لا شيء يُرهب الفرنسيين.. فرنسا تقاوم الإرهاب بالتمسك بعلمانيتها.. الهجمات المتكررة خلقت مناخا معاديا لـ"الشعارات والرموز الدينية".. وحكم إزالة تمثال السيدة العذراء آخر حلقات فصل الدين عن الدولة

الثلاثاء، 06 ديسمبر 2016 05:38 م
لا شيء يُرهب الفرنسيين.. فرنسا تقاوم الإرهاب بالتمسك بعلمانيتها.. الهجمات المتكررة خلقت مناخا معاديا لـ"الشعارات والرموز الدينية".. وحكم إزالة تمثال السيدة العذراء آخر حلقات فصل الدين عن الدولة نصب تذكارى لضحايا هجمات باريس الإرهابية
كتب أحمد علوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد عامين من الهجمات الإرهابية المتقطعة التى ضربت العديد من المدن الفرنسية ومن بينها العاصمة باريس التى كانت شاهدة على سيل من الدماء والضحايا، سقطت الحكومة الفرنسية فريسة لظاهرة الإسلاموفوبيا بشكل كبير، الأمر الذى اعقبه استهداف لكافة الرموز الدينية، سواء المسيحية واليهودية على حد سواء.

 

وفى صورة جديدة للفصل بين الدين والدولة، وانعكاس لحرص المؤسسات الفرنسية على الالتزام بالعلمانية، بعد اكتواءها بنيران الإرهاب، قضت محكمة فرنسية قبل يومين بإزالة تمثال للسيدة مريم العذراء من إحدى ساحات مقاطعة "هوت سافوا"، بعد انتقادات لبناء التمثال من المال العام، وفرض غرامة على مسئولو المقاطعة 100 يورو يوميا لحين تنفيذ قرار الإزالة.

 

وأثار بناء التمثال موجة من ردود الفعل الواسعة، مثلما آثار الحكم بإزالته تبعات مماثلة، حيث أعلن رئيس المقاطعة التزامه بالحكم القضائى، مؤكدا حرصه التام على عدم تواجد أى مظاهر تشير لديانة محددة.

 

وشهدت الدوائر السياسية داخل فرنسا العديد من التصريحات التى دعت إلى الالتزام بالعلمانية، وعدم إظهار أى شعارات أو عادات تعبر عن ديانة بعينها، وقالت زعيمة اليمين المتطرف  ماريان لوبان ـ المرشحة الأوفر حظاً فى سباق الانتخابات الرئاسية ـ إنها ملتزمة فى حالة انتخابها رئيسا بحظر ارتداء الرموز الدينية سواء للدين الإسلامى أو اليهودى فى الأماكن العامة، مثل ارتداء الجلباب أو الحجاب الخاص بالإسلام والقنسوة اليهودية.

 

وأضافت لوبان إن الهدف من هذا الحظر الذى ستفرضه هو الحفاظ على القومية الفرنسية، ومنع انتشار الإسلام المتطرف فى أنحاء البلاد، مشيرة إلى أنها ستخوض معركة كبيرة فى هذا الصدد، وأن كل فرنسى عليه أن يكافح من أجل منع سيطرة الإسلام المتطرف على البلاد.

 

وفى تصريحات سابقة، طالب الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى، بمنع ارتداء أى ملابس أو شعارات ترمز إلى دين معين سواء كان حجاب أو الكيبة اليهودية أو الصليب المسيحى، مشدداً على ضرورة احترام المبادئ العلمانية التى هى أساس فرنسا.

 

بينما قال آلان جوبيه، رئيس وزراء فرنسا الأسبق إنه لا يجب التراجع أو الخضوع أمام أزمة التنوع العرقى والدينى، معناً استمراره السعى وراء توحيد المجتمع الفرنسى تحت راية الجمهورية الواحدة. وأضاف بعد أيام من فوزه بترشح معسكر اليمين الوسطى، لانتخابات الرئاسة المقبلة : "على الدولة حل العديد من المشكلات المتعلقة برفض المسلمين خلع رموز ديانتهم ، وكذلك التعامل مع المطالبين باستمرار توفير وجبات حلال فى المدارس". وانتقد فيون أيضاً "جنون بعض المثقفين"، الذين يقترحون إلزام الآباء والأمهات باستخدام الأسماء الفرنسية التقليدية مثل مارى وجاك عند اختيار أسماء أبنائهم.

 

وآثار قرار بناء تمثال السيدة العذراء ردود فعل سلبية ، قبل صدور الحكم بإزالته، حيث تم تدشينه دون إجراء موافقات من قبل مجلس المدينة أو على الأقل الموافقة على تشييده، وأثار بناء التمثال فى ذلك الوقت حالة من الجدل والغضب من قبل سكان المدينة بالكامل.

 

وأشارت صحيفة "لكسبريس" الفرنسية إلى سبب غضب السكان واعتراضهم على بنائه وهو بسبب التكلفة الكبيرة والتى تعدت الـ25 ألف يورو من ميزانية المدينة، كما أن هناك سبب آخر وهو تعارض بناء التمثال مع مبادئ الجمهورية الفرنسية التى تقوم فى المقام الأول على العلمانية وعدم إظهار أى معالم للأديان السماوية.

 

وأضافت الصحيفة أن عددا من النشطاء السياسيين والجمعيات الدينية، كانوا قد أقاموا دعوات قضائية ضد عمدة المدينة ومجلسها لإخلالهم بمبادئ العلمانية، والإشارة إلى ديانة محددة، والتى اعتبروها بمثابة دعوة لدين محدد. وبناء على ذلك أعلن عمدة المدينة بيع التمثال لأى جهة ولكنه اشترط أن تكون جهة دينية فقط، ولكنه حتى الآن موجود فى مكانه.

                       

ولقى قرار إزالة التمثال انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعى، إذ تساءل البعض عما إذا كان القرار يقيد حرية التعبير. وتتبنى فرنسا منذ زمن طويل قوانين صارمة تفرض فصلا بين الكنيسة وشئون الدولة. وفى 2010، كانت فرنسا أولى الدول فى أوروبا التى تفرض حظرا على نقاب المسلمات الذى يغطى الوجه فى الأماكن العامة.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة