د.آيات الحداد

كلنا مشاركون فى الإرهاب !

الجمعة، 16 ديسمبر 2016 05:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصبحنا الآن أمام خطر خرج عن سيطرة جميع الدول.. لا فرق بين دولة عظمى وصغرى ! أو دولة متقدمة ونامية! بل نالت منه جميع الدول بلا استثناء!.. فالعمليات الإجرامية اليوم تُنَفذ بكل سهولة ، بمجرد الضغط على زر التفجير سواء أكانوا مستخدمين فى ذلك شبكات المحمول أو الحاسب الآلى .
 
وحتى لا نذهب بعيداً ، فإليكم نماذج من أرض الواقع .. فالإرهاب الإلكترونى قد يكون عن طريق شن هجمات على شبكات الطاقة الكهربائية كما حدث بالهجمات على العراق خلال حرب الخليج الثانية، إذ أشارت مصادر بكلية الحرب الأمريكية إلى أن حرب مولدات الطاقة الكهربائية العراقية أدت إلى موت ما بين 70 إلى 90 ألف مواطن عراقى نتيجة لعدم توافر الطاقة الكهربائية.
 
ويمكن عن طريق استخدام الحاسب الآلى شن هجوم إرهابى مدمر لإغلاق المواقع الحيوية، وإلحاق الشلل بأنظمة القيادة والسيطرة و الاتصالات أو قطع شبكات الاتصال بين الوحدات والقيادات المركزية، أو تعطيل أنظمة الدفاع الجوى، أو إخراج الصواريخ عن مسارها، أو التحكم فى خطوط الملاحة الجوية والبرية والبحرية أو شل محطات إمداد الطاقة والماء، كما يمكن اختراق مواقع معينة بقصد السيطرة عليها، مثلما سبق أن تمكن بعض الأشخاص من السيطرة على نظام الحاسب الآلى فى أحد المطارات الأمريكية الصغيرة، وقام بإطفاء مصابيح إضاءة ممرات هبوط الطائرات!..كما أنه من الممكن اختراق نظام التحكم بخطوط الملاحة الجوية والبحرية ،وإحداث خلل فى برامج هبوط الطائرات وإقلاعها.
 
إذن..العمليات الإرهابية أصبحت تُرتكب اليوم بكل سهولة بدون ترك أى أثر وبدون التحرك أو الانتقال من مكان إلى مكان أو من بلد إلى بلد، ونتج عن ذلك صعوبة ضبط الجناة أو القبض عليهم أو حتى كشفهم، وبدون الحاجة إلى اختيار مكان لتعلم طرق الإرهاب والإجرام؛ فالإنترنت سهّل التقاء الجناة، إذ سَهّلَ الحاسب الآلى التقاء العديد من الأفراد بمختلف الدول وتجمعهم فى مكان واحد عبر الشبكة العنكبوتية.. فتدمير شبكة معلوماتية تقدر خسائرها اليومية أضعاف انهيار مبنى أو قصف منشأة أو تفجير جسر أو اختطاف طائرة.
 
وعندما انقطع "الكابل" البحرى الذى يربط أوروبا بالشرق الأوسط فى نهاية يناير 2008 م وما أعقبه من انقطاع آخر "للكابل" القريب من ساحل دبى وخليج عمان، قدرت الخسائر المتولدة من ذلك والتى لحقت بقطاع الاتصالات والتعاملات الإلكترونية بمئات الملايين من الدولارات.
 
بعد عرض بعض من الوقائع التى اطلعت عليها من خلال أبحاثى وقراءاتى العديدة فى مجال الإرهاب الإلكترونى أستطيع الجزْم بأن مكافحة الإرهاب اليوم لا يُجدى معها أى من طرق المكافحة التقليدية، أو نصوص قانونية أو تكثيف الأجهزة الأمنية....ولا تغيير مسئولين، فالنصوص تفلح أحيانًا بعد وقوع الجريمة ولن تجدى قبل وقوعها، بل ما يُجدى بحق هو الوقاية من الإرهاب فكريا ونفسيا بمساعدة كل فرد من أفراد الدولة أى كل فرد له دور وليس المسئولون فقط، فجميعا مشاركون فى وجود الإرهاب وأيضا فى مكافحته . 
 
فلو تمعنا، لوجدنا أن جميعنا مشتركون فى الإرهاب، ولكن مع اختلاف نوع السلاح المستخدم.. فالإرهابى المعروف للجميع هو من يزهق أرواحًا بريئة مستخدمًا فى ذلك أى نوع من أنواع الأسلحة سواء تمثلت فى أسلحة بيضاء ، آلية ، قنابل ، أحزمة ناسفة ..إلخ.
 
 ولكن المعنى الواسع للإرهاب يجعلنا كلنا مشاركون فى الإرهاب ، ولكن باستخدام نوع آخر من الأسلحة أكثر خطورة من السلاح التقليدى وهو السلاح الفكرى والنفسى ، والنتيجة النهائية واحدة هى "الموت".
 
الخلاصة ، أن السلاح التقليدى يجعل الموت سريعًا، أما الأسلحة الأخرى فهى تقضى على الأخضر واليابس بالبطىء.. أى تجعلنا نموت ببطء.. وتلك أكثر خطورة..!
 
فمن يذيع أخباراً كاذبة سلبية فهو إرهابى ، والفاسد إرهابى، ومن يساعد الفاسدين بصمته إرهابى، ومن ينشر الفتنة إرهابى، ومن يستغل الدين فى ارتكاب جرائم إرهابية إرهابى، والإنسان السلبى إرهابى، ومن يُدخل اليأس فى نفوس الناس إرهابى، ومن يتخلى عن وطنه فى المحنة ويعطى لها ظهره سواء بالهجرة أو بعدم الدفاع عنها إرهابى.. ومن يشكك فى جيش بلده إرهابى، ومن يذيع أخباراً وإشاعات كاذبة سلبية تحدث وقيعة ما بين أجهزة الدولة والشعب سواء عبر التلفاز أو مواقع التواصل الاجتماعى فهو إرهابى ومن يسخر من وطنه إرهابى .
 
فيجب أن نتكاتف جميعًا كأفراد ومؤسسات فى مكافحة الإرهاب بأنواعه ( الإلكترونى والفكرى والنفسى ) قبل التقليدى، ويجب أن نأخذ منحى إيجابيا ، مستخدمين منهج المكافحة نحو مخاطبة الفكر والنفس من خلال وزارتى التعليم والثقافة والهيئات والنقابات المسئولة عن الإعلام ، إضافة إلى تجديد الخطاب الدينى ونبذ خطاب الكراهية والعنف.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة