انفراد..فى أول حوار مع جريدة عربية

رئيسة اللجنة الدولية الأمريكية للحريات الدينية: حكومة «مرسى» أخفقت فى توفير الحد الأدنى من الحماية للأقليات الدينية.. كاترينا لانتوس: «مبارك» لم يهتم بذكر الحريات الدينية فى خطاباته

الخميس، 10 سبتمبر 2015 12:05 م
رئيسة اللجنة الدولية الأمريكية للحريات الدينية: حكومة «مرسى» أخفقت فى توفير الحد  الأدنى من الحماية للأقليات الدينية.. كاترينا لانتوس: «مبارك» لم يهتم بذكر الحريات الدينية فى خطاباته رئيسة اللجنة الدولية الأمريكية للحريات الدينية
حاورتها بواشنطن ـ إيمان حنا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلاً عن اليومى..


تختلف تعاريف مفهوم الحرية الدينية من مجتمع لآخر ولكن الذى لا خلاف عليه أن الحرية الدينية هى الحرية فى اعتناق المعتقدات والأديان وممارسة الشعائر المرتبطة بكل دين، وقد حدد النص القرآنى أهمية هذه الحرية فى سورة البقرة: "لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى".

وتُعد قضايا الحريات الدينية عوامل محورية لتعاملات الولايات المتحدة الدبلوماسية مع باقى الدول، وتشكل التقارير الدولية الخاصة بتقييم واقع الحرية الدينية حول بلدان العالم بشكل أو بآخر جزءا من أسس صياغة وتوجيه سياسات الولايات المتحدة، وهذه التقارير ترصد إلى حد ما مدى وجود انتهاكات لحقوق الإنسان وحرية الدين، وتعطى مؤشرات لواقع تلك الحرية الدينية.

اليوم السابع -9 -2015


الولايات المتحدة الأمريكية تهتم برصد أوضاع الحريات الدينية فى بلدان مختلفة من خلال اللجنة الدولية الأمريكية للحريات الدينية التى أسسها الكونجرس الأمريكى منذ 1998 التى تفيد الحكومة الأمريكية برؤيتها حول أوضاع الحريات الدينية فى البلدان المختلفة، وتوصياتها لتحسين تلك الأوضاع، وتصدر تقريرا سنويا يرفع للحكومة الأمريكية ووزارة الخارجية وللكونجرس بشأن الحرية الدينية الدولية.

الكثير منا لا يعرف أهدافا مثل هذه اللجان والبعض يعتبرها ذريعة أمريكية للتدخل فى الشأن الداخلى لمصر وغيرها.. خاصة أن بعثات هذه اللجان لا يتم إيفادها لجميع البلدان.. فعلى أى أساس يتم اختيار الدولة التى ستخضع أوضاع الحريات بها للمراقبة والتقييم؟ وهل هى بلدان الشرق الأوسط فقط؟ ولماذا تم تصنيف مصر كدولة تثير قلقا خاصا وهل ستتخذ إجراءات بشأنها؟ وما رؤية هذه اللجنة لأوضاع الحريات الدينية تحت حكم الإخوان ومبارك مقارنة بالوضع الحالى؟ وماذا عن إيران كدولة متشددة دينيا.. هل يؤثر تقييمها على مسار علاقتها السياسية مع الولايات المتحدة والاتفاق النووى؟ وما دور اللجنة فيما يجرى بأرض العراق وسوريا؟

هذه الأسئلة حملناها لنطرحها على الدكتورة كاترينا لانتوس رئيسة اللجنة الدولية الأمريكية للحريات الدينية والمسئولة عن إعداد التقرير السنوى عن أوضاع الحرية الدينية ببعض بلدان العالم.. فى أول حوار لها لجريدة مصرية عربية والتى أكدت لليوم السابع أن الحرية الدينية أصبحت ضرورة لمجتمعات سليمة وآمنة ومزدهرة.. وأكدت كاترينا أن تصنيف مصر فى تقرير 2015 جاء ضمن البلدان المثيرة للقلق إلى جانب ثمانى دول أخرى منها الصين ـ التى قدمت احتجاجا رسميا على هذا التصنيف متهمة الولايات المتحدة باستغلالها القضايا الدينية كذريعة للتدخل فى الشئون الداخلية للبلاد وأن تقرير اللجنة الدولية تحكمه العوامل السياسية بالأساس وغير موضوعى ـ وهو ما نفته كاترينا فى هذا الحوار الذى فتحنا خلاله العديد من الملفات المتعلقة بوضعية الدول العربية ومصر فيما يخص التقارير التى تصدرها اللجنة.

وأكدت أن اللجنة لا شأن لها بالشئون الداخلية لمصر ولا تعنى بالتدخل فى شئون الدول فهى ترصد وتوثق بالأدلة أوضاع حقوق الإنسان والحريات الدينية فى العالم وفى مصر أيضا، أيضا أكدت أن الرؤساء الديكتاتوريين أمثال مبارك والقذافى وبشار دمروا بلادهم كما رأينا..ونرى آمالا كبيرة فى خطوات السيسى ولكن نأمل أن يؤكدها بخطوات تنفيذية أكثر، ولفتت أن هناك بعض القوانين التى لابد من تعديلها مثل ازدراء الأديان الذى لا يتناسب مع المجتمعات الحديثة، وعن الدستور الجديد أكدت انه تلافى كثيرا من عيوب الدستور السابق عليه ويبشر بالتحسن، مطالبة بإلغاء قانون ازدراء الأديان وسرعة إصدار قانون دور العبادة الموحد..إلى نص الحوار:

*حدثينا عن عمل اللجنة والدور المنوط بها وهل هذا بغرض التدخل بشكل أو بآخر فى الشأن الداخلى؟




اليوم السابع -9 -2015

أؤكد أن اللجنة لا تعنى بالتدخل فى الشئون الداخلية لمصر أو أى دولة أخرى وأود أن أوضح أن الحرية الدينية ضرورة لبنية مجتمعية سليمة وآمنة ومزدهرة، واللجنة الدولية الأمريكية للحريات الدينية هى هيئة حكومية مستقلة تقدم التوصيات والنتائج التى تتوصل لها إلى الرئيس الأمريكى ووزارة الخارجية والكونجرس، وتستند اللجنة فى توصياتها إلى المعايير المنصوص عليها فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والوثائق الدولية الأخرى.

وعملها الأساسى توثيق الانتهاكات التى تحدث على الأرض و مراقبة أوضاع حقوق الإنسان فيما يخص ممارسة الحريات الدينية فى العالم وإعداد تقرير سنوى لتوثيق أوضاع الحرية الدينية فى كل بلد على حدا، وإصدار توصيات بما يجب أن يتخذ من إجراءات لتوفير وضمان الحرية الدينية فى تلك البلدان وحماية حقوق الأقليات أيا كانت ديانتهم أو معتقداتهم فليس المسيحيين فقط ثم يتم رفعه للكونجرس والبيت الأبيض ووزارة الخارجية.


*هل هذا بالنسبة لجميع دول العالم ؟


**يتم هذا التقييم لعدد محدد من الدول التى تعامل فيها الأقليات بعنف وتتعرض للاضطهاد تحددها اللجنة بالتعاون مع الحكومة الأمريكية بناء على التقارير التى ترصد الأوضاع الدينية بها، وهى 27دولة مقسمة إلى مجموعتين الأولى تسمى "مجموعة الدول ذات الوضعية الخاصة فيما يتعلق بالحريات الدينية" وهى 17دولة منها 9دول بها خطورة من الدرجة الأولى " بورما والصين وكوريا الشمالية وإيران والسعودية وتركمانستان وأوزبكستان وإريتريا والسودان"، وهناك 8دول تأتى فى درجة أقل إلى حد ما من حيث تدهور أوضاع الأقليات الدينية بها وما تعانيه من مشاكل طائفية وبالنسبة لأوضاع الحريات الدينية بها لكنها تابعة للفئة التى تثير القلق وهى العراق وسوريا وجمهورية أفريقيا الوسطى ونيجيريا وطاجيكستان وفيتنام ومصر وباكستان.

وهناك مجموعة دول حوالى 10دول مازالت تحت تتم مراقبتها عن كثب لأن أوضاع الحريات الدينية بها ليست كمثيلتها فى الـ17 دولة التى تحدثنا عنهم .. وهى أفغانستان وأذربيجان وكوبا والهند وأندونيسيا وكازاخستان ولاوس وماليزيا وروسيا وتركيا.

وقبل أن نكتب التقرير السنوى الخاص بكل دولة نقوم بزيارتها ومقابلة القيادات السياسية بها ومنظمات المجتمع المدنى لتعرف على أحوال الأقليات هناك وأدلى بشهادتى حول هذا أمام الكونجرس.

*وما أهم النتائج والتوصيات التى وردت فى تقرير اللجنة لعام 2015 الذى صدر مؤخرا؟



**الملاحظ أن الأزمات الإنسانية التى تزداد بفعل الرعب والترهيب والعنف انتشرت فى عدد كبير من الدول وفى تقرير اللجنة السنوى لعام 2015 الذى يغطى الفترة من يناير لعام 2014 حتى يناير لعام 2015، أوصت اللجنة بوضع جمهورية إفريقيا الوسطى ضمن فئة "البلدان التى تثير قلقا خاصا" لأن بها انتهاك شديد للحريات الدينية إلى جانب انغماس الدولة فى الصراعات الدينية والميليشيات المتناحرة، كما وضعت اللجنة أيضا ضمن توصياتها أن تشمل القائمة العراق ونيجيريا وباكستان وسوريا وطاجيكستان وفيتنام.

كما أوصى التقرير بأن يظل تصنيف كل من بورما والصين وإريتيريا وإيران وكوريا الشمالية والسعودية والسودان وتركمانستان وأوزباكستان ضمن هذه الفئة.

ووجدت اللجنة أن حكومات تلك الدول تغض الطرف عن أحداث عنف طائفى وبها أقصى درجات انتهاكات الحرية الدينية فى العالم.

بينما صنفت أفغانستان وأذربيجان وكوبا والهند وأندونيسيا وكازاخستان ولاوس وماليزيا وروسيا وتركيا، فى درجة أفضل من حيث حجم الانتهاكات ضد الحريات .

*وماذا عن تصنيف مصر؟


**مصر صنفت ضمن الدول التى تثير قلقا خاصا، وأن الحريات الدينية بها فى وضع غير مستقر ولكن لا نستطيع أن ننكر أن الأوضاع الحالية أفضل مما كانت عليه تحت حكم الإخوان المسلمين.

*ولماذا أوصت اللجنة بتصنيف مصر كدولة تثير قلقا خاصا فى تقريرها الصادر هذا العام؟
**فى الوقت الذى لم يغفل فيه التقرير دعوات الرئيس عبد الفتاح السيسى التى لوحظت من خلال الخطابات التى يلقيها والتى تحث على التسامح الدينى ونبذ العنف على عكس مبارك الذى لم يهتم بذكر الحريات الدينية والحث على التسامح فى أحاديثه الرسمية، بالإضافة لسعى السيسى لإحداث تغييرات فى المناهج الدينية وإصلاح الخطاب الدينى المتشدد، وهو الأمر الذى اعتبرته اللجنة تحولًا كبيرا لا يمكن إنكاره، وأن مصر فى مفترق طرق والخطوات التى اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسى حتى الآن مبشرة، لكن التقرير انتقد تقاعس مسئولى الحكومة عن اتخاذ الإجراءات الكافية لحماية حقوق الأقليات الدينية ولا سيما الأحداث التى تعرض لها الأقباط والاعتداء على بعض دور العبادة، كما حذر التقرير من تزايد سيطرة الدولة على دور العبادة الإسلامية والمؤسسات الدينية وقمع الاحتجاجات فى إطار خطتها للتصدى للتطرف الدينى، وانتقد التقرير أيضا القوانين التمييزية والإجراءات التى تحد من حرية العقائد الدينية وتحد من حرية الفكر ومازالت الحكومة المصرية تسعى لاتخاذ سياسات للتصدى للإلحاد مازال هناك تربص بمن يسمون "اللا دينيين والملحدين" والبعض يحاكم ويتعرض للسجن بتهمة الإلحاد.

* وما موقف الكونجرس والحكومة الأمريكية بشأن هذا التقرير الخاص بمصر؟


** على الرغم من أن اللجنة أوصت بتصنيف مصر ضمن الدول التى "تثير قلقا خاصا" لكن كما أوضحت لك نحن جهة رصد وتقييم ونترك اتخاذ القرارات والإجراءات التنفيذية للكونجرس والحكومة الأمريكية وهذه القرارات تحكمها عوامل سياسية عديدة وأعضاء الكونجرس بلا شك يقدرون تماما قيمة وأهمية استقرار الأوضاع فى مصر الذى بدأ السيسى خطوات جادة لتحقيقه بعد انتهاء عصر الإخوان، وأخذ ذلك بعين الاعتبار عند تقييم قضايا حقوق الإنسان فى مصر، ويرون أن السيسى بديل أفضل كثيرا من الإخوان ويثقون باتخاذه خطوات جادة نحو الديمقراطية والجميع على ثقة أن السيسى سينجح على المدى الطويل فى تحقيق أهدافه وإيجاد مجتمع يتمتع بحرية ومساواة فى حقوق أفراده عكس ما كان عهد الإخوان، ويدركون فى الوقت نفسه صعوبة التحديات التى تواجه الحكومة فى هذا الشأن وأهمها التصدى للخطر الإرهابى فى سيناء وغيرها من بقاع مصر، وتفعيل الحريات وإرساء مبادئ الديمقراطية الحقة،وتحقيق نمو اقتصادى وتكوين البرلمان الجدى لاستكمال "خارطة الطريق" وأمريكا تحرص على العلاقات الجيدة مع مصر لذلك هم حريصون على عدم اتخاذ إجراءات فى هذا التوقيت قد تحمل رسالة سلبية لمصر تؤدى لتوتر العلاقات بينهما.

الكونجرس ـ وهذا هو الحال بالنسبة للإدارة الأمريكية ـ أحيانا يتردد فى التوصية باتخاذ موقف أو فرض عقوبات بناء على تقرير اللجنة إذا رأى التوقيت غير مناسب سياسيا أو يحمل رسالة سلبية للدولة التى يصدر بشأنها التقرير مثل مصر وبعض أعضاء الكونجرس رأى أن مصر خلال العام الماضى، من أكثر الدول التى حققت تحسنا إلى حد كبير إذا ما قورنت بالوضع الذى كانت عليه خلال حكم مرسى وعلينا تعضديها ودعمها.. ولكن اللجنة توصى فى جميع الأحوال أن تحافظ الولايات المتحدة على دورها فى حث الدول التى بها خلل فى تطبيق الحريات بشكل صحيح على تحقيق مبادئ حرية الأديان.

*كيف ترى العلاقة بين المؤسستين الدينيتين فى مصر؟


** أرى أن هناك حرصا من الرئيس على تطوير العلاقة بين الأزهر والكنيسة واتخذ إجراءات فعلية فى هذا الصدد وكلمة السيسى فى الأزهر الخاصة بإصلاح ومواجهة الخطاب الدينى المتطرف كانت فى غاية الأهمية وننتظر منه المزيد على أرض الواقع.

* هل مازال اضطهاد للأقليات الدينية فى مصر؟


** بالتأكيد مازالت مصر تعانى من اضطهاد للأقليات الدينية بصفة عامة وليس المسيحيين فقط بل البهائيين مثلا، ولكن الأوضاع أفضل كثيرا من الأوضاع تحت حكم الإخوان ونحن ضد هذا وتقريرنا لا يهتم بالمسيحيين فقط بل الأقليات جميعها.

*ما رؤيتكم لأوضاع الحريات الدينية فى مصر بعد انتهاء حكم الإخوان وهل ترون فروق واضحة بين عهدى السيسى ومرسى؟



** إذا ما قارنا بين فترة حكم الإخوان والفترة الحالية سنجد بلا شك أن الأوضاع تحت حكم السيسى أفضل كثيرا من تلك أثناء حكم الإخوان فمصر تعتبر أكثر البلاد التى نجحت فى مواجهة تحدياتها، وحققت تطورا بالنظر لما كانت عليه تحت قيادة جماعة الإخوان، ويجب تشجيعها فحكومة مرسى أخفقت فى توفير الحد الأدنى من الحماية للأقليات الدينية ضد العنف، ووصلت أحداث الاعتداءات ضد المسيحيين لذروتها و لمستويات غير مسبوقة وتزايدت رفع دعاوى ازدراء الأديان ضد المسلمين من المعتدلين المعارضين وضد الأقليات الدينية فهناك تحسن فى أوضاع الحريات الدينية للأقليات بعد تولى السيسى ولاحظنا نقاط إيجابية فى الدستور الجديد، لكن العبرة بالتطبيق فنحن ننتظر لنرى كيف ستطبق هذه القوانين والنصوص الدستورية على أرض الواقع وهذا لن يتضح إلا بعد تكوين البرلمان الجديد، فما زالت بعض القوانين تحتاج تعديلات ملحة فى مقدمتها قانون ازدراء الأديان، نريد إصلاحا فى قانون ازدراء الأديان.. فهو يطبق بشكل غير موضوعى وأغلب الأحكام تصدر ضد الأقباط كما أن هذا القانون ليس له مكان فى المجتمعات الحديثة المتحضرة ويجب إلغاؤه فهو ضد القوانين الدولية وأيضا سرعة إصدار قانون موحد لبناء وترميم دور العبادة فسمعنا عنه منذ فترة كبيرة قبل ثورة 25 يناير، والعديد من المنظمات الحقوقية وقعت على مذكرة بشأن إصداره ولكن لم يرى النور حتى الآن.

وأيضا نأمل إلغاء خانة الديانة فى بطاقة الرقم القومى لأن كل هذه تعد من مظاهر التعصب الطائفى.

*فى عام 2012 طالبتى الإدارة الأمريكية بوضع مصر والعراق وعدد من الدول العربية على قائمة الدول التى "تثير قلقا خاصا".. لماذا؟


**نعم فى عام 2012 الأوضاع تدهورت فى مصر للغاية وعقب إعداد التقرير السنوى حول الحريات الدينية لعدد من البلدان منهم مصر وجدنا الأوضاع هناك تدعو للقلق بشكل كبير بسبب انتهاكات الحريات للأقليات الدينية والحكومة لم تتخذ إجراءات للحد من ذلك وإفلات مرتكبى جرائم العنف من العقاب بدوره يخلق مناخ جيدا لمزيد من الانتهاكات ، فأوصيت بوضع مصر والعراق أيضا على قائمة البلاد المثيرة للقلق، وهى ضمن قوائم تصنيف البلدان لدىنا، وأوصيت أيضا بالنقاش مع مصر لإلغاء القوانين التمييزية بها ومحو خانة الديانة فى بطاقة الرقم القومى، حيث إن الأقليات الدينية فى العراق ومصر بصفة خاصة تتعرض لمزيد من التهديد، وفى ذلك الوقت تم تصنيف الدول الأربع وهى العراق ومصر والمملكة العربية السعودية وإيران كدول تثير قلق خاص ومن بين أسوأ المنتهكين للحريات الدينية فى العالم وفى الأخرتين نجد الخطر الأكبر يأتى لهذه الفئات من الحكومات.


اليوم السابع -9 -2015



*وماذا عن تقييمكم للأوضاع الدينية فى عهد مبارك؟


**لم نلاحظ وقتها أن الحكومة تبدى أى نية لاتخاذ خطوات جادة لإنهاء العنف الطائفى وكان ذكر الرئيس للحريات الدينية فى خطاباته الرسمية وأحاديثه نادرا ولم يهتم بالإشارة إليها على عكس الرئيس السيسى الذى نلاحظ دعواته المتكررة للتسامح، ونجد أن ترتيب مصر فى عام 2010 جاء فى المرتبة الثانية ضمن قائمة الدول الأكثر انتهاكا للحريات الدينية و حذر التقرير من خطر تصاعد حدة العنف الطائفى فى مصر ووجود تمييز دينى خطير وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان لفئات الأقباط والبهائيين واليهود وطائفة شهود يهوه والقرآنيين والشيعة، لتقصير الحكومة فى تطبيق عقوبات رادعة على المذنبين وأشار للأحداث الطائفية التى تهدد استقرار المجتمع خاصة فى الصعيد ولا سيما بعد مذبحة نجع حمادى وأوصت اللجنة الحكومة الأمريكية بمطالبة مصر بوضع جدول زمنى لإلغاء قانون الطوارئ و المادة 98 التى تمنع الأفراد من حقهم فى تغيير دياناتهم والقيام بإصلاح بعض الإجراءات الخاصة بحماية الحريات الدينية وحقوق الإنسان، وإذا لم تبدى الحكومة المصرية استعدادا للالتزام بهذا، فعلى الولايات المتحدة إعادة النظر فيما تقدمه من مساعدات لمصر.

وفى تلك الأثناء قدمت اللجنة توصية لوزارة الخارجية بعدم تأييد ترشيح فاروق حسنى الذى كان وزيرا للثقافة وقتها ليكون مدير منظمة اليونسكو.

*ما تعليقك على قتل الأقباط المصريين فى ليبيا ؟


**مما لا شك فيه أن ما حدث من قتل الـ21 مصريا فى ليبيا كان عملاً جبانًا هدفه إثارة الرعب بقلوب العالم كله إزاء داعش، وتأجيج الفتن الطائفية فى الداخل والخارج والسيسى تصرف بحكمة شديدة أبهرتنا.

*كيف تقرأين دستور مصر الجديد فيما يخص المواد المتعلقة بحرية المعتقد؟


** هناك بعض التغييرات المشجعة والتى تبعث على التفاؤل بمستقبل أفضل فى الدستور الجديد الذى تلافى وعالج بعض عيوب الدستور السابق والتى من شأنها أن تبشر بتحسين أوضاع الحريات الدينية وحقوق الإنسان فقد تم تغيير عدة أحكام إشكالية من دستور 2012، منها مادة كانت تعطى مفهوما ضيقا لأحكام الشريعة الإسلامية ويشتمل الدستور الجديد على مادة تحث البرلمان القادم على إصدار قانون يحكم بناء الكنائس وهذا القانون من شأنه إلغاء شرط الحصول على موافقة الحكومة لبناء الكنائس وهذا سيساهم فى إنهاء جزء كبير من أسباب العنف الطائفى، ورغم أن الدستور الجديد يتضمن عددا من التطويرات عن سابقه فيما يتعلق بحرية الدين أو العقيدة، ولكن تبقى العبرة فى كيفية تطبيق هذه المواد على أرض الواقع.


*وما موقف اللجنة تجاه مصر مستقبلا ؟


** فريق عمل اللجنة الأمريكية الدولية للحريات الدينية سيقوم بمراقبة الأوضاع عن كثب هناك للوقوف على أى تطورات إيجابية تحدث على أرض الواقع، وإذا ثبت ذلك سيتم تغيير تصنيف مصر فى التقرير السنوى الجديد الذى سيصدر العام المقبل.


اليوم السابع -9 -2015


*لكن هناك بلدان مازالت متشددة دينيا أكثر من مصر والأقليات بها تعانى من اضطهاد كبير؟


**بلا شك نحن نعمل على تشجيع حكومات تلك الدول على إرساء مبادئ الحريات الدينية بطرق مختلفة، وقد تصل لاتخاذ إجراءات عقابية تجاه هذه الدول وتعليق بعض المساعدات وخفض مستوى العلاقات بين الولايات المتحدة وهذه الدول سواء الثقافية أو الاقتصادية أو السياسية، لكن بالتأكيد من مصلحة هذه الدول أن تحمى الحريات الدينية لتحقيق الاستقرار بها فأكثر المجتمعات استقرارا هى تلك المجتمعات التى تتمتع بالحرية وتحميها وعلى جميع الأصعدة خاصة بالنسبة للأقليات، وقد رأينا أن الرؤساء العرب الديكتاتوريين مبارك والقذافى وبشار قضوا على بلادهم وشردوا شعوبهم بسبب سياساتهم الديكتاتورية الخاطئة، وما يحدث فى ليبيا والعراق وسوريا وتشريد العائلات من منازلهم وما يتعرض له الأطفال والنساء وتشريدهم هو نتاج السياسة الخاطئة فى عهود هؤلاء الرؤساء، فرأينا بشار الذى حول المجتمع إلى طوائف متناحرة، ولكن فى النهاية النظم الديكتاتورية لا يمكن لها أن تستمر بل الديمقراطية هى التى تنتصر فى النهاية وعلى تلك المجتمعات أن تعى ذلك.

*ماذا عن تقييمكم للأوضاع فى إيران؟


** الوضع فى إيران مختلف فهى يحكمها رجال دين شيعة ولاحظنا كيف زاد الاضطهاد والعنف من قبل الحكومة بإيران واستهداف وتعذيب المنشقين عن المذهب الشيعى، خاصة منذ تولى الرئيس حسن روحانى، وتم تصنيفها من قبل اللجنة ضمن أكثر الدول المنتهكة للحريات الدينية فى العالم، فإن الشعب لا يزال يواجه أشكال من الظلم، سواء المسلمين أو غير المسلمين، فهم ضحايا النظام هناك، ونتذكر جميعا حادث قُتل أحد المسلمين الصوفيين وإصابة آخرين خلال حملة أمنية بجنوب غربى إيران فى 2011.

*وهل لتقييمها تأثير على صعيد العلاقات السياسية الأمريكية الإيرانية والاتفاق النووى؟


**قد أوصى تقرير اللجنة بأهمية ألا تغفل الحكومة الأمريكية خلال أى محادثات ثنائية لها مع إيران الانتهاكات الدينية الصارخة التى تحدث فى إيران وجعل انتهاكات حرية الدين وحقوق الإنسان جزءا من تلك المناقشات مع الحكومة الإيرانية، وأوصت اللجنة بالتعاون مع الحلفاء الأوروبيين وغيرهم للضغط عليها للإصلاح من خلال الدعوة الدبلوماسية والعقوبات الهادفة، ولم يشير التقرير على وجه الدقة للموقف من المفاوضات الجارية مع إيران بشأن برنامجها النووى، فنحن نقيم الأوضاع على أرض الواقع ونترك القرار السياسى للكونجرس والخارجية والحكومة الأمريكية التى يرفع لها هذا التقرير.

كما أورد التقرير ما تعرض له القس الأمريكى سعيد عابدينى داخل السجن الإيرانى، رغم أنه من مواليد إيران فى الأساس.

*وبالنسبة للسعودية؟


** بالنسبة للمملكة العربية السعودية المشكلة أساسها فى التشدد بعقيدة دينية وقمع أى دين آخر، ويتم التشجيع على العنف ضد الأقليات الدينية الأخرى، ولا يسمح ببناء الكنائس أو المعابد وغيرها من دور العبادة للديانات المختلفة ونحن سبق وأوصينا الولايات المتحدة بأن تتوقف عن التهاون فى تطبيق الإجراءات العقابية ضد السعودية بسبب هذه الانتهاكات وغيرها وهو نفس الحال بالنسبة لإيران.

لكن فى النهاية كما قلت نحن نصدر توصيات وليس قرارات و نحرص على أن ننقل الأوضاع كما هى ونعطى التوصيات ونشجع حكوماتنا والكونجرس على اتخاذ إجراءات جدية تجاه التجاوزات التى تحدث بهذه الدول، لكن للأسف الإجراءات التنفيذية يحكمها عوامل واعتبارات تتعلق بعلاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع الدول الأخرى مثل العلاقات الاقتصادية، فليس دائما تتمكن أمريكا من اتخاذ هذه الإجراءات العقابية والسعودية دولة صديقة ونراعى معها الحفاظ على هذه العلاقات.

*هل ترى أن داعش يمثل خطرا على الشرق الأوسط؟


** نعم هناك خطر كبير على منطقة الشرق الأوسط من تنظيم داعش وهى خطر على أمريكا أيضا ولابد من إدراك خطورة "داعش" على المنطقة والعالم كله ونطالب الأمم المتحدة باتخاذ خطوات أكثر جدية لمحاربة "داعش".


اليوم السابع -9 -2015



والفكر الداعشى لا يحارب إلا بتغيير الخطاب الدينى والثقافة المجتمعية وهذا بالأكثر ضرورى فى الشرق الأوسط الذى يعانى من ثقافات مغلوطة وأفضل طريقة للمواجهة هو نشر ودعم الحريات الدينية فى كل البلدان وإنهاء القمع مما يؤدى لاستقرار الأنظمة، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية مطلوب منها دور أكبر مما تلعبه فى محاربة "داعش" فهى تمتلك التأثير المالى والقوة العسكرية، ويجب علينا وعلى المجتمع الدولى توجيه الدعم والمساعدة لمصر بصفة خاصة لمساعدتها فى حربها ضد الإرهاب ونحن نسعى بكل جهدنا لمنح الشرق الأوسط القوة الكافية لمواجهة "داعش" وغيرها من التنظيمات الإرهابية.

*أثناء أحداث الربيع العربى هل كنتم تتنبأون بنجاح تلك الثورات فى تحقيق عدالة حقوق الإنسان والحريات لتلك الشعوب؟


**فى تلك الفترة بدت أوضاع حقوق الإنسان بصفة عامة والأقليات الدينية فى الشرق الأوسط خاصة دول الربيع العربى قاتمة وغير واضحة ومقلقة للغاية، ولكن بكل صراحة لم يكن باستطاعتنا وقتها ولم يكن باستطاعة أحد التنبؤ إذا كان الربيع العربى وثوراته ستنجح فى تحقيق الحريات المنشودة ودعم حقوق الإنسان التى انتهكت بفعل الأنظمة الديكتاتورية التى خلقت مناخا مهيأ لنمو التطرف الدينى والعنف الطائفى، فكنا نجد أن هذه الأقليات تتعرض لتهديد الحكومات فى بعض دول الشرق الأوسط.


*ما رؤيتك لنتائج الربيع العربى؟


** أستطيع أن أقول نتيجة واحدة توصلنا إليها من فترة الربيع العربى بالنسبة لمصر بصفة خاصة، إنه لا يمكن كبت حرية هذه الشعوب أو قهرها أو أن تسلب إراداتها وبالنسبة لمصر هى الآن تمر بمرحلة دقيقة بمثابة مفترق طرق حتى تستعيد نهضتها من جديد لكن الخطوات التى اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسى حتى الآن مبشرة وهناك علامات تطمئن على النجاح .


*هل أغفل تقرير لجنتكم ما يجرى فى العراق وسورية؟


**بالطبع لا لأن سوريا والعراق ضمن الدول التى تقع فى نطاق عمل اللجنة وأكد التقرير تدهور الوضع بشكل كبير خلال العام الماضى هناك وأن داعش أسوا الجماعات التى تنتهك حقوق الإنسان، وأوصت اللجنة بضرورة سيادة القانون بالأراضى العراقية والسورية ففى سوريا معظم المنتمين لديانات مختلفة يتعرضون للعنف والمعاناة بينما ساعدت الحكومة العراقية على تدهور الأوضاع ووصولها إلى ماهى عليه الآن وقد رصدنا ما يتعرض له المسلمون الشيعة والسنة وأيضا المسيحيون واليزيديون هناك من قبل تنظيم الدولة الإسلامية ومحاولة إجبارهم على اعتناق الإسلام وتدمير دور العبادة الخاصة بهم، واختطاف الراهبات حتى أن نصف مليون من أهالى الموصل بالعراق هربوا تاركين وطنهم وقدمنا توصية بضرورة تدخل المجتمع الدولى لتوفير مظلة حماية للمسيحيين هناك الذين يتعرضون للتشريد والقتل والاغتصاب وهذا كله ضد جميع الأعراف الدولية، فلا يجب ترك هؤلاء تحت عدوان داعش بلا الحد الأدنى من الحماية التى كان يوفرها الرؤساء السابقين قبل الربيع العربى أمثال صدام حسين وبشار الأسد.

*ماذا عن رؤيتكم للأوضاع فى السودان؟


**السودان صنفت واحدة من أكثر البلدان اعتداء على حقوق الأقليات و انتهاكا للحريات الدينية وحذرنا من أنها قد تصبح دولة قمعية من الطراز الأول وأورد التقرير ما تمارسه حكومة عمر البشير من انتهاك ممنهج لحرية العقيدة وتطبيق عقوبات حد الردة على المسلمين وغير المسلمين، ورفض إصدار تراخيص لبناء الكنائس، وهدم عدد من الكنائس القديمة، ومضايقات ضد رجال الكنيسة من غير السودانيين وعدم السماح لهم بالسفر قبل الحصول على إذن السلطات، كما أن القانون الجنائى وقانون الأحوال الشخصية السودانى به مواد تتعارض مع دستور السودان والتزاماته أمام المجتمع الدولى وتنتهك الحريات الدينية، ولذلك طالبت اللجنة الحكومة الأمريكية باتخاذ إجراءات حاسمة وجادة للحد من هذه الممارسات القمعية ومطالبة السودان بإلغاء القوانين التمييزية التى تنتهك الحريات مع ضرورة مراقبة القوانين السودانية ومدى توافقها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإنشاء لجنة تعمل كمظلة تحمى حقوق غير المسلمين هناك.

وشدد التقرير على أهمية استعادة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنى بمراقبة كافة أشكال الانتهاكات.

*قدمت الصين احتجاجا رسميا دبلوماسيا للحكومة الأمريكية حول التقرير الخاص بها متهمة أمريكا بأنها تستخدم المسألة الدينية ذريعة للتدخل فى شئون البلاد.. لماذا؟


**تقارير اللجنة خالية تماما من أى تحيزات سياسية وهى لجنة مستقلة وتستند فى عملها وما تصدره من توصيات على المعايير المنصوص عليها فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان وقانون الحريات الدينية الدولية لعام 1998
و الوثائق الدولية الأخرى والتقرير الذى صدر هذا العام بالفعل يرصد انتهاكات كبرى وفجة وبأسلوب ممنهج من قبل حكومة الصين ضد البوذيين والمسلمين والمسيحيين وغلق لدور العبادة وهدم بعضها، وقد طالبت الخارجية الصينية بتغيير تصنيفها كدولة تثير قلقا خاصا.

*وماذا عن أوضاع الحريات فى باكستان وبقية الدول التى خضعت للتقييم؟


** بصفة عامة الأوضاع التى رصدتها اللجنة بالدول المختلفة بها تشابه إلى حد كبير ففى باكستان نرى تدهور أوضاع المسيحيين هناك خاصة بعد التفجيرين الانتحاريين على كنيستين فى لاهور فى مارس الماضى وما تبعه من أعمال عنف من قبل المسيحيين على بعض المسلمين وعدد ضحايا العنف الطائفى تثير القلق، وقد التقيت بممثلى الأقليات الدينية خلال الزيارة الأخيرة لوفد من اللجنة هناك ورأينا كيف تطبق قوانين ازدراء الأديان مما أدى لتدهور أوضاع الأقليات هناك لذا لابد من إلغائها و اقترحنا بعض الإجراءات يمكن أن تقوم بها الحكومة الباكستانية من خلال حملة إعلامية ضخمة للتوعية بالدور التاريخى لتلك الأقليات الدينية و دورها فى بناء الدولة،وتغيير الخطاب الثقافى والدينى وبصفة عامة فإن المساواة أمام القانون هو أساس إنهاء التمييز الدينى فى أى مجتمع .

وفى بورما مثلا لم نجد أى تحسن للحريات الدينية وحقوق الإنسان ولم تقوم الحكومة بتطبيق العقوبات الكافية على مرتكبى جرائم العنف الطائفى.

وفى إريتريا يعانى المواطنون من التعصب ويتعرضون للتعذيب داخل السجون، وفى كوريا الشمالية لا يستطيع المواطنون ممارسة شعائرهم الدينية جهرا، ويتعرضون للاعتقال أما اوزبكستان فهى تطبق قانون الأديان الذى يقيد الحريات الدينية، وفى طاجيكستان نجد المسلمين والبروتستانت وشهود يهوه من أكثر الفئات اضطهادا ويتعرضون للقمع من قبل الحكومة أما تركمانستان تتزايد فيها ملاحقات الشرطة للجماعات الدينية.

وفى فيتنام الدولة تشدد قبضتها على الفئات الدينية التى تعتبرها ضد توجهات الدولة وتقيد ممارسة الشعائر الدينية وفى نيجيريا تعتبر بوكو حرام مصدرا لأقصى درجات الخطورة هناك على المسلمين المعتدلين والمسيحيين على حد سواء .

اليوم السابع -9 -2015

اليوم السابع -9 -2015

اليوم السابع -9 -2015








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة