إيمان رفعت المحجوب

لسنا شارلى إبدو ولسنا مثليى فلوريدا ولا ينبغى أن نكون إرهابيين

الجمعة، 17 يونيو 2016 10:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس دفاعاً ولا نقداً ولكن سؤالٌ، لماذا لم يقوَ أحدٌ هذه المرة أن يقول "كلنا نادى المثليين بفلوريدا" على غرار الشعار الذى رفعه هو نفسه فى السابق "كلنا شارلى إبدو" أليست العمليتان إرهابيتين متماثلتين؟ هما صنوان بل على العكس كانت شارلى إبدو الجانى قبل أن تتحول إلى مجنى عليه، فهى التى بادأت المسلمين التحرش وأهانت مقدساتهم وآذتهم نفسيا، وقطعاً لست ابرر بهذا للمذبحة التى كانت، وعلى الرغم من هذا سارع كثيرٌ من المسلمين ووضعوا انفسهم فى معية شارلى إبدو مجاملةً للفرنسيين، على إنى كنت أرى إن كان بإمكانهم بل وكان عليهم الاكتفاء بإدانة المذبحة دون أن يكونوا كلهم شارلى إبدو التى أساءت فى حق المسلمين وأذكر جيدا أنى يومها كتبت مقالاً بالفرنسية مضمونه إنى مسلمة ولست إرهابية وأدين القتلة والقتل ولكنى لا يمكن أيضاً أن أكون شارلى إبدو الذى لم يحترم مشاعرى منذ البداية، هذا موقفى أنا، أدنت الجريمة الإرهابية دون التورط فى دعم ما فعلت شارلى إبدو لكنى أتساءل ما بال أولئك الذين أدانوا الجريمة الإرهابية ودعموا شارلى إبدو حتى رأوا أنهم "كلهم شارلى إبدو" لم يفعلوا اليوم تجاه مذبحة نادى المثليين؟ إذ لم نجد صوتاً واحداً يتطوع ويضع نفسه مكان المثليين رافعاً شعار "كلنا نادى المثليين بفلوريدا"، موقفهم هذا يخبرنا بانهم يقيسون العمليات الإرهابية حسب الحالة المزاجية، وعلى هذا الأساس يكون تعاطفهم من عدمه وهم لا يقبلون لأنفسهم ان يكونوا على هذا الحال من المثلية الجنسية لا تصريحاً ولا تلميحاً ! ولا حتى بعد التعريف الجديد للشذوذ، اقصد تعبير المثلية الجنسية، فهذا لم يلطف من الفكرة فى شئ ومازالت فكرةً نشازاً، فماذا والمثلية الجنسية لا تعد شيئاً طبيعيا متقبلاً حتى ولا فى المجتمعات الغربية المنفتحة بدليل قصة القاضية الأمريكية التى فضلت الإقالة على مخالفة شرائع السماء بتوثيقها عقد زواج اثنين من المثليين، رغم قرار البرلمان، وإذا كان لا يزال موضوع تزويج المثليين قيد البحث لا التنفيذ فى اغلب دول الغرب فما بالنا فى مجتمعاتنا ؟ المثلية الجنسية محرمة فى كل الأديان وكلنا يحرص فى بيوتنا على أن ينشئ أبناءه ذكوراً وإناثاً فى أجواء نفسية طبيعية وألا يتعرضون لما قد ينتهى بهم لمثل هذا الانحراف السلوكى ولا ندخر فى ذلك جهداً من رقابة وتوعية ونصيحة وخلق حاجز نفسى ودينى تجاه تلك الممارسات. وحتى بعيدا عن قصة الدين نجد غير متدينين وليبراليين يستهجنون الفكرة ولا حتى تحت مظلة الحريات الشخصية وحقوق الإنسان، حتى انى أكاد أجزم ان لوبى الشواذ انفسهم هو من وراء الأبحاث العلمية التى تزعم ان ليست المثلية الجنسية سلوكاً مرضياً أو منحرفاً وإنها سلوك طبيعى يرجع لچينات يحملها المثليين مدللين على ذلك بان المثلية الجنسية موجودة بين الحيوانات ويبررون محدودية إعداد المثليين بأن علاقات المثليين لا تثمر أطفالاً يرثون چينات المثلية على خلاف علاقات غير المثليين التى تثمر اطفالاً يحملون جينات غير المثلية ! وهذا اللوبى ينفق على تلك الأبحاث بهدف انتزاع حق التواجد بصورة رسمية وما يكفله لهم ذلك من حقوق واحترام فى المجتمعات.

وهنا وجب علينا التنويه عن الاختلاف الطبى بين الحالات المرضية كحالات الازدواج الجنسى الحقيقى أو الشكلى ( true hermaphroditism and pseudo hermaphroditism ) والتى يكون بسبب التشوهات الخلقية وتظهر فى التشريح وتحاليل الكروموسومات وحالات اضطراب الهوية الجنسية ( Gender identity disorder GID ) التى تكون بسبب اضطرابات فى الوظائف الدماغية مثلاً وحالات المثلية الجنسية

(Homosexuality) التى لا يكون فيها أى اضطرابات عضوية وتنعكس فقط فى الانحراف السلوكى وهى موضوع الحديث.

ما قصدت توضيحه بهذه الديباجة هو ان بيننا جميعاً، وليس الإرهابيين منا فقط، وبين بعض مفاهيم الغرب حائطٌ سدٌ لن نتسلقه وليس علينا تسلقه ولن يتم ابدا هدم هذا الحائط لاعتبارات عقائدية.

ومهما بعد بنا الزمان وتغير بنا المكان ستبقى الممارسات المحرمة دينياً محرمة ولن يحدث ان نقول بغير حرمتها على سبيل المجاملة والمغازلة للمجتمع الغربى على حساب عقيدتنا ودليلى هو عزوف الغالبية العظمى عن تقديم الدعم الذى قدموه لشارلى إبدو لنادى اورلاندو، ولا ارى جدوى لمحاولات البعض لتجميل القبيح بأى جراحة للتعايش معه وتقبله على خلاف الهوى العام الذى لن تتغير نظرته للقبيح، هؤلاء الجراحون يظنون خطأً ان علاج الإرهاب يتم بالتعايش مع الأفكار الرديئة وتقبلها أو تجميلها وان هكذا نغلق باباً للإرهاب وما ذكرت من ملابسات للحدث تدحض هذه الفكرة المتهافتة، يجب علينا ان نؤمن ان لا حل بهذه الطريق وان علينا ان نسلك طريقاً غيرها، واعترافنا بأننا نحن المسلمين فى مأزق حقيقى فى التعامل مع العالم لا يجب أن يأخذنا بمنأى عن أساس المشكلة وقد اتفقنا على ان اساس المشكلة ليس تجميل القبيح ولا مراجعة المحرمات لأن ليس علينا قبول مالا نقبل ولا تقبل لنا عقائدنا ولن نغيرها كيما يرضى عنا الغير، ولكن اساس مشكلتنا والتى يجب ان تكون شغلنا الشاغل هى إجراء بعض المراجعات الفكرية التى قد يكون من شأنها الحل وهى " لماذا يضع المسلم بالذات نفسه فى مواجهة مع ما لا يقبل وقطعاً سيجد الكثير مما لا يقبل وهذا مثالٌ لذلك وهذا هو طبع الحياة الاختلاف ؟ ثم لماذا يكون المسلم ارهابياً دون معتنقى الديانات الأخرى التى تحرم ما يحرم " ؟؟ " ولماذا يبقى خيار القتل عند المسلم فى حين تخطاه اصحاب الديانات الأخرى" ؟ وأقول المسلم وليس المتطرف لأن فكرة اهدار الدم موجودة بالفعل فى كتب المسلمين وفى حديث بعض الشيوخ يأخذ بها من شاء وإنما تركها من لا يشاء، فهى دائما هناك لمن يريد استدعاءها وباقية تحت الطلب لمن اراد لها سبيلا ولأشياء أبسط بكثير فى عرفنا من الشذوذ الجنسى كفتاوى قتل تارك الصلاة وتكفير التنويريين وإهدار دماءهم التى راح ضحيتها فرج فودة وفتوى اهدار دم اشخاص للاتهام بالخروج على الدين فى كتاباتهم مثلاً والتى كادت ان تودى بحياة نجيب محفوظ وفتاوى اعطاء الناس احقية محاسبة الآخرين على عقائدهم وضمائرهم كنائب رئيس الحى الذى اعتقل المفطرين فى رمضان بعد سماعه فتوى معينة واعتقد اننا بصدد عصر جديد من تفشى الإرهاب بعدما شهدنا وسنشهد من زيادة سجناء الرأى والمجددين بدعوى ازدراء الأديان فى ظل الإبقاء على هذا القانون الذى ضمن البقاء لكل فتاوى التكفير واحلال الدماء المتسببة بطريق مباشر وغير مباشر فيما يعانيه العالم من ارهاب ذلك بعد ان حصن هذا القانون تلك الفتاوى من التطوير باحتمالات وقوع أى مجدد أو اصلاحى تحت طائلته فيلقى مصير سابقيه من السجن والتكفير وهلم جرَّ ! فبدلاً من دفاع البعض عن افعال مستهجنة كيما تحصن الدماء لماذا لا ننزع سلاح التكفيريين الذى نمنحه اياهم بفكرة استحضار القتل وبما نجعله من سلطة للناس بعضهم على بعض فى ان يكونوا رقباء على الغير واقناعهم بان لهم على غيرهم درجة وان لهم على غيرهم سلطة الردع الإلهى فى بقاع الأرض
!
سيظل هناك ما نستسيغ وما نكره ما حيينا وعلى الإنسان، اذا اراد التعايش فى هذا العالم الذى لا يملكه، ان يلتزم حدوده تجاه ما يكره لأن ليس من حقه تغيير كل ما يكره ومن يتصور ان من حقه ان يصبغ الناس جميعاً بالصبغة التى يفضلها ينتهى بما يكره ويبوء بنهاية هتلر النازى احرق اليهود ودمر بلاده.

نهاية أى فكر متطرف هو تسليم العالم لفكر أكثر تطرفا وفى الاتجاه المعاكس والنتيجة الطبيعية لتلك الأحداث انك سترى تزايد فرص دونالد ترامب اليمينى المتطرف فى امريكا ومارى لوپان فى فرنسا.
* أستاذ بطب قصر العينى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة