خالد أبوبكر يكتب :الدبلوماسية المصرية فى أرقى عصورها..بعثاتنا الدبلوماسية قوة ضاربة وحائط صد منيع وصورة راقية لأبناء مصر فى الخارج

الثلاثاء، 29 مارس 2016 06:32 م
خالد أبوبكر يكتب :الدبلوماسية المصرية فى أرقى عصورها..بعثاتنا الدبلوماسية قوة ضاربة وحائط صد منيع وصورة راقية لأبناء مصر فى الخارج خالد أبوبكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«أكتر مصرى انتقد وزارة الخارجية عام 2009 هو أنا، لإنى وقتها وعن قرب، حسيت إن الأمر شكلى بحت، وإن لازم يتقال إن الأمور على ما يرام»، ووقتها كنت متولى قضية الدكتوره مروة الشربينى التى قتلت فى محكمة فى ألمانيا، رحمة الله عليها، وطُلب منى وقتها الذهاب إلى برلين ثم إلى دريسدن للمرافعة فى هذه القضية، وبدأت أتعامل مع وزارة الخارجية فى هذا الوقت، وكانت بالنسبة لى تجربة سيئة، فلم أجد إلا كل ضعف، وعدم استقلال فى الشخصية المصرية، ولم أجد لها مثيلا، وسياسة تجاهل للمواطن المصرى فى الخارج تجعل السفارة بالنسبة له أبعد الأماكن التى يتمنى أن يذهب إليها.

وفى بداية تولى الوزير الحالى سامح شكرى الوزارة حقيقة لم أكن متفائلا، لأنه فى أحد حواراتى التليفزيونية معه رأيته قليل الكلام، وتعبيرات وجهه لا تتغير، وينتظر دائما أن تتجاذب معه أطراف الحديث، وهى مدرسة معروفة فى الخارجية المصرية، لكن وللأمانة سرعان ما أقنعنى سامح شكرى بأنه يستحق منى كتابة هذه السطور. ففى كثير من المواقف كنت أراه متمكنا، خاصة أثناء زيارات السيد الرئيس للخارج، وفى المؤتمرات الصحفية من نظرائه من وزراء الخارجية، وأعتقد أنه مازال لديه الكثير لم يظهر بعد.

لكن الحقيقة أنا لا أكتب هذه السطور كى أمدح وزيرا فى السلطة على أدائه، لكنى وبكل اقتناع أكتبها لك عزيز القارئ كى أشرح لك نجاح المنظومة بالكامل، نجاح الدبلوماسية المصرية بكل بعثاتها، والحقيقة أننى لدى شواهد كثيرة بنيت عليها قناعاتى، بداية بطبيعة العنصر البشرى المكون للدبلوماسية المصرية، كيفية الاختيار والتدريبات التى يحصلون عليها والعادات الدبلوماسية التى يحترمونها، كل ذلك أعتبره بداية ناجحة لعمل ناجح، وبعد أن ينخرط العنصر الدبلوماسى فى العمل فى أى سفارة مصرية فى الخارج تجده داخل حكومة مصرية مصغرة، فهو مطلوب منه أن يتعامل فى كل المجالات ومع كل الوزارات المصرية.

فى هذه الأيام زرت عددا من الدول الأوروبية، والتقيت بأعضاء السفارات المصرية بها، لفت نظرى أن سفراءنا فى هذه الدول تم اختيارهم بعناية كبيرة، وهم شخصيات لها من المقومات الشخصية، وأيضا الخبرة العملية على القيام بأى مهام تكفل إليهم، كما أنهم من الشخصيات التى تجيد الإدارة، فتستطيع أن ترى روح الفريق الواحد داخل السفارة.

والأمثلة يمكن أن تتابعها بنفسك بداية من موسكو العاصمة الروسية لترى بعثة دبلوماسية راقية، وسفيرنا هناك هو الدكتور محمد البدرى الذى أعتقد أنه لعب دورا كبيرا فى التطور الكبير الذى شهدته العلاقات المصرية الروسية، هذه العلاقات التى يمكنك أن تشعر بها فى لقائك مع أى مسؤول روسى، فكثير منهم تجمعهم ذكريات وصداقات مع المجتمع المصرى، ولابد أيضا أن تأتى إلى روسيا كى تفهم ذلك، وكى تفهم لماذا أسقطت طائرة روسية فى مصر؟ وكى تعرف أنه لولا قوة العلاقات المصرية الروسية التى تحققت فى السنوات الأخيرة لكان موضوع الطائرة الروسية أخذ تطورات وخيمة أكثر بكثير من قرار تعليق الرحلات، وستفهم أيضا بلقائك مع المسؤولين الروس، أن أسر ضحايا الطائرة يمثلون ضغطا عليهم بشكل كبير وهذا أمر طبيعى، وأن قرار تعليق الرحلات كان لعدة أسباب، منها إرضاء لأسر هؤلاء الضحايا، وستسمع بنفسك احتراما كبيرا للرئيس السيسى بعيدا عن كلمات المجاملة.

لكن الجميل فى روسيا أن شرم الشيخ هى اسم لابد أن تسمعه بمجرد أن تقول إنك من مصر، فالكل يعرف المدينة والكثيرون زاروها، وتمنوا زيارتها، وهذا الكلام تستطيع أن تاخذه من العاملين فى الفنادق وسائقى التاكسى، وأيضا من المحامين وأصحاب الفكر الذين التقيت بهم، وتحزن فى ذات الوقت أنه مع كل هذه الشهرة لهذه المدينة، فهى الآن خاوية ليس بها من السياح ما يتناسب مع حجم شهرتها، لكن لك الحق أن أنقل لك أن هذا الأمر هو الشغل الشاغل لبعثتنا المصرية فى روسيا، ورأيت بعينى عملا منظما وسياسات مدروسة، وتخطيطا جيدا للعمل وسرعة فى الأداء، أعتقد أنها ستسرع بقرار عودة الرحلات الروسية إلى مصر، وهناك علاقة فريدة تجمع الرئيس السيسى بالزعيم الروسى بوتين، وأعتقد أن هذا الأمر بات واضحا للعالم كله، وقد يقلق كثيرين مثل هذا النوع من العلاقات المتميزة.

لدى أمثلة كثيرة على بعثات مصرية دبلوماسية فى الخارج تستطيع أن تقنعك بعنوان هذا المقال، وأعتقد أن الفكرة التى تستحق الإشادة هى نجاح المنظومة، ونجاح كل مكوناتها من أول ملحقيها إلى سفرائها، بل تستطيع أيضا أن تشيد بزوجات الدبلوماسيين المصريين، وسترى أيضا أن لهن دورا كبيرا فى ترك انطباع جيد عن المجتمع المصرى، لكن الحقيقة لابد أن يكون هناك اتصال مباشر بين السفراء وبين كل وزير فى مصر، وأن يكون التواصل دائما، وأن يستطيع السفير الحصول على أية معلومات أو اقتراح أية خطوات، على أى وزير فى الحكومة، كما أننى أعتقد أن البعثات الدبلوماسية، لابد أن تزود بدائرة معلومات عن كل المجالات فى مصر وبشكل يتم تحديثه يوميا، ولا أفهم لماذا لا يكون هناك فروع للأحوال المدنية والجوازات داخل كل قنصلية يمكن من خلالها للقنصل العام استخراج شهادات ميلاد أو بطاقة فى نفس اللحظة لأى مواطن مصرى يطلبها.

أتمنى أن يعين كل وزير وكيلا له للاتصال الخارجى يخاطب سفارتنا فى الخارج، ويتحدث ليس فقط على مشكلات يواجهها، وإنما يطلب منهم أن يرى ماذا تفعل الدول فى إدارة الملفات الحياتية لمواطنيها، ويحاول أن يستخدم ما سينقل له بشكل يتناسب مع طبيعة مجتمعنا المصرى. أتمنى عندما يتصل أى سفير بأى شخص فى الحكومة المصرية أن يفهم أنه لا وقت لديه كى ينتظر بيروقراطية توارثناها، وأنه يحارب فى جبهة خارجية لا تنتظر أحدا، كذلك أعتقد أن لجنة العلاقات الخارجية فى البرلمان التى سيجرى تشكيلها يجب أن يتم اختيارها بعناية، ويجب أن تجتمع بمجرد تشكيلها مع وزير الخارجية، وأن يتم تدريبهم على كيفية التعامل خارج الدولة، وأن يكون لهم اتصال مباشر مع سفرائنا.

لا أقول لك بهذا المقال إن كل الأمور على ما يرام، بالطبع لا، فمازلنا نواجه مشكلة سد النهضة والعلاقات المصرية التركية والقطرية، و«ما تقوليش مش لازمنى علاقات مع حد»، لا، الجميل أن تكون علاقاتك مع كل الناس موجودة، لكن بالشكل الذى يحفظ استقلالك، ويضمن احترام الآخر لك، وعدم تدخله فى شؤونك الداخلية.

فقط لمعلوماتك نحن أقدم الدول العربية فى تاريخ الدبلوماسية، وكثير من الدبلوماسيين العرب ينظرون إلى عمالقة الدبلوماسية المصرية لكى يتعلموا، لكن أيها السادة علينا الانتباه لكل كلمة تصدر عن الدولة فى الخارج، لكل إشارة من الداخل تفهم خطأ، وهذا دور الجميع، وبما فيها وأهمها الإعلام الذى ينقل أشياء أحيانا تضر المصالح الوطنية بحسن نية، وبعض القضايا يتم الخوض فيها بشكل قد يؤثر سلبيا على اتجاه الدولة، وسياستها وتصريحات رجال الأعمال المصريين تؤثر على رؤوس الأموال الأجنبية التى تفكر فى الاستثمار بمصر.

وإذا كنتم تتحدثون عن شكل مصر فى الخارج، وتسألون أين الهيئة العامة للاستعلامات، أدعوكم أن تزوروا مقر الهيئة، وتسألوا عن ميزانيتها، وعدد الموظفين فيها، وكم تبلغ نسبة رواتبهم، وكم يتبقى كميزانية لهذه الهيئة، لا تطلبوا من هيئة محدودة الإمكانيات أن تواجه المجتمع الدولى بأكمله، لابد من رصد ميزانية محترمة لهذه الهيئة، علينا أيضا أن نفهم دور وزارة المصريين فى الخارج، ومدى التعاون بينها وبين الخارجية، وهل هناك تنازع فى الاختصاص؟

علينا الاستفادة من هذا العدد الكبير من الدبلوماسيين المتقاعدين ووزراء الخارجية السابقين، وأن يكونوا دائما حلقة اتصال غير رسمية بالخارج، العلاقات الخارجية هى السياسة والاقتصاد والسياحة، وكثير من مناحى الحياة، وكل منا فى عمله خارج مصر سفير لبلده، تبقى عليه أمانة، وهى أن يحسن من صورته الشخصية التى بالتالى تؤدى إلى صورة راقية لمجتمع بأكمله، المقال ده عن إيجابيات حقيقية، وعن اقتراحات أعتقد أنها ضرورة، وأتمنى أن تصل الرسالة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة