زعيم كوريا الشمالية عرض على أمريكا استئناف المفاوضات لإنهاء العداوة

الخميس، 31 مارس 2016 12:49 م
زعيم كوريا الشمالية عرض على أمريكا استئناف المفاوضات لإنهاء العداوة زعيم كوريا الشمالية
واشنطن /أ ش أ/

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كوريا الشمالية


كشفت مجلة "نيوزويك" الأمريكية عن مقترح لزعيم كوريا الشمالية كيم يونج أون عرضه مسئولو بيونج يانج فى شهر فبراير الماضى على مسئولين أمريكيين من أجل استئناف المفاوضات بأمل إنهاء عقود من العداء بين البلدين.
وذكرت المجلة - فى سياق تقرير حصرى نشرته على موقعها الالكترونى اليوم الخميس - أنه بعد ظهر يوم بارد فى فبراير الماضي، سافر العديد من المسئولين الأمريكيين السابقين إلى فندق هيلتون فى برلين، المشهورة منذ زمن بعيد بجواسيس ومؤامرات الحرب الباردة، لحضور اجتماع خاص مع ممثلين رفيعى المستوى من كوريا الشمالية - الحكومة الأكثر انعزالا فى العالم - مضيفة أنه على مدار اليومين التاليين من الشهر ذاته، اجتمع الأمريكيون فى إحدى قاعات المؤتمرات الحديثة للفندق واستمعوا إلى اقتراح جديد يثير الدهشة ألا وهو أن الزعيم الكورى الشمالى كيم يونج أون يريد استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة.
ورأت المجلة أن لهذا توقيت دلالة مهمة، حيث إنه قبل ذلك بشهر، وافقت الولايات المتحدة على إجراء محادثات لإنهاء الحرب الكورية رسميا، غير أن هذه الجهود انهارت عندما طالبت واشنطن بأن يندرج برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية ضمن هذه المناقشات. وبعد بضعة أيام، فجرت المملكة المنعزلة، المعروفة باسم جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، ما ادعت أنه قنبلة هيدروجينية فى موقع تحت الأرض فى الجبال الشمالية الشرقية الوعرة فى البلاد. ولم تترك هذه التجربة النووية الرابعة أمام المسئولين الأمريكيين مجالا سوى السعى جاهدين لإيجاد طرق جديدة للتعامل مع التهديد الذى تشكله إحدى آخر الأنظمة الشيوعية فى العالم.
وعقب اجتماع برلين، عاد المسئولون الأمريكيون السابقون على وجه السرعة إلى واشنطن ليقدموا تقرير إلى البيت الأبيض، وأخبروا كبار مستشارى الأمن القومى على طاولة مؤتمر فى غرفة العمليات أن بيونج يانج مستعدة لوقف اختبار الأسلحة النووية لمدة عام مقابل أن توقف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مناوراتها السنوية المشتركة عسكرية والتى تجدها كوريا الشمالية استفزازية.
ولفتت المجلة الأمريكية إلى أن هذا العرض كان مشابه لذلك الذى قدمته كوريا الشمالية العام الماضي، ورفضه البيت الأبيض، على خلفية غضب الأخيرة إلى حد كبير بسبب قرصنة بيونج يانج المزعومة ضد شركة "سونى بيكتشرز"، بيد أن هذه المرة، أرادت كوريا الشمالية إجراء محادثات حول إنهاء الحرب الكورية، المفترض أن تكون توقفت باتفاقية الهدنة الموقعة عام 1953. وكان كيم آنذاك على استعداد لإدراج القضية النووية فى المناقشات. واستمع مستشارو الرئيس الأمريكى عن كثب دون تعليق.
وأشارت المجلة إلى أنه لطالما كانت الحرب الكورية أحد أولويات ديكتاتور كوريا الشمالية الشاب، ويقول محللون إنه يعتبرها وسيلة للقضاء على تهديد عشرات الآلاف من القوات الأمريكية المتمركزة فى اليابان وكوريا الجنوبية، فيما يعتقد الخبراء بأن ترسانته النووية تشكل النفوذ وقوة الردع لديه على حد سواء ضد هجوم تقوده الولايات المتحدة.
وكانت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية قد أعلنت يناير الماضى أن "اختبار القنبلة الهيدروجينية كان إجراء للدفاع عن النفس لحماية سيادة البلاد من التهديدات النووية وابتزاز القوى المعادية التى تنمو يوميا"، مؤكدة أن كوريا الشمالية لن تتخلى عن برنامجها النووى إلا إذا "تراجعت الولايات المتحدة عن سياستها العدائية المشينة تجاه كوريا الشمالية وأوقفت قوى العدوان الامبريالى التعدى على سيادتنا".
وعند فحص الخطاب الشيوعى قديم الطراز، يقول بعض المحللين إن إدارة أوباما أغفلت إشارة مهمة هناك، ألا وهى أن كيم كان مستعدا لعقد صفقة مع الولايات المتحدة، حسبما أفادت (نيوزويك) الأمريكية.
وامتنع البيت الابيض عن التعليق على الاقتراح الكورى الشمالى الجديد، الذى لم يتم الإعلان عنه قبل الآن. بيد أن عددا متزايدا من المحللين والمسئولين السابقين يقولون إن سياسة إدارة أوباما تجاه كوريا الشمالية يمكن أن تثبت فشلا ذريعا، إلى حد كبير بسبب افتراضات خاطئة حول هشاشة بيونج يانج، وتضخيم نفوذ الصين السياسى والاقتصادى على كوريا الشمالية فضلا عن تصور كيم وكأنه أقل من شخصية كرتونية شريرة. كما حثوا الإدارة الأمريكية على قبول العرض الأخير لكوريا الشمالية واستئناف المفاوضات. وأضافوا أنه على أقل تقدير، فإن اقتراح بيونج يانج من شأنه أن يؤدى إلى تباطؤ البرنامج النووى فى البلاد وبدء محادثات لنزع فتيل التوتر القائم منذ أكثر من 60 عاما فى شبه الجزيرة الكورية. وفى أحسن الأحوال، يمكن أن تنتج اتفاق يمثل إرثا آخر لأوباما مثل ذلك الذى توصل إليه مع إيران إلى جانب انفتاحاته الدبلوماسية مع كوبا وميانمار.
واستدركت المجلة قائلة إنه فى حال ما إذا تمسك البيت الأبيض بسياسته الحالية، يحذر المنتقدون من أن كوريا الشمالية يمكن أن تمتلك ما يصل الى 100 قنبلة فى بداية هذا العقد. وأوضح جيمس تشرش، اسم مستعار لعميل وخبير سابق فى شئون كوريا الشمالية فى وكالة الاستخبارات المركزية، أن "فى كل مرة يجرون اختبارا، يتعلمون الكثير".
ولا يزال بعض المحللين، بما فى ذلك العديد من المسئولين السابقين فى الإدارة الأمريكية، يعتقدون أن الصين لا تزال تمتلك المفتاح لجعل كوريا الشمالية تتخلى عن أسلحتها النووية، حتى لو استغرق الأمر المزيد من الوقت. وحتى الآن، أوقفت السلطات الصينية تعاملات عدة بنوك بالقرب من حدود كوريا الشمالية مع بيونج يانج، وفقا لوسائل الاعلام التى تسيطر عليها الصين. وتفيد تقارير بأن بكين فتشت أيضا شحنات السفن المارة عبر أراضيها من كوريا الشمالية وإليها.
وفى السياق ذاته، قال مايكل فوكس، نائب مساعد وزير إدارة الدولة لشئون شرق آسيا والمحيط الهادئ، إنه بمرور الوقت، مع قيام الصين بتشديد العقوبات على نحو متزايد، "لن يتبق أمام الكوريين الشماليين سوى القليل من الخيارات"، مضيفا أن "الخناق يضيق".
واتفق ديفيد ستروب، المدير السابق للمكتب المعنى بالشأن الكورى فى الخارجية الأمريكية، مع هذا الرأي، قائلا "وصلنا بالفعل إلى نقطة اللاعودة. فإما أن يرضخ زعماء كوريا الشمالية فى نهاية المطاف لضغوطنا المتزايدة التى لا تعمل بالطريقة المتوقعة، وإلا ستتفاقم حدة التوترات لدرجة كبيرة للغاية فى كوريا الشمالية تدفع إلى أن يكون هناك بعض التغيير داخل النظام نفسه".
ويقول المشككون إن محادثات السلام مع بيونج يانج هى السبيل الوحيد لحل القضية النووية. ولكن تحقيق ذلك لن يكون سهلا. أى مفاوضات سلام شاملة مع كوريا الشمالية من شأنها أن تجعل من المحادثات التى أدت إلى اتفاق إيران أن تبدو بسيطة. وبالنسبة للمبتدئين، لا يزال الجانبان غير متفقين حول القضية النووية، مع مطالبة كوريا الشمالية الآن الاعتراف بكونها قوة نووية وإصرار الولايات المتحدة على نزع السلاح النووي. يتضح أن أى مفاوضات يجب أن تأخذ فى الاعتبار المخاوف الأمنية لكوريا الجنوبية واليابان، وكلاهما يمتلك اتفاقات دفاعية مع الولايات المتحدة.
وأوضحت (نيوزويك) أنه لعل أكبر عقبة تقف كحجر عثرة فى طريق محادثات سلام هى إصرار الولايات المتحدة على الإصلاحات فى مجال حقوق الإنسان. ويقول خبراء إنه من المؤكد أن يقاوم كيم هذا الأمر، معلنا أنه شأن داخلي. وهذا يتطلب من الإدارة الأمريكية تقدير مدى أهمية مفاوضات كوريا الشمالية مقارنة بالقضايا الأخرى التى يسعى أوباما للتعامل معها خلال فترة بقائه فى منصبه التسعة أشهر المقبلين. مع الأخذ فى الاعتبار انتقاد المدافعين عن حقوق الإنسان لأى محادثات تتجنب هذه المسألة.
ومن جهة أخرى، يحذر الخبراء أيضا أن إتمام الصفقة قد يستغرق سنوات، مما يعنى تسليم مسئولية التوصل إلى اتفاق نهائى لخليفة أوباما. ويتوقع المفاوضون الأمريكيون فى هذه الأثناء الكثير من سوء الفهم، ونوبات الغضب والنكسات. وبالطبع لن يكون هناك أى ضمان بأن يتمكن أكثر الدبلوماسيين دراية من إقناع كوريا الشمالية للاستفادة من سياسة التأمين النووية.
واختتمت (نيوزويك) تقريرها بالقول أن آخر الاختبار الأخير لتفجير قنبلة هيدروجينية من جانب زعيم كوريا الشمالية يشير إلى أن بديل الدبلوماسية هو نظام بلا أية حوافز لوقف تعزيز برنامجها النووي، وثمة أيضا خطر أن تبيع كوريا الشمالية تقنيتها النووية للإرهابيين والأنظمة الأخرى الخارجة عن القانون، وأعادت المجلة إلى الأذهان أنه فى عام 2007، على سبيل المثال، دمرت الطائرات الإسرائيلية المفاعل النووى شرق سوريا الذى تم بناؤه بمساعدة من كوريا الشمالية. وفى وقت كان يؤكد أوباما خلاله على ضرورة الأمن النووي، قدمت أحدث مبادرات كوريا الديمقراطية أفضل فرصة أخيرة لتحقيق السلام، أو على الأقل تحقيق أكبر قدر من الاستقرار، فى شبه الجزيرة الكورية المتحفزة للاشتعال.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة