ماذا بعد "تعويم الجنيه" ورفع الدعم عن الوقود..6 تحديات لإنقاذ الاقتصاد المصرى..خفض عجز الميزان التجارى بزيادة الصادرات وترشيد الاستيراد وتطوير منظومة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وجذب الاستثمارات الأجنبية

السبت، 05 نوفمبر 2016 04:59 م
ماذا بعد "تعويم الجنيه" ورفع الدعم عن الوقود..6 تحديات لإنقاذ الاقتصاد المصرى..خفض عجز الميزان التجارى بزيادة الصادرات وترشيد الاستيراد وتطوير منظومة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وجذب الاستثمارات الأجنبية ماذا بعد "تعويم الجنيه" ورفع الدعم عن الوقود
تحليل يكتبه: محمد البديوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
محمد البديوى

اتخذت مصر نهاية الأسبوع الفائت، أخطر وأهم القرارات الاقتصادية فى تاريخها، بتعويم الجنيه، وتبع هذا القرار رفع الدعم عن الوقود، وباتت مصر على بعد خطوة واحدة من الحصول على قرض صندوق النقد الدولى المتفق عليه "12 مليار دولار على 3 سنوات"، قبل نهاية الشهر الحالى على أقصى تقدير.

الآن صارت مصر فى واقع جديد نختبره لأول مرة، وباتت البنوك هى المسئولة عن التسعير وتوفير العملات الأجنبية وفقا لـ"العرض والطلب"، وتحول دور البنك المركزى لأول مرة إلى "المنظم" دون تدخل فعلى فى السوق.

أسباب الأزمة الحالية

أسباب الأزمة الحالية، عدم قدرة الاقتصاد المصرى على زيادة موارده، فى ظل الفجوة الكبيرة فى الميزان التجارى لصالح الاستيراد مقابل تراجع الصادرات، فيكفى أن تعلم أن العجز فى الميزان التجارى بحسب الأرقام الرسمية الصادرة من البنك المركزى، خلال العام المالى المنتهى 2015/2016 ، بلغ نحو 37 مليار دولار، حيث لم تتجاوز صادراتنا 18 مليار دولار، فى حين بلغت الواردات 56 مليار دولار، أما بالنسبة الـ9 أشهر الأولى من العام الحالى، فبلغت الصادرات 14.8 مليار دولار مقابل 45.9 مليار دولار، بعجز قيمته 31 مليار دولار، ويتزامن ذلك مع تراجع السياحة وتراجع الاستثمارات الأجنبية، وتراجع تحويلات المصريين بالخارج، وبطء النمو العالمى وانعكاساته على إيرادات قناة السويس، وهو ما يعكس الأزمة التى نعانيها.

لكن.. الآن ماذا بعد تعويم الجنيه؟

ارتكبنا طوال السنوات الماضية عشرات الأخطاء، والآن لم تعد أمامنا رفاهية ارتكاب خطايا جديدة، وكل القطاعات يجب أن تتحرك فى تناغم تام.. مصر الآن فى مفترق طرق، إما أن تنجح فى النهوض باقتصادها أو فإن القادم - لا قدر الله- سيلتهم الأخضر واليابس.

وسواء اختلفنا أو اتفقنا على توقيت قرار التعويم، فإن الجميع يتفق على أنه يهدف إصلاح الخلل الكبير القائم بالاقتصاد المصرى، وهو ما عبر عنه البنك المركزى فى بيانه بخصوص تحرير سعر الصرف بقوله إن القرارات فى سياق البرنامج الأوسع للإصلاح المالى والهيكلى، الذى أعلنته الحكومة المصرية، وجارى تنفيذه بإحكام لتخفيض عجز الموازنة والدين العام من خلال استكمال إصلاح منظومة الدعم وترشيد الإنفاق الحكومى، وخفض الواردات، خاصة الاستيراد العشوائى وزيادة الصادرات وتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى وبرنامج الطروحات فى البورصة المصرية، والذى تم مؤخراً اتخاذ العديد من القرارات النافذة بشأنه من قبل المجلس الأعلى للاستثمار.

 فى الوقت الراهن أمامنا عدد من التحديات، التى تعيق مسيرة الاقتصاد، والتى تحتاج إلى عدد من الحلول السريعة والعاجلة.

التحدى الأول: خفض ميزان العجز التجارى عن طريق:

 

- زيادة الصادرات

وهو الناتج عن عدم قدرة المنتج المصرى على التنافسية، وقرار تعويم سعر الصرف بالتأكيد يدعم الصادرات المصرية، فالمنتجات المصرية، ستصبح أرخص كثيرا فى الأسواق الخارجية، بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار واليورو والجنيه الاسترلينى وغيرها من العملات.

ولكن المؤسف أن الصادرات المصرية، فى معظمها سلعية وبترولية، ومن هذا المنطلق يجب على الحكومة المصرية ضرورة طرح رؤية متكاملة لمستهدف التصدير والسعى السريع لفتح أسواق جديدة، مع حل المشاكل الحالية.

كما أنه على الحكومة المصرية ضرورة إصلاح ضعف التحول الهيكلى إذ تشير دراسة حديثة، أعدتها الدكتورة أميرة الحداد الأستاذ بالجامعة الأمريكية أن نسبة صادرات السلع والخدمات ذات التقنية المرتفعة لا تتجاوز 1 %، حيث لا توجد أى شىء فى القطاعات الأكثر تعقيدا كالآلات أو الإلكترونيات.

- خفض الاستيراد:

تكلفة الاستيراد ستكون أكبر بعد قرار التعويم.. وتعانى مصر من حاجتها الدائمة لاستيراد الغذاء والكساء وكل ما يتعلق باحتياجات المواطن، بسبب ضعف الصناعة المصرية، وبالإضافة إلى ذلك فإن الكثير من الصناعات الحالية، تعتمد بنسبة كبيرة على المكون المستورد، وبالتالى نحتاج أيضا لزيادة المكون المحلى فى الصناعات المصرية.

وحتى كل القرارات المتعلقة بمواجهة وترشيد الاستيراد ستكون غير ذات جدوى على المدى الطويل، طالما استمرت حالة ضعف الصناعة المصرية، وعدم قدرتها على التنافسية، فى ظل عالم مفتوح ومتنوع، كما تحتاج الحكومة لآلية جديدة لمواجهة تهريب الواردات من الخارج.

التحدى الثانى: جذب الاستثمارات الأجنبية

الآن لم تعد لدى الحكومة حجة، فى ملف جذب الاستثمارات الأجنبية، وعليها البدء فورا فى حملة للترويج للاستثمار فى مصر، ويمكن القول أن الحكومة نجحت فى جذب 8 مليارات دولار، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، تكون قد قطعت خطوة كبيرة فى الطريق الصحيح، خاصة فى ظل الإمكانات الكبيرة، التى يتمتع بها الاقتصاد المصرى، وكونها واحدة من أهم الدول الجاذبة للاستثمار فى حال إجراء الإصلاحات الاقتصادية، وتعول مصر  بشكل كبير على هذه الاستثمارات الفترة المقبلة.

وشهدت الفترة الماضية إحجام المستثمرين، ورفضهم الاستثمار فى مصر، إذ أنه لا يقبل عاقل أيا كان أن يتم تحويل أمواله إلى البنوك بالدولار، ويحصل على مقابل بالسعر الرسمى، وفى نفس الوقت تتم كل التعاملات الداخلية والأسعار بسعر السوق السوداء، فقد كان وجود سعرين للعملة هو أحد أكبر معوقات جذب الاستثمارات من الخارج وله تأثيره وآثاره الضارة على التصدير أيضا.

كما أنه عليها الانتهاء سريعا من إعداد القوانين، التى تعهدت الحكومة بها بالفعل فى إطار استراتيجية التنمية المستدامة 2030 وبرنامج الحكومة حتى يونيو 2018، وعلى رأسها تعديل قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، وإصدار قانون جديد للإفلاس وقانون شركات الشخص الواحد، وقانون تيسير إجراءات تراخيص المنشآت الصناعية، وإعداد قانون الأراضى الموحد، ومشروع القانون الجمركى الموحد، وقانون جديد للمناقصات والمزايدات الحكومية.

التحدى الثالث: تطوير منظومة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر

اقتصاديات دول الهند والصين قامت على هذه المشروعات، فهى عصب الاقتصاد، والاهتمام بها يعظم من قيمة المكون المحلى فى الصناعة المصرية، وعلى الحكومة بشكل عاجل تطوير منظومة المشروعات الصغيرة و المتوسطة المسئولة عن رفع مستهدفات النمو الاقتصادى.

التحدى الرابع: حماية محدودى الدخل من الآثار السلبية لتعويم الجنيه

الحكومة تقول إنها تتبنى خلال الفترة الحالية، تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادى شامل يستهدف تحقيق درجات أعلى من النمو الاقتصادى وتحسين الخدمات، وتوفير فرص عمل، ومستوى معيشة مرتفع للمواطنين، وتقول إنها تتوسع فى برامج الحماية الاجتماعية، بما يشمل برنامج التغذية المدرسية، والحد من عمالة الأطفال، ودمج أطفال الشوارع، وتطوير العشوائيات، وتحسين مستوى الخدمات الجماهيرية والنظافة، والتوسع فى برامج دعم المرأة المعيلة وذوى الاحتياجات الخاصة.

الآن نحن فى حاجة لدراسة ما تم خلال الأشهر الماضية، وما يتم الآن، ومعالجة الآثار السلبية للإصلاحات الصعبة، ومواجهة الارتفاع فى الأسعار وموجة الغلاء المتوقعة، من خلال آلية الرقابة ودعم الطبقات الفقيرة.

التحدى الخامس: عودة تحويلات المصريين بالخارج للقطاع المصرفى

الحكومة تستهدف من تحرير أسعار الصرف، استعادة تداول النقد الأجنبى داخل القطاع المصرفى، من خلال عودة الاستحواذ على تحويلات المصريين فى الخارج، والتى بلغت نحو 20 مليار دولار العام الماضى، ولكن تم تحويل أكثر من نصفها عبر السوق السوداء، وتستهدف الحكومة عودة ثقة المصريين بالخارج فى الجهاز المصرفى، وعودة إجراء تحويلاتهم عبر البنوك العاملة فى مصر، وليس عبر السوق السوداء.. ولكن فى حال استمرار السوق السوداء يعنى القضاء على كل الإصلاحات الاقتصادية التى تمت، وهى مسئولية البنك المركزى.

التحدى السادس: عودة السياحة

على كل جهات الدولة أن تتحرك بشكل سريع وعاجل فى هذا الملف، لمواجهة الحظر السياحى المفروض على مصر حيث إنه منذ حادث الطائرة الروسية بسيناء أكتوبر العام الماضى تراجعت إيرادات مصر من السياحة بنسبة تصل لـ66%، ونأمل أن تنجح السلطات المصرية فى التوصل لحلول مع روسيا لاتخاذ  خطوات أكثر إيجابية فى طريق عودة السياحة من جديد،

وفى حال نجاح مصر فى جذب عملة صعبة من السياحة والتحويلات من الخارج والصادرات والاستثمارات الأجنبية، بالإضافة لقناة السويس، مع حماية محدودى الدخل من الآثار السلبية للتضخم، فإن مصر تكون قد قطعت شوطا كبيرا على الطريق الصحيح، لتحقيق النمو الاقتصادى ومواجهة التضخم، الذى تجاوز الأشهر الماضية 16%، وتكون أيضا فى طريقها للوصول إلى سعر عادل جيد للجنيه، أمام العملات الأخرى خلال أسابيع، ويكون قرار "التعويم" حقق أثره بالفعل وهو ما سينعكس على الاقتصاد إيجابيا فى المستقبل.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة