د. سامى عبدالعزيز يكتب: الإعلام.. الصناعة الفاسدة والمفسدة!..الهوى يهوى بدراسات الإعلام.. والميل يميل بها ويخرجها عن علميتها وموضوعيتها..والعالم ينفق بسخاء على دراسات التسويق والجمهور

الإثنين، 04 أبريل 2016 12:07 م
د. سامى عبدالعزيز يكتب: الإعلام.. الصناعة الفاسدة والمفسدة!..الهوى يهوى بدراسات الإعلام.. والميل يميل بها ويخرجها عن علميتها وموضوعيتها..والعالم ينفق بسخاء على دراسات التسويق والجمهور سامى عبد العزيز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مثل الطبيب الذى لا يستطيع أن يكتشف الداء بدقة، ويحدد الدواء بفعالية.. من دون أشعة صادقة، وبدون تحاليل دقيقة، لا يستطيع الإعلامى أن يحدد أين يقف، ولا تستطيع المؤسسة الإعلامية أن تقرر إلى أين يمضى، ولا يستطيع رجال الإعلان والتسويق وضع إعلاناتهم والتخطيط لحملاتهم دون دراسات إعلامية دقيقة، ودون دراسات جمهور غير متحيزة لجهة، وغير تابعة لمصالح معينة.. وإذا كان «الغرض مرض» كما يقولون فى التراث العلمى، فإن الهوى يهوى بدراسات الإعلام، والميل يميل بها ويخرجها عن علميتها وموضوعيتها.

الإحصاءات الدولية تشير إلى أن العالم ينفق بسخاء على دراسات التسويق والجمهور.. فى العام الماضى أشارت إحدى الإحصاءات إلى أن مجموع الإنفاق الدولى فى عام 2015 بلغ 37 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل فى عام 2020 إلى 50 مليار دولار.. صناعة ضخمة، لها مردودها الاقتصادى، ولها انعكاساتها فى صناعات أخرى عديدة.

فى مصر، توجد مشكلات عديدة تتعلق بهذه الصناعة.. أولاها أنها تكاد تكون محتكرة من شركات دولية لها مصالحها الخاصة، ولها تحيزاتها التى لا تخفى على أحد، هذه التحيزات تترتب عليها تفضيلات نحو قنوات، وانحياز نحو وسائل لها ارتباطاتها معها.. هذه الشركات تمارس هذه التحيزات بحرية لغياب بديل وطنى قادر على منافستها.. ودون وجود آلية لرقابتها، والتحقق من صدق نتائجها.. وثانيها أن شركات البحوث فى مصر تستخدم وسائل قديمة، عفا عليها الزمن فى قياس نسب المشاهدة والتعرض لوسائل الإعلام.. معظم الشركات تسأل المبحوثين تليفونيًا، أو توزع عليهم يوميات، وتطلب منهم أن يقوموا بملئها.. وهذه الوسائل إلى جانب عدم دقتها، أكثر تكلفة، وأكثر تضييعًا للوقت.

المشكلة المصرية ليست عصية على الحل، ووسائل حلها ميسورة فى ضوء التكنولوجيا الحديثة، والتى سبقنا إليها كثير من الدول العربية.. فى المملكة السعودية، تم تأسيس الشركة السعودية لقياس وسائل الإعلام منذ عام 2014، وفى الإمارات تم إنشاء شركة الإمارات لقياس الأداء الإعلامى، وكلتا الشركتين تقوم بقياس المشاهدة، والتعرض لوسائل الإعلام من خلال جهاز People’s Meter، وهو النظام المستخدم للقياس عالمياً فى معظم الدول. وفى هذا النظام يتم وضع هذه الأجهزة، وتوصيلها بأجهزة التليفزيون فى عينة من البيوت يتم اختيارها على أسس إحصائية دقيقة، وتقوم هذه الأجهزة برصد أى حركة لجهاز الريموت كنترول وللقنوات التى يتم التنقل خلالها، وتوفر بعض الأجهزة خدمة رصد استخدام أى أجهزة أخرى كالراديو أو الإنترنت بشكل متوازٍ مع التليفزيون، ثم يتم إرسال هذه البيانات ونقلها بشكل فورى عبر أجهزة الاتصال المختلفة إلى جهاز كمبيوتر ضخم يقوم بتسجيل هذه البيانات، ويتم تحليلها وفقًا للهدف المطلوب، ويمكن استخراج نتائج توضح استخدام التليفزيون دقيقة بدقيقة على مدى اليوم.

نحتاج إلى شركة وطنية مصرية تعمل وفق هذا النظام، وتحت رعاية الأجهزة الرقابية بها، ضمانًا لنزاهتها، وحماية لمخرجاتها، واستفادة من عوائدها.. نحتاج إلى شركة وطنية لها شخصية اعتبارية، وتضم شخصيات متخصصة ومحايدة تتبنى هذه الصناعة، وتعمل على ترسيخ أصولها، وتحتفظ لنا كدولة بحق الاستفادة من مخرجاتها، دون سيطرة كيانات دولية، ودون تحيزات شركات دولية.. ومن دون هذه الشركة الوطنية لن تقوم لهذه الصناعة قائمة.


p









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة