أكرم القصاص - علا الشافعي

عبد الفتاح عبد المنعم

خطة الأزهر لمواجهة التبشير الأمريكى فى مصر

الإثنين، 09 أكتوبر 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أواصل قراءتى للعلاقات المصرية الأمريكية فى جانبها التاريخى، وذلك استنادًا إلى «دائرة المعرفة الدولية خلال الألفية الثالثة».
 
وأقلقت كذلك الحملة الصحفية الحكومية البريطانية والتى اعتقدت أن الملك يشجع الحركة المناهضة للمبشرين فى مصر، كما كان للأزهر دور كبير إزاء تلك الأحداث التبشيرية، فقد طالب الشيخ الظواهرى من الحكومة سن تشريع لمنع نشاط المبشرين فى مصر، كما أصدر فتوى فى سبتمبر 1933 تدين وبشدة المسلمين الذين يلحقون أبناءهم بمدارس الإرساليات الأجنبية، ونتيجة لهذه الفتوى تناقص عدد الدارسين المسلمين بمدارس الإرساليات التبشيرية، وتعترف وثائق الإرساليات التبشيرية بانخفاض فى عدد الملتحقين من أبناء المسلمين المصرين بمدارس الإرساليات الأمريكية بدرجة ملحوظة، ولقد قلقت دار المندوب السامى البريطانى من بيان شيخ الأزهر، فقد قابل السكرتير الشرقى لدار المندوب السامى مستر سمارت Smart، وزير الداخلية المصرى ولفت نظره إلى خطأ ذلك البيان المناهض للمبشرين من شيخ الأزهر، فرد وزير الداخلية بأن شيخ الأزهر كان مدفوعا لعمل ذلك البيان لاتهام المعارضة له بأنه لم يفعل شيئً إزاء المبشرين، وأكد وزير الداخلية لمستر سمارت أن هذا البيان لن يكون له تأثير قوى وسوف لا يتبع ببيان آخر.
 
وفى منتصف يونيو 1933 أعلن الشيخ مصطفى المراغى عن تأليف جمعية لمقاومة التبشير، وسرعان ما انضم إلى عضوية الجمعية لفيف من رجال الدين الإسلامى والمفكرين، والمثقفين من شباب الأزهر فكان من أعضاء الجميعة الدكتور حسين هيكل، وعبدالحميد سعيد، رئيس جمعيات الشبان المسلمين، ومحب الدين الخطيب، رئيس تحرير مجلة الزهراء الشهرية، ومجلة الفتح الأسبوعية، والشيخ محمد الخضر حسين والشيخ حسن البنا، وتكونت لهذه الجمعية فروع ولجان فى المدن والقرى وتصدت هذه اللجان لمن يسمون أنفسهم بالمبشرين، ونتيجة لذلك طالب النائب أحمد والى الجندى من وزير الأشغال سحب التصاريح المجانية للمبشرين وركز على أعضاء بعثة الكلية الأمريكية بالجامعة الأمريكية وثارت مناقشة حادة بين الوزير وبعض النواب الذين اعتبروا أعضاء البعثة مبشرين بينما اعتبرهم الوزير مدرسين، المهم أن الوزير وعد بدراسة المسألة ولم تنشر الصحف أحداثاً ذات بال عن المبشرين سواء كانوا أمريكيين أو غيرهم.
 
وفى نهاية عام 1939 كان عدد أعضاء الكنيسة الإنجيلية المصرية 20 ألف عضو ولم تشر الوثائق أو الكتب التى تناولت التبشير عن عدد المسلمين المصريين المتحولين للمسيحية خلال فترة الدراسة، ولكن يمكن حساب عدد المتحولين للمسيحية بشكل قياسى كالآتى ففى عام 1904 أى بعد 50 عاما تقريبا من وصول الإرسالية الأمريكية إلى مصر تم تعميد 100 مسلم فقط، أى أنه يمكن القول إنه كل 50 عاما يتم تعميد 100 مسلم أى أنه يتم تعميد اثنين من المسلمين كل عام، وقياسا على ذلك فيمكن القول إن عدد المتحولين من الإسلام للمسيحية فى الفترة من 1919-1939 حوالى أربعين وهو رقم خاضع للخطأ والصواب ويعتمد بشكل تام على مدى صحة أو خطأ أو مبالغة الإرسالية الأمريكية فى عدد المتحولين للإسلام عام 1904. وهو أيضا رقم ضئيل ويدل على الفشل الذريع للإرسالية التبشيرية الأمريكية فى مصر فى العمل وسط المسلمين.
 
تبقى كلمة أخيرة بالنسبة للنشاط التبشيرى الأمريكى فى مصر، وهى متعلقة بمطالبة المبشرين الأمريكيين بمبدأ الحرية الدينية، لقد جاءت فكرة مطالبة المبشرين الأمريكيين بالمطالبة بمبدأ الحرية الدينية فى مصر من فكرة بسيطة وهى اعتقادهم أن خشية المسلم من التحول للمسيحية تنبع من فقدان مبدأ الحرية الدينية، بالإضافة إلى أنه ليس هناك طريقة للتسجيل للمتحول من الإسلام للمسيحية وأن الشكل الوحيد المعترف به هو التسجيل من المسيحية للإسلام، ولهذا فإن المتحول من الإسلام فقط يتعرض للاضطهاد الاجتماعى، ولكنه أيضا يتعرض لعدم الشرعية القانونية، فهو لايستطيع أن يطالب بالميراث من أقربائه المسلمين، كما أن زوجته عادة تنفصل عنه، وإذا كانت المتحولة امرأة فسيكون حالها أسوأ فإذا لم تكن متزوجة فإن حياتها تكون مطلوبة من والدها أو الوصى عليها، وإذا كانت متزوجة فتكون مطلوبة من زوجها وتكون معرضة لكافة أنواع الضغوط من طافة المجتمع الإسلامى، كما كان لإعلان دستور مصر بأن الإسلام هو دين الدولة سبب آخر فى مطالبة المبشرين الأمريكيين فى طلب الحرية الدينية، ولذلك شكل المبشرون الأمريكيون ضغوطاً قوية على السياسة الخارجية الأمريكية للمطالبة بهذا الأمر وخصوصاً أن الدين يتدخل كعامل قوى فى تكوين السياسة الخارجية الأمريكية.
 
ويبدو أن الأحداث التى تلت حادثة القس زويمر هى التى دفعت كافة الإرساليات التبشيرية العاملة فى مصر إلى التضامن مع الطلب الأمريكى، فقد أرسل المجلس التبشيرى العالمى المصرى Council Egypt inter-Mission والذى يمثل عديداً من الطوائف البروتستانتية الأمريكية والأوروبية- خطاباً فى 24 مارس 1930 للوزير الأمريكى المفوض بالقاهرة مستر جونثر مطالباً فيه بمبدأ الحرية الجينية وأرسل جونثر هذا الطلب لوزير الخارجية الأمريكى والذى أرسله بدوره للسفير الأمريكى فى لندن مستر داوس Daws مبلغا السفير انتهاز أقرب فرصة لإجراء تحقيقات شفوية مع السلطات البريطانية المعنية لإتخاذ خطوات لصيانة الحريات الدينية فى مصر وذلك من خلال الترتيبات الجديدة التى تعد الآن بين بريطانيا ومصر... يتبع.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة