أحمد إبراهيم الشريف يكتب: وداعًا على البدرى

الأربعاء، 06 يناير 2016 02:46 م
أحمد إبراهيم الشريف يكتب: وداعًا على البدرى ممدوح عبد العليم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى رائعة أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ "ليالى الحلمية" وقف على البدرى الابن البكر لرجل الأعمال الباشا سليم البدرى، يختصر محنة جيله فقال "نحن جيل الأحلام العظيمة والانكسارات الكبيرة"، هذه الجملة اليسيرة تتجاوز ما كان يقدم فى مسلسل ناجح لتصبح جملة دالة على ما يمكن أن نسميه "جيل الوسط" فى حياتنا كلها، نتذكرها أكثر اليوم مع رحيل الفنان ممدوح عبد العليم ونقول له: "وداعًا".

وداعًا على البدرى "الرمز" بكل ما يحمله ونحمله معه من معاناة نفسية ممزقة بين ما نريده وما هو مفروض علينا وبين ما نتخيله الصواب ونكتشف أنه مجرد وهم وبين النشأة والمصير، فـ"على البدرى" يرمز لجيل عاش حلم الثورة مع جمال عبد الناصر، لكن قبل أن تكتمل أحلامهم فاجأتهم مصادرة الحريات والتعدى على الممتلكات، ثم جاء السادات بانفتاحه الصعب الذى جعل الحالمين فى حالة من التيه والضياع يتخبطون فى الصراع بين أحلامهم البريئة وبداياتهم النقية وبين الجشع والطمع الذى أصبح عنوان تلك المرحلة.

وداعا "حمص" المسروق والضائع والمنهوب حقه باسم الأعمال الوطنية، الحالم بالبهجة والفن والمنتهى بالضرب والإهانة، الضاحك الباكى مثل الحياة، الذى يعيش على الهامش مثل كل الأشياء الجميلة تعيش على الهامش أيضا.

وداعا "رامى قشوع" العائش على الفطرة والباحث عن الحقيقة فى خوف، لكونه يعرف أن طريق الحقيقة جارح ومؤذٍ وثمنه غالٍ، المضطر دائما لفعل الأشياء لكنه فى النهاية يعرف جيدا أن هذا ما يريده بالضبط.

وداعا "إبراهيم النعمان" المواطن المقهور بدمعته القريبة وحزنه الشديد، برؤيته البسيطة للحياة، الذى يتحول موته لرمز يساعد على تحرير وطن، من خلاله يتم الكشف عن صفحات مضيئة للشعب المصرى.

وداعا "حربى" حيث الحب القاتل والحال المتبدل والمرض الذى يهد الصدر ويفنى الجسد والمؤاخاة المطلوبة والمهمة بين طرفى الأمة مسلميها ومسيحييها الذين يوحدهم الألم فيجعلهم واحدا فى مواجهة الطغيان والخوف، "حربى" المحب للغناء وللناس والدافع لذنب لم يرتكبه والمهدر دمه بسبب غضب الآخرين عليه.

وداعا "رفيع بيه" بصراعه من أجل القيم فى مكان لا يعترف سوى بالقوة، وهو يملكها، لكنه يبحث فى داخله عن إنسانيته التى يعرف جيدا أنها الأبقى والأهم، لا يريد أن يحبه الناس خوفا، وفى سبيل بحثه ينسى أن يحقق أهم قيمه تكسبه هذه الإنسانية وهى قيمة الحب.

وداعا ممدوح عبد العليم الذى يحمل رحيله معانى متعددة أبرزها الخطر الذى يهدد جيل الوسط الذى ينتمى إليه "عبد العليم" ليس فى الفن فقط لكن فى الحياة أيضا، يحدث ذلك بصورة مبتورة بدون تحقيق كامل للأحلام، وبشكل مفاجئ لا تدل عليه المقدمات، وحينها نصبح أمام أنفسنا وجها لوجه فنتساءل كثيرا عن جدوى الحياة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة