لماذا يخاف أصحاب "الشركات العائلية" من طرح أسهم شركاتهم فى البورصة؟.. عائلات ساويرس وثابت وعامر وخميس نجحت فى تحويل شركاتها لكيانات عالمية.. وتطوير بيئة الاستثمار يتطلب جذب مستثمرين جدد

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015 10:00 ص
لماذا يخاف أصحاب "الشركات العائلية" من طرح أسهم شركاتهم فى البورصة؟.. عائلات ساويرس وثابت وعامر وخميس نجحت فى تحويل شركاتها لكيانات عالمية.. وتطوير بيئة الاستثمار يتطلب جذب مستثمرين جدد رجل الأعمال نجيب ساويرس
تحليل يكتبه: محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكثر من 15 ألف شركة مسجلة فى السوق المصرى، وأكثر من 90% منها شركات عائلية ما بين شركات متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة وكبيرة، ورغم هذا العدد الضخم من الشركات فإن عدد الشركات التى تم قيدها منها (العائلية) لا يتعدى العشرات، وهو ما يثير التساؤل، لماذا يرفض أصحاب الشركات العائلية قيدها فى البورصة والاستفادة من إمكانياتها الكبيرة فى دعم شركاتهم؟

ولمن لا يعرف فإن الشركات العائلية هى شركات يكون مؤسسوها وملاكها من أسرة واحدة، أو يؤسسها فرد واحد وتؤول لأولاده من بعده.

ورغم نجاح معظم الشركات العائلية بشكل كبير، خصوصا فى زمن مؤسسها الأول، إلا أنه فى معظم الأحيان لا يستطيع أولاده من الجيل الثانى أو الثالث أو حتى الأول إبقاء شركة أبيهم على نفس المستوى من النجاح، وغالبا ما يتم تقسيم الشركة بعد وفاة المؤسس وبيعها وفى بعض الأحيان وقف نشاطها بالكامل.

ومع ذلك هناك نماذج حققت نجاحا كبيرا واستطاعت توزيع قاعدة الملكية فى شركاتها وزيادة النشاط محليا وإقليميا ودوليا، عن طريق إخضاع شركاتهم لمبادئ الحوكمة وقيدها فى سوق المال وإخضاعها لقوانينه المالية والإدارية، والأمثلة على ذلك كثيرة وأهمها مجموعة شركات عائلة ساويرس، وشركة عامر جروب لصاحبها رجل الأعمال منصور عامر، وشركة جهينة للصناعات الغذائية لصاحبها رجل الأعمال صفوان ثابت، وشركة النساجون الشرقيون لصاحبها رجل الأعمال محمد فريد خميس، وآخرها شركة إيديتا للصناعات الغذائية لصاحبها رجل الأعمال هانى برزى وعائلة برزى.

البعض يقول إن نجاح النماذج السابقة كان بشكل فردى وبسبب نشاط وكفاءة أصحابها وقدرتهم المالية العالية، لكن تاريخ هذه العائلات يؤكد أنهم جميعا بدأوا أنشطتهم الكبيرة بمشروعات وشركات كانت متواضعة جدا وقدرتها المالية بسيطة، ومع ذلك استطاعت التحول من شركات صغيرة عائلية إلى مجموعات اقتصادية دولية.. فلماذا يحجم الباقون عن حذو حذوهم؟

الغريب أن هناك شركات نجحت أيضا، وهى لا تحتاج التمويل الذى يقدمه سوق المال، ولا المميزات الأخرى، ولكن أصحابها يرفضون قيد شركاتهم فى البورصة، معتبرين أن بقاءهم فى شكل عائلى يضمن لهم الاستقرار ويمنع تدخل أى طرف فى شؤونهم المالية الخاصة وتصرفاتهم الشخصية، ويمنع مراقبة إدارة البورصة والهيئة العامة للرقابة المالية لقراراتها وتدخل المساهمين فى إدارة الشركة أو حتى التعليق عليها.

والبعض الآخر يرفض قيد شركته فى البورصة من باب «دارى على شمعتك تقيد» و«الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح»، فهم يفضلون العمل فى الظل والابتعاد عن الأضواء، وترك شركاتهم تعمل بإدارة العائلة فقط دون رقيب رسمى أو غير رسمى.

والحقيقة أن السبب الأهم الذى يمنع معظم هؤلاء من طرح شركاتهم فى البورصة هو الجهل بأهمية الطرح ومردوده الاقتصادى على شركاتهم ومدى الفائدة التى يمكن أن يحصلوا عليها من مجرد طرح أسهم شركاتهم فى البورصة، فالبورصة تستطيع تقديم تمويل ضخم وآمن وبدون فوائد بنكية لشركاتهم، كما أن هذا التمويل يمكن تكراره عن طريق اكتتابات زيادة رأس المال مثلا، واستغلال هذا التمويل فى زيادة نشاط الشركة وتوسعها محليا وإقليميا ودوليا بشكل ضخم وسريع.

كما أنهم يجهلون أن مجرد الطرح فى البورصة سيجذب المستثمرين الأجانب للاستثمار بها وسيخلق لها سوقا وطلبا دوليا، على اعتبار أن طرح الشركة فى البورصة يجعلها تخضع لقوانين سوق المال ورقابته وتعليمات حوكمة الشركات، ويجعلها تتم بملاءة مالية واضحة وتقييم لأدائها بشكل مستمر، سواء من قبل شركات التقييم أو من خلال السعر السوقى لأسهمها فى السوق.

إدارة البورصة حاولت فى السنوات الأخيرة، خصوصا فى فترة رئاسة الدكتور محمد عمران لها، الترويج لأهمية قيد وطرح الشركات العائلية بها، سواء من خلال لقاءات مباشرة مع أصحاب الشركات أو من خلال المؤتمرات الصحفية الدورية، أو لقاءات مع اتحادات الغرف التجارية والصناعية أو من خلال نماذج محاكاة البورصة فى الجامعات، بالإضافة لإنشاء بورصة الشركات المتوسطة والصغيرة «بورصة النيل»، لجذب هذه الشركات وإعدادها للقيد فى السوق الرسمى للشركات الكبيرة، كما عملت على تخفيف أعباء القيد وإجراءاته بشكل كبير فى الفترة الأخيرة.

ورغم هذه المجهودات ورغم نجاح إدارة البورصة فى جذب عدد كبير من الشركات خلال العامين الآخيرين مقارنة بأعوام سابقة، وفى ظل ظروف اقتصادية وسياسية وأمنية سيئة جدا، إلا أن ما نطمح إليه أكبر من ذلك بكثير، فهناك آلاف الشركات فى السوق تعمل بشكل غير رسمى ولا نستطيع دمجها فى الاقتصاد الرسمى إلا من خلال وضع محفزات قوية، وجعلها تؤمن بأنها ستكون المستفيد الأول من ذلك.

ولن نستطيع فعل هذا إلا من خلال تغيير وإصلاح تشريعى كامل لقانون سوق المال وقانون الشركات وكيفية تأسيسها ومزاولة نشاطها، بالإضافة إلى تطوير وتعديل أساليب عمل الأجهزة الرقابية بشكل كامل، ولا نكتفى بترقيع الموجود منها، ثم بعد ذلك الترويج الجيد لأهمية وجود الشركات مهما كانت صغيرة فى منظومة اقتصادية وتشريعية سليمة وإقناع أصحابها بذلك، وهذا هو الطريق الوحيد والأسرع والأسهل لتطوير الشركات العائلية الصغيرة ومنحها الفرصة لأن تكبر وتوسع قاعدة ملكيتها والقضاء على الاقتصاد غير الرسمى وتطوير بيئة الاستثمار والعمل فى مصر بشكل عام، وبالتالى جذب استثمارات أجنبية وجديدة باستمرار.

هذه إشارات بسيطة عن كيفية تطوير بيئة الاستثمار فى مصر وجذب مستثمرين جدد وتطوير الشركات العائلية وتنشيط البورصة المصرية وكل نقطة بها يمكن الحديث عنها مطولا، لكن سنكتفى بهذه الإشارات البسيطة حاليا.


اليوم السابع -9 -2015









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة