فايزة ربيع تكتب: قابل للكسر

الجمعة، 08 يوليو 2016 01:00 ص
فايزة ربيع تكتب: قابل للكسر ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قلوباً نابضة تفيض بالحب، حساً مرهف، ومشاعر تحمل فى طياتها الكثير من الحنين والحنان، وأيضاً كثيراً من الخيال .. والقليل من الصلابة !!

كل هذه معان إنسانية راقية نحملها بداخلنا محكمة بمبادئ وقيم تختلف باختلاف تقدير كل منا لذاته فهى التى تبدو مغلفةً تحت مسمى " الكيان " الذى هو أداة عبورنا للعالم الخارجى معبراً عن ملامح شخصية كلاً منا، وهو أيضاً ما نحويه نحن فى عالمنا الداخلى فَتَعْبُر لنا من خلاله قسوة هذا العالم وتخبطاته، اما تلك فهى مفرداته التى جعلت منه كياناً من شدة رقته وحساسيته " قابلاً للكسر " ...

لكن .. بالرغم من أننا كثيراً ما نُوقف الدنيا على قدمٍ وساق للدفاع عن هذا الكيان والذى هو الوجة الآخر لكرامتنا التى نستميت طوال الوقت من أجل عدم المساس بها هى الآخرى .. إلا أننا وبمنتهى الصدق نحن مَن نتسبب فى تدميره وبكل ما أوتينا من قوة .

نعم .. نحن من نُعرض أنفسنا وبكل ما يحويه هذا الكيان للانكسار ولا أحد غيرنا كما نَزْعُم حينما نسترسل فى سرد تجاربنا المأساوية معبرين عن خيباتنا وسقطاتنا والتى نرى أن المتسبب فيها هو إما حظنا السيئ أو الأشخاص السيئين ! كما لو أننا أصبحنا نستمتع ونحن نجيد “ دور الضحية “ .. وفى الحقيقة هو تبرأ من ضعفنا وخضوعنا لاختياراتنا الغير مناسب وغير اللائقة والهروب من الإحساس بالذنب فى حق أنفسنا وذلك بإلصاقها للظروف والأشخاص وهكذا نمكث فى دوامة إلقاء العيب على من حولنا وعلى زماننا وفى الحقيقة أنه “ ليس لزماننا عيبٌ سوانا”

أعلم أنه من حق كل إنسان أن يكون لديه أحلام يحلق بها ساعياً لتحقيقها بشتى الطرق “المشروعة” ولكن ما إن تتحول هذه الأحلام ( لتطلعات )، فيجب أن تكون هناك وقفة لأنها وبدون وعى ستتحول إلى احتياجات مُلحة لدرجة أنها قد تجعلنا نفقد الموجود ونحن نبحث عن المفقود .. وهذا يرجع إلى أن فكرة الوصول إلى الكمال هى المسيطرة، متناسيين، أنها دنيا وليست جنه، وأن النقصان هنا هو سنة كونية، ولكننا كثيراً ما نتسبب بأيدينا فى فتنة أنفسنا بعدم الرضا واستعجال أمر لم يُقدر بعد، أو ربما السماح للفتن أن تخترق حياتنا، فنخرج بأرواحنا من بؤرة الاستقرار والهدوء الفطرى لنسقط بها على مفترق طرق نغامر فيه بتلك المشاعر والأحاسيس فنجعلها تُؤذىَ وتتألم لأننا وبكل بساطة سيرنا ضد التيار وتعارضنا مع الطبيعة فخالفنا القانون الربانى الذى يُحصنا ويَحكم أقدارنا فى أمور جعلها الله لا تكلف أنفسنا أكثر من وسعها، ولكن نحن مَن اجتهدنا فَحملناها ما لا طاقة لها به .. لقد خلقنا الله وهو سبحانه يعلم ما بنا من ضعف لذا شرع تلك القوانين لتحمينا فأمرنا أن نحجب تلك الأحاسيس المرهفة ونحفظها ممن لا يخافون فينا إلاً ولا ذمة.. فهى أغلى من أن تستباح وتنتهك وتصبح مِن حق مَن لا يستحق .

ما أراه اليوم من آلام وانكسارات تملأ القلوب والوجوه جعلنى أحزن كثيراً .. فما نظرت فى أمر محاولةً إيجاد مبرر حتى أستطيع أن أهون من الأمر أو ألتمس عذراً، فما وجدت إلا وصاحب الأمر هو المتسبب الأول فى إيذاء نفسه فالبداية دائماً من عندنا وذلك عندما سمحنا لأنفسنا بالتواجد فى المكان الخطأ مع الأشخاص الخطأ ..أو حينما سعينا لِتَملُك أشياء خُيل لنا أنها من حقنا ..

أحيانا أخرى تحدث لنا أموراً قد تكون خارجة عن الإرادة ولا يد لنا فيها وهى ما تسمى بمُقدرات الحياة، أو نمر بابتلاءات هى فى الحقيقة اختبار لأنفسنا لنكتشف ما بها من اعوجاج فنقومه، أو ما بها من قوة إرادة وإيمان فنقويه .. ولكننا كثيراً ما قد نتعجل ونسيء التصرف حياله، فلا نصبر ولا نحتسب .. فتصبح النتيجة: ابتلاء أفضى إلى ذنب وارتكبناه نحن فى حق أنفسنا .. وعادةً يحدث التخبط من هنا .. فلقد منح الله لكلٍ منا حياة خاصة بمعطيات مختلفة لكنها متساوية ومتناسبة مع قدراتنا .. ولذلك فمن يبحث عن السعادة يعلم جيداً أنها تكمن أولاً فى الرضا وثانياً فى حسن الإختيار .. فما نعتاد عليه من اختيارات خاطئة “يقيناً “ستصبح آلام يصعب تحملها فيما بعد .. فعندما نعتاد تختلف الموازين فنثق ونُسلم بأبدية ما آمنا به وصدقناه، ونتناسى أن كل شيء فى الأصل لابد له من نهاية، فهو زائل لا محالة.. وبالفعل كثيراً ما يحدث أن تتلاشى تلك الثقة المزعومة، فنتألم حينما نفتقد، ثم ندرك أنه لم يكن ممكناً أن نتعافى من فكرة الإيمان ( المطلق ) بالأشخاص والمواقف إلا حينما: نعتاد ونثق، فنتألم .. ثم ندرك .. وربما يؤدى ذلك إلى أن نتمادى فى الأخطاء والتنازلات لعدم قدرتنا على تحمل آلام هذا الفقد ..
رجاءاً .. رفقاً بنفسك فلا تجعلها تندم على اختيار ساذج أو وهمٍ كاذب، فهذا ما قصدته بمفترق الطرق الذى بأيدينا نضع أقدارُنا فوقه، فالاختيار هنا حتمى فهو ما بين { الصعود والارتقاء بهذا الكيان فوق الفتن والابتلاءات، أو السقوط فى الهاوية للانغماس فى المزيد من الأخطاء والزلات.. لذا علينا أن ننتبه " لنقطة البداية " فى كل قصة، وكل لقاء، وكل موقف، فمنها دائماً قد تبدأ تلك المعاناه وربما تنتهى قبل أن تبدأ، وذلك بقليل من الهدوء النفسى والتفكير السليم فيما نحتاجه حقاً، ولما نحتاجه .. !! حتى لا نتسبب فى زلزلة كيان كرمه الله .. وما يجب علينا هو حمايته للارتقاء بأنفسنا إلى أن نعبر من الدنيا بسلام حتى نأتى الله بقلب سليم وكياناً بجهاد النفس يصبح للجنة جسر .. فلا تجهده بكثرة التعلق والتجارب القاسية فيصبح قابلاً للكسر ..








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة