعلن مصطفى أتاتورك فى 29 أكتوبر 1923 تأسيس الجمهورية التركية وانتخب أول رئيس لها.
 
كانت القوات البريطانية على بعد 20 كلم عن الموصل فى 30 أكتوبر سنة 1918، وهو اليوم الذى وقعت فيه لندن على وقف إطلاق النار فى ميدروس الذى وضع حداً للحرب مع تركيا مما جعل الوجود البريطانى فى الموصل غير شرعى. طالبت تركيا بأراضى ولاية الموصل إلا أن لندن رفضت ذلك وعارضت إجراء استفتاء لـ600 ألف مواطن من سكان المنطقة، تقدمت تركيا بشكوى لعصبة الأمم لكنها خسرت الدعوى وأعطى الحق للبريطانيين، إذ إن تركيا لم تكن عضواً فى عصبة الأمم آنذاك، على عكس بريطانيا، من هنا فرضت معاهدة أنقرة الموقعة فى تموز 1926 «خط بروكسل» باعتباره خط الحدود الدولية الفاصلة بين العراق وتركيا، ما يعنى وضع الموصل ضمن الأراضى العراقية.. «يتبع».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة