سلطان الجابر رئيس مكتب تنسيق المشاريع التنموية الإماراتية بمصر لـ"اليوم السابع":اجتذاب المستثمرين يتطلب تسريع الإجراءات وتعزيز كفاءة الإدارة.. قناة السويس ثمرة الرؤية الاستراتيجية للقيادة المصرية

الثلاثاء، 11 أغسطس 2015 04:45 م
سلطان الجابر رئيس مكتب تنسيق المشاريع التنموية الإماراتية بمصر لـ"اليوم السابع":اجتذاب المستثمرين يتطلب تسريع الإجراءات وتعزيز كفاءة الإدارة.. قناة السويس ثمرة الرؤية الاستراتيجية للقيادة المصرية الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الدولة الاماراتى
كتب يوسف أيوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

• قناة السويس ثمرة الرؤية الاستراتيجية للقيادة المصرية


• فخورون بمشاركة القطاع الخاص الإماراتى فى مشروع قناة السويس


• المشروع "رافعة نمو" اقتصادى واجتماعى


• نجاح المشروع يقدم نموذجًا للشراكة بين القطاعين العام والخاص


• المؤتمر الاقتصادى شكل نقطة بداية قوية والمهم مواصلة السير


• تواصل وتنسيق دائم مع الأشقاء فى المملكة العربية السعودية


• دولة الإمارات تؤمن بثقافة التسامح والسلام ومد جسور التعاون والعمل بطاقة إيجابية


• تسليم مشاريع المدارس والعيادات والجسور والحافلات بالتزامن مع افتتاح قناة السويس يشكل "بشرة خير"



تمثل المشروعات "الإماراتية ـ المصرية" نموذج للشراكة والاستثمار بين الدولتين، خاصة بعد فتح آفاق جديدة للتنمية بمشروعات محور قناة السويس، ومشاركة القطاع الخاص الإماراتى فى مشروع القناة الجديدة، الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الدولة الإماراتى ورئيس المكتب التنسيقى للمشاريع التنموية الإماراتية فى مصر، قدم رؤيته عن الاستثمار فى مصر وكيفية جذب المستثمرين، ورؤيته لمشروع قناة السويس ومشاركة القطاع الخاص الإمارتى فى مشروعات التنمية بمحور قناة السويس، فى حوار شامل مع "اليوم السابع" وإلى نص الحوار:

المهندس إبراهيم محلب مع الدكتور سلطان الجابر -اليوم السابع -8 -2015
المهندس إبراهيم محلب مع الدكتور سلطان الجابر


قمتم خلال زيارتكم الأخيرة إلى القاهرة بتسليم أربعة من المشاريع التنموية الإماراتية فى مصر، هل لكم أن تطلعونا على ما وصلت إليه هذه المشاريع فى مصر منذ انطلاقها حتى الآن؟

تمتلك دولة الإمارات وجمهورية مصر العربية علاقات متميزة ذات جذور تاريخية عميقة، فقد قام الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله)، بإرساء أسس صلبة للروابط الأخوية بين البلدين والتى تطورت لتصبح نموذجًا يحتذى ومن أهم العلاقات الثنائية التى تربط دولة الإمارات بالدول الأخرى. واستمرت هذه الروابط بالنمو والازدهار فى ظل توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله؛ وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى، رعاه الله؛ وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. والجدير بالذكر أن التعاون بين دولة الإمارات ومصر يشمل مختلف المجالات: السياسية والاقتصادية والتجارية والاجتماعية والثقافية، حيث حققت هذه العلاقات التاريخية النفع المشترك لكلا البلدين، خاصة أنها تقوم على مبدأ التعاون لما فيه مصلحة الطرفين.

الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الدولة الاماراتى ورئيس المكتب التنسيقى للمشاريع التنموية الإماراتية فى مصر -اليوم السابع -8 -2015
الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الدولة الاماراتى ورئيس المكتب التنسيقى للمشاريع التنموية الإماراتية فى مصر


وخلال فترة عدم الاستقرار التى شهدتها مصر منذ أواخر عام 2010 حتى يونيو 2013، كان هناك بعض التباطؤ فى النمو الاقتصادى والذى أثر سلبًا على المجتمع والمواطن المصرى، وتماشيًا مع العلاقات الوثيقة بين دولة الإمارات ومصر، أصدرت القيادة فى دولة الإمارات توجيهاتها بالعمل على تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الاستقرار.

وتم إطلاق حوار للتشاور مع الحكومة المصرية من أجل رصد الاحتياجات الماسة وكيفية تلبيتها بأسرع وقت ممكن، وتم تأسيس المكتب التنسيقى للإشراف على المشاريع التنموية الإماراتية فى جمهورية مصر العربية، وتم تزويده بكوادر من أصحاب الكفاءات العالية من كل من البلدين. ويتمثل الهدف الاستراتيجى للمكتب فى توفير الدعم لمصر بحسب توجيهات القيادة فى دولة الإمارات، بما فى ذلك تنفيذ حزمة من المشاريع التى تركز على قطاعات حيوية تشمل الطاقة والإسكان والأمن الغذائى والتعليم والتدريب المهنى والرعاية الصحية والنقل والمواصلات، وذلك لما لهذه القطاعات من دور كبير فى تحقيق نتائج إيجابية ملموسة يستفيد منها المواطن المصرى البسيط بأسرع وقت ممكن، حيث كان هذا المعيار أساسيًا ضمن توجيهات القيادة فى دولة الإمارات. وإلى جانب هذه المشاريع، تم تقديم الدعم والمساندة فى إعداد خطة إنعاش اقتصادى وعدد من المبادرات الهادفة لتحفيز تدفق الاستثمارات الخارجية إلى السوق المصرية، بما فى ذلك مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري. وجدير بالذكر أن هناك تواصلا وتنسيقا دائما بين دولة الإمارات والأشقاء فى المملكة العربية السعودية بخصوص الوقوف بجانب مصر.

وكما تعلمون، فقد قام المكتب التنسيقى بتسليم الحكومة المصرية أربعة مشاريع ضمن قطاعات التعليم والرعاية الصحية والنقل والمواصلات، وذلك ضمن الجدول المحدد. وأود هنا التنويه إلى الطبيعة المستدامة والتأثير الممتد لهذه المشاريع، فدولة الإمارات تعطى أولوية للتعليم والرعاية الصحية نظرًا لدور هذين القطاعين فى بناء رأس المال البشرى الذى يشكل الأساس لكل الجهود التنموية، وعلى سبيل المثال، ستستمر المدارس بنشر العلم والوعى لأجيال وأجيال، وستبقى العيادات تقدم خدمات الرعاية الصحية للعقود المقبلة. وكلنا ثقة بأن هذه المشاريع ستسهم هذه المشاريع فى تحقيق مصلحة الشعب المصرى وتلبية طموحاته والإسهام فى استقراره واستمراره فى تحقيق النمو المستدام.

هلا أعطيتمونا فكرة أكثر تفصيلاً عن المشاريع فى مجال الخدمات الصحية؟


ركزت المشاريع التنموية الإماراتية على قطاعات حيوية ترتبط بشكل مباشر بالحياة اليومية للمواطن البسيط، وتم تحقيق تقدم كبير فى التنفيذ الفعلى للمشاريع، ففى مجال الخدمات والرعاية الصحية، تم إنجاز بناء وتجهيز 78 وحدة لطب الأسرة فى 23 محافظة، بما يسهم فى توفير الرعاية الصحية الأولية لسكان المناطق النائية والريفية. كما تم تطوير خطوط إنتاج الأمصال واللقاحات والأنسولين بهيئة الأمصال واللقاحات، وأيضًا تجهيز وتطوير مرافق لمعالجة المياه فى أكثر من 136 قرية وتطوير البنية التحتية الخاصة بالصرف الصحى، وذلك بما يسد 12% من العجز فى هذا المجال.

وماذا عن مشاريع الإسكان والطاقة المتجددة؟ وماذا عن المشاريع الأخرى؟


فى مجال الإسكان، تم إنجاز بناء أكثر من 50 ألف وحدة سكنية يستفيد منها أكثر من 300 ألف شخص، وتم تسليمها إلى الحكومة المصرية. وفى مجال الطاقة، تم بالفعل افتتاح وتشغيل محطة شعب الإمارات للطاقة الشمسية فى سيوة بمحافظة مطروح بطاقة إنتاجية قدرها 10 ميجاوات، كما يجرى العمل على قدم وساق للانتهاء من مشروعات للطاقة الشمسية بسوهاج والوادى الجديد والبحر الأحمر، وستكون النتيجة توفير إمدادات الكهرباء لنحو 70 قرية بعيدة عن الشبكة، فضلاً عن توفير أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية إلى أكثر من 62 ألف وحدة سكنية ومنشأة بما فيها المنازل والمساجد والمدارس والعيادات.

ونظرًا لأهمية قطاع التعليم فى نشر الوعى ومكافحة الأمية وبناء أجيال قادرة على المساهمة فى بناء مستقبل وطنها، يجرى تنفيذ مشروع التدريب من أجل التشغيل الذى يعمل على تأهيل المتدربين وربطهم بسوق العمل، وذلك إلى جانب إنشاء وتأثيث وتجهيز 100 مدرسة فى 18 محافظة مصرية والتى تم تسليمها مؤخرًا. وفى مجال النقل، تم أيضًا الانتهاء من تصنيع وتوريد وتسليم 600 حافلة إلى هيئة النقل العام بالقاهرة، وتم أيضًا إنجاز وتسليم 4 جسور تساعد فى حل مشكلة الزحام والاختناق المرورى فى المناطق ذات الكثافة السكانية العالية ويقد عدد المستفيدين من هذه الجسور بنحو ثلاثة ملايين شخص.

وفى مجال الأمن الغذائى يجرى إنشاء 25 صومعة لتخزين القمح والحبوب بما يضيف مليون ونصف مليون طن إلى الطاقة التخزينية، وتم توريد 100 ألف رأس من المواشي، منها 50 ألفاً للتسمين و50 ألفاً أخرى لإنتاج الحليب ومشتقاته.

كما يتم دعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر للحد من خطر البطالة وذلك بالتعاون ما بين صندوق خليفة لتطوير المشاريع والصندوق الاجتماعى للتنمية، إضافة إلى مشاريع دعم المؤسسات الأكاديمية والإنسانية والاجتماعية ومنها مشاريع دعم الأزهر الشريف والكنيسة المصرية وترميم متحف الفن الإسلامى وغيرها من المشاريع التى نركز على إنجازها وسرعة الانتهاء منها.

فى تقديركم هل حققت هذه المشاريع الأهداف المرجوة؟


أجرينا دراسة أولية لهذا الموضوع وكانت النتيجة أن هذه المشاريع ساهمت بشكل فعلى وملموس فى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث وفرت ما يزيد على 900 ألف فرصة عمل ما بين مؤقتة - خلال أعمال الإنشاء والتشييد – وفرص عمل دائمة خلال مرحلة تشغيل المشاريع. ويصل إجمالى عدد المستفيدين من المشاريع ما يزيد على 10 ملايين مواطن مصري. وأريد هنا إيضاح نقطة مهمة، فمشروع الصوامع مثلاً يسهم فى تعزيز الأمن الغذائى على المدى الاستراتيجى البعيد ويستفيد منه كل أبناء الشعب المصري، كما أن المدارس تسهم فى تخريج جيل بعد جيل سيكون منهم الأستاذ والمهندس والطبيب والمحامي، وبالتالى هناك تأثير ممتد لا يقتصر فقط على احتساب أعداد المستفيدين فى منطقة معينة بشكل مباشر.

نريد من معاليكم أن توضح لنا الفرق فى العمل بين المشاريع الإماراتية الحكومية فى مصر ومشاريع القطاع الخاص الإماراتى؟


المشاريع الحكومية هى المشاريع التنموية التى أوضحتها فى الأسئلة السابقة، وهى كما ترون غير مرتبطة بالاستثمار بمعنى السعى إلى الربح التجارى، فهى تستثمر فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستقرار. وهناك أيضًا جانب من تلك المشاريع يتعلق بالتعاون فى مجال خطط إنعاش الاقتصاد المصرى، حيث شمل ذلك الدعم الفنى، إضافة إلى التعاون فى مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى.

أما بالنسبة للقطاع الخاص فهناك ما يزيد على 600 شركة إماراتية تتبع القطاع الخاص ولديها أعمال وتساهم فى نمو الاقتصاد وتوفير فرص العمل فى مصر منذ عشرات السنين. ونحن بطبيعة الحال نشجع زيادة استثمارات ومشاريع القطاع الخاص، ليس فقط الإماراتى، وإنما المصرى والإماراتى والعربى والدولى، لأن هذه جميع هذه الاستثمارات تسهم فى تعزيز تدفقات رءوس الأموال الخارجية وتصب فى مصلحة الاقتصاد والمواطن المصرى، وأيضًا فى مصلحة المستثمر.

وهل تشرف دولة الإمارات على أعمال القطاع الخاص الإماراتى فى مصر أو تتابعها؟


هناك بالتأكيد متابعة عامة ولكنها لا تصل إلى التفاصيل فالهدف هو التشجيع والمساهمة فى توفير أرضية خصبة تتيح نمو وازدهار الاقتصاد لما فيه مصلحة مختلف الأطراف المشاركة. وتؤكد حقائق الاقتصاد الحديث على ضرورة تفعيل وتعزيز مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأيضاً دور القطاع الخاص بما يسهم فى تعزيز النمو الاقتصادي. وأود هنا تسليط الضوء على مفهوم التنويع الاقتصادى الذى تعمل دولة الإمارات على تطبيقه، حيث نسعى إلى الانتقال من الاقتصاد القائم على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد المعرفة متعدد القطاعات والذى يسهم فعلياً فى تحقيق التنمية المستدامة، وهناك بالتأكيد دور للقطاع الخاص فى هذا التحول. المبدأ العام إذاً هو مبدأ اقتصادى بحت يقوم على التنويع بهدف الحد من المخاطر وضمان الاستدامة.

وتمتلك مصر العديد من عوامل القوة الاقتصادية سواء من حيث الموقع الجغرافى أو الموارد الطبيعية والبشرية والمعرفية، ومن المهم إيجاد المعادلة الناجحة التى تضمن استثمار هذه العوامل على النحو الأفضل للدفع قدماً بعملية التنمية الاقتصادية، وهذا يعتمد بشكل أساسى على توفير البنية التحتية القانونية والتشريعية التى تشكل نقطة البداية لجذب الاستثمارات ورءوس الأموال.

قطاع الطاقة يمثل أهمية كبرى لمصر، والإمارات لها تجربة كبيرة فى هذا القطاع. ما هى أوجه التعاون بين الدولتين فى قطاع الطاقة؟


دولة الإمارات تمتلك بالفعل خبرات كبيرة فى قطاع الطاقة، ورأت قيادتنا العمل على الاستفادة من هذه الخبرات والمعرفة بما يسهم فى تعزيز أمن الطاقة وترسيخ المكانة المتقدمة للدولة فى القطاع. وباختصار، فإن الاستراتيجية الحالية تركز على خلق مزيج متنوع من مصادر الطاقة، فبدلاً من الاعتماد كلياً على الموارد الهيدروكربونية، يجرى العمل على إطالة أمد الاستفادة من هذه الموارد من خلال الاستثمار فى بناء القدرات فى مصادر جديدة تشمل توليد الكهرباء باستخدام كل من الطاقة النووية السلمية والطاقة المتجددة بمختلف مصادرها وفق أسس مجدية تجارياً. وأعتقد أن استراتيجية تنويع مصادر الطاقة تشكل الحل الأمثل وبإمكان مصر الاستفادة من مزايا هذه الاستراتيجية عندما تتوفر التشريعات والقوانين والمحفزات لاستقطاب الاستثمارات إلى القطاع.

وتمتلك مصر موارد هيدروكربونية مهمة خاصة فى مجال الغاز، وأيضاً فى المصادر المتجددة كالطاقة الكهرومائية من السد العالى على نهر النيل، وطاقة الرياح والطاقة الشمسية. وقامت مؤخراً بزيادة القدرة الإنتاجية لتوليد الكهرباء ونجحت فى الحد من حالات انقطاع التيار خلال فصل الصيف. وأعتقد أن هناك فرصًا كبيرة للاستثمار فى مجال الطاقة الشمسية فى مصر لاسيما مع انخفاض تكاليف الإنتاج التى أصبحت تنافس الطاقة التقليدية فضلاً عن قدرة الطاقة الشمسية على تلبية الطلب خلال أوقات الذروة. وهناك تبادل أفكار لدراسة احتمالات التعاون فى مختلف هذه المجالات وإذا تمت بلورة مشاريع محددة، سيتم الإعلان عنها فى وقتها.

بعد حوالى ثلاثة أشهر من عقد مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، هل تعتقدون أن المؤتمر حقق أهدافه؟


إذا درسنا أهداف المؤتمر، سنجد أنها تنقسم إلى أهداف قريبة المدى وأخرى بعيدة المدى. وبالنسبة للأهداف قريبة المدى، هناك إجماع على أن المؤتمر قد حقق أهدافه بامتياز، ومن المهم الاستمرار فى العمل لتحقيق الأهداف بعيدة المدى. فعلى المستوى السياسى، كان الهدف هو حشد التأييد والاعتراف الدولى بأهمية مصر ودورها المحورى فى المنطقة، ولقد أثبت الحضور السياسى رفيع المستوى للزعماء العرب والعالميين ومشاركتهم الفاعلة فى جلسات المؤتمر أن مصر قد استعادت دورها ووزنها السياسى وقدرتها على القيام بدور محورى فى المنطقة، فضلاً عن تقديم رسالة إلى العالم أكدت دعم توجه القيادة والحكومة المصرية.

وعلى المستوى الاقتصادى، كان التركيز قريب المدى على توفير دعم تنموى للاقتصاد المصرى وضمان تنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادى وبناء الثقة بين القطاعين العام والخاص والمستثمرين والمؤسسات متعددة الأطراف، وعلى المدى البعيد، كان الهدف تعزيز دور مصر كمنصة جاذبة لرءوس الأموال ووجهة مفضلة للمستثمرين من مختلف بلدان العالم. وتم تحقيق نجاح كبير فى الأهداف القريبة من خلال تأمين دعم مالى من دول الخليج العربى ومؤسسات مالية دولية بنحو 20 مليار دولار. أما على المدى البعيد، فقد شكل المؤتمر نقطة بداية جيدة لاجتذاب رءوس الأموال، وبالتالى، من المهم متابعة العمل وتهيئة ظروف النجاح الاقتصادى من خلال التطوير المستمر لمنظومة التشريعات والقوانين، وتعزيز كفاءة الأداء الإدارى والتركيز على التنفيذ الفعلى لكل الخطوات التطويرية الجديدة.

وعلى المستوى الاجتماعى، كان الهدف التأكيد على أن خطط الإصلاح الاقتصادى شاملة وموجهة لكل شرائح المجتمع فى مختلف المناطق المصرية مع إعطاء أهمية خاصة لتمكين المرأة ودور الشباب. وهناك أهداف إعلامية ركزت على ترسيخ الصورة الجديدة لمصر، وإرساء ركائز قوية لأجواء إيجابية تساعد على الانطلاق نحو تحقيق الأهداف المنشودة. ويمكن لأى متابع تأكيد نجاح هذه الأهداف الاجتماعية والإعلامية. والمهم أن ندرك بأن المؤتمر الاقتصادى لم يكن غاية بحد ذاته وإنما نقطة بداية وانطلاقة قوية، ويجب متابعة العمل لتحقيق هذه الأهداف على نحو مستمر.

بالحديث عن الإعلام، المنطقة تواجه حاليًا الجيل الرابع من الحروب وأصبحت الحرب على الاٍرهاب هى "حرب المعلومات". ما هو رأيكم بظاهرة الإرهاب والتطرف دور الإعلام فى الحد منها.

 محطة مشروع الإمارات للطاقة الشمسية -اليوم السابع -8 -2015
محطة مشروع الإمارات للطاقة الشمسية


هذا سؤال مهم جداً، ودعنى أبدأ بموقف دولة الإمارات بهذا الشأن والذى يتميز بالوضوح والشفافية، حيث ندين بشدة أى محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار، وأكدت القيادة فى دولة الإمارات على تضامنها مع الحكومة المصرية والوقوف إلى جانبها فى مواجهة التطرف والإرهاب، والتصدى للأفكار التى يستند إليها ويدعو إليها والتى تستخدم القتل والترويع والإرهاب والتضليل الفكرى أدوات لتحقيق أغراضها. ولدينا ثقة كبيرة بقدرة مصر على تجاوز هذه التحديات والاستمرار فى بناء مستقبل أبنائها.

وعند الحديث عن التضليل الفكرى، لابد من تسليط الضوء على دور الإعلام سواء بمنصاته التقليدية كالصحافة والراديو والتليفزيون، أو الرقمية كالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى، حيث من المهم الالتزام بالمهنية وذكر مصدر المعلومة، وإيضاح الفرق بين الخبر والرأى. وللأسف هذا غير موجود حالياً فى بعض المنصات التقليدية غير الرسمية، كما يزداد احتمال عدم الدقة فى وسائل التواصل الاجتماعى حيث يمكن بسهولة تضليل المستخدم غير المتمرس فى تحرّى دقة المعلومة. وأعتقد أنه من الضرورى القيام بجهد مضاعف من قبل الإعلام الرسمى بمنصاته التقليدية والرقمية لتوعية كل شرائح الجمهور حول كيفية تحرى المصداقية وتمييز من يسعى لنشر الإشاعات والفوضى من خلال وسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت متاحة للجميع، وكيفية التمييز بين المعلومة الخبرية الصحيحة والآراء التحريضية.

وجدير بالذكر أن دولة الإمارات قد أصدرت مؤخراً قانون مكافحة التمييز والكراهية الذى يهدف إلى الحد من خطاب الكراهية والتطرف واجتثاثه من جذوره. ففى هذه المرحلة، علينا أن لا نكتفى فقط بمحاربة مظاهر العنف المسلح للإرهاب، بل يجب العمل أيضاً على توضيح الدور السلبى للأفكار الخبيثة والهدامة وذلك من أجل إزالة مفعول المحرضين الذين يغذّون الإرهاب بشكل غير مباشر من خلال بثّ سموم التفرقة والكراهية. ويؤكد هذا القانون أن دولة الإمارات تنبذ ثقافة الهدم والتخريب وتؤمن بثقافة التسامح والسلام والبناء ومدّ جسور التعاون والعمل بطاقة إيجابية.

كيف ترى الإمارات مستقبل مصر اقتصادياً بعد عام من تولى الرئيس السيسى حكم مصر؟


خلال العام الأخير وبعد انتخاب فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى لمنصب الرئاسة، شهدت مصر جهوداً كبيرة فى كافة القطاعات، لاسيما فى المجال الاقتصادي. وتم تحقيق مجموعة من الإنجازات النوعية، حيث سجل الاقتصاد نمواً بنسبة 5.6% فى النصف الأول من السنة المالية التى انتهت فى يوليو 2015، بالمقارنة مع 1.2% لنفس الفترة من السنة السابقة. وارتفعت العائدات الضريبية، وبدأت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالعودة إلى مصر حيث بلغت نحو مليار وثمان مئة مليون دولار فى الربع الأول من السنة المالية 2014/2015، وذلك بزيادة تعادل الضعف بالمقارنة مع الربع الأول من السنة التى سبقتها.

وقامت أكبر ثلاث وكالات تصنيف ائتمانى، بما فيها "موديز" و"فيتش" و"ستاندارد آند بورد"، برفع تصنيف مصر وتعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصرى إلى "مستقرة" أو "إيجابية". كما أشاد صندوق النقد الدولى بالتوجهات الاقتصادية فى مصر عقب اختتام مشاورات المادة الرابعة، حيث بدأت السياسات التى تم تطبيقها حتى الآن فى استعادة الثقة وإحداث تحول ملموس فى النشاط الاقتصادى والاستثماري.

وشهد العام الماضى تشييد 1600 كيلومتر من الطرق الجديدة ضمن خطة لإنشاء شبكة طرق بطول 3,200 كيلومتر فى مختلف أنحاء مصر، كما تمت إضافة قدرات جديدة لتوليد كهرباء جديدة بطاقة إنتاجية تبلغ 3.6 جيجاوات، وذلك ضمن خطط طموحة لزيادة طاقة التوليد خلال السنوات القادمة.

كما تم إنجاز مشروع توسعة قناة السويس الذى يهدف إلى مضاعفة السعة الاستيعابية لهذا الممر المائى العالمي، فضلاً عن خطط تطوير المنطقة المحيطة بالقناة إلى مركز صناعى ولوجستى عالمي.

وتعد هذه الإنجازات مهمة جداً خاصةً إذا أخذنا فى الاعتبار البعد الزمنى الذى تحققت خلاله، والظروف التى كانت مصر تعانى منها فى السابق.

وعلى ضوء ذلك، يبدو مستقبل الاقتصاد المصرى مشرقاً وخاصةً إذا استمر العمل بنفس الوتيرة والنشاط، وازداد التركيز على اجتذاب الاستثمارات الخارجية وزيادة القدرة على التصدير من خلال تسريع الإجراءات وتبسيطها وتطوير الأنظمة واللوائح وتفعيلها لتحويل مصر إلى وجهة استثمارية مميزة.

شهدت مصر افتتاح قناة السويس فى السادس من أغسطس وأنتم شهدتم الحدث، ما الذى تعنيه لكم مشاركة دولة الإمارات فى هذا الحدث؟


تشكل مشاركة دولة الإمارات فى افتتاح قناة السويس رسالة تهنئة إلى قيادة وشعب مصر الذى استطاع إنجاز هذا المشروع فى وقت قياسى بفضل العزيمة والإصرار والمثابرة والنظرة الإيجابية للمستقبل، حيث تؤكد هذه التهنئة بأننا نفرح لكل إنجاز ونجاح جديد تحققه مصر، لاسيما وأن هناك مشاركة فعلية فى بذل الجهد والعمل فى مشروع قناة السويس من خلال إحدى شركات القطاع الخاص الإماراتية التى قامت بتنفيذ أعمال الحفر البحرى وأعطت أهمية خاصة لهذا المشروع وكرست له كافة مواردها لإنجازه بالتعاون مع هيئة قناة السويس.

برأيكم، ما هى أهمية قناة السويس الجديدة وما هى انعكاساتها السياسية والاقتصادية على كل من مصر والمنطقة والعالم؟


يسهم هذا المشروع الضخم فى تعزيز المكانة الجيوسياسية والاقتصادية لمصر بصفتها نقطة التقاءٍ لقارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، حيث تشكل قناة السويس واحداً من أهم ممرات التجارة العالمية. وتعد قناة السويس الجديدة ثمرة للرؤية الاستراتيجية للقيادة المصرية، حيث يهدف تطوير القناة إلى تعزيز دور مصر فى المنطقة والعالم ومواكبة النمو المتوقع فى حركة التجارية العالمية والشحن البحرى، فضلاً عن إنشاء محور جديد على امتداد القناة يشكل رافعة للنمو الاقتصادى والاجتماعى من خلال إقامة مدن ومناطق اقتصادية وصناعية متخصصة تسهم فى توفير فرص عمل جديدة. ويمكن أيضاً إقامة مناطق حرة تسهم فى زيادة الحركة التجارية بين مصر والعالم وتساعد على تنويع مصادر الدخل والإنتاج. وبالتالى، فإن إنشاء القناة الجديدة وتطوير محورها سيقدم فرصاً ضخمة للنمو ويتيح المجال لبناء مناطق صناعية لتصدير المنتجات إلى الأسواق العالمية والمساهمة فى نهضة الاقتصاد المصرى وإيجاد فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة.

المفهوم الاستراتيجى إذاً هو تطوير دور القناة من مجرد ممر ملاحى يشكل مصدراً لتحصيل الرسوم من السفن العابرة، إلى القيام بدور فاعل فى تحقيق التنمية المستدامة للاقتصاد المصرى من خلال تحويل منطقة القناة بأكملها إلى واحد من مصادر تعزيز الدخل. ومن الطبيعى أن يتطلب تحقيق ذلك إجراء دراسات وافية لتحديد القيمة الإضافية التى ستوفرها هذه المناطق الجديدة لكل من القطاعات ذات الصلة، وتوفير المحفزات لاستقطاب الشركات ورءوس الأموال، وخلق منظومة متكاملة من التشريعات لتوفير البنية التحتية التنظيمية والقانونية التى من شأنها أن تتيح تحقيق الأغراض المنشودة وعلى النحو الأمثل.

ما هو النمو المتوقع فى اعتقادكم على مستوى مصر والعالم؟


تشير الأرقام إلى أن التجارة البحرية تشكل نحو 80% من إجمالى التجارة العالمية الذى يزداد يوماً بعد يوم وتزداد معه أنشطة النقل البحرى للأغراض المختلفة وأيضاً أعداد السفن الأمر الذى يؤدى إلى زيادة الطلب على الخدمات التى تقدمها الممرات الملاحية الرئيسية مثل قناة السويس التى تربط الشرق والغرب. وبالتالي، فإن القناة تمثل شرياناً رئيسياً للتجارة البحرية العالمية بشكل عام، فضلاً عن أنها تعتبر بمثابة العمود الفقرى للتجارة وخدمات النقل بين آسيا وإفريقيا وأوروبا. وستساهم القناة الجديدة فى زيادة الطاقة الاستيعابية لهذا الممر التجارى الحيوى عبر السماح بمرور عدد أكبر وأحجام أضخم من السفن حيث ستزداد الطاقة التشغيلية إلى نحو 97 سفينة يومياً بالإضافة إلى تقليص فترات الانتظار للسفن بمقدار ثمانية ساعات وتمكينها من العبور بالاتجاهين. وعندما يقل وقت الانتظار، فهذا معناه خفض تكاليف الوقود والتشغيل على شركات وخطوط الشحن البحري، فضلاً عن خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق آثار إيجابية تسهم فى حماية البيئة.

امتداد التأثير


ولا تقتصر آثار المشروع على مصر والمنطقة فقط، فعلى المستوى العالمي، سيتجاوز الأثر الاقتصادى حدود مصر وقناة السويس، حيث بدأت الموانئ العالمية بدراسة التوسع ترقّباً لزيادة الطلب على خدمات الشحن البحرى ومناولة البضائع التى ستسهم قناة السويس الجديدة فى خلقها مع مضاعفة سعتها. ومن المتوقع أن تنعكس أصداء الآثار الإيجابية لهذا المشروع على مختلف كافة مراحل سلاسل التوريد العالمية.

وسيكون من المفيد إجراء دراسة لتحديد الدروس المستقاة من النجاح فى تنفيذ مشروع عملاق كهذا فى فترة قياسية وذلك لإتاحة المجال أمام إمكانية استنساخ نموذج العمل فى مشاريع أخرى. وأنا على ثقة بأن إجراء هذه الدراسة سيؤكد على أهمية الابتكار فى هيكلة المشروع بدءاً من المفهوم الأولى، ومروراً بوضع المخططات وتأمين التمويل، وصولاً إلى التنفيذ والإنجاز، فضلاً عن فوائد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأهمية الاستفادة من المرونة التى يتسم بها القطاع الخاص للمساهمة فى مشاريع البنية التحتية العملاقة.

 الدكتور سلطان الجابر مع جلال السعيد محافظ القاهرة -اليوم السابع -8 -2015
الدكتور سلطان الجابر مع جلال السعيد محافظ القاهرة


وماذا عن دور شركة الجرافات البحرية الوطنية الإماراتية فى المشروع؟


نحن فخورون بأن شركة الجرافات البحرية الوطنية، وهى إحدى شركات القطاع الخاص فى دولة الإمارات، قد نجحت فى تنفيذ أعمال شق القناة الجديدة بعد مشاركتها فى المناقصة التى طرحتها هيئة قناة السويس وقيامها بتأسيس وقيادة "تحالف التحدي" الذى يضم شركتى "بوسكالس" و"فان أورد" الهولنديتين وشركة "جان دو نيل" البلجيكية. ونجح هذا التحالف فى إنجاز أعمال التجريف البحرى فى وقت قياسى وضمن الميزانية المحددة وتم تسليم المشروع إلى الهيئة لإجراء اختبارات الملاحة والعبور فى الممر الجديد قبل الموعد المحدد. وكانت المتابعة الدقيقة والتشجيع الكبير من قبل سيدى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، من أهم العوامل التى حفزت شركة الجرافات الوطنية وتحالف التحدى على إنجاز المشروع على النحو الأمثل.

أول جولة بحرية فى القناة الجديدة


ولقد قمت بعدة زيارات ميدانية إلى موقع المشروع لمتابعة سير العمل بدءاً من اللحظة الأولى لقيام أول جرافات تحالف التحدى بأعمال التجريف البحري، وصولاً إلى إنجاز المشروع، حيث كنت برفقة معالى الأخ الفريق مهاب مميش على متن أول باخرة مرت فى القناة الجديدة فور إنجاز الأعمال الأساسية. وفى كل زيارة كنت أتحدث مع العمال والمهندسين فى مواقع العمل وكانوا جميعاً مدركين لأهمية هذا المشروع بالنسبة لمصر المستقبل.

 مشروع التدريب المهنى فى برنامج تمكين المرأة -اليوم السابع -8 -2015
مشروع التدريب المهنى فى برنامج تمكين المرأة


ويتضح حجم المشروع من خلال بعض الأرقام حيث يبلغ الطول الإجمالى للممر الجديد 72 كم تشمل حفر قناة جديدة كلياً بطول 35 كم، وبلغت الكمية الإجمالية للرمال التى تم تجريفها أكثر من 200 مليون متر مكعب وهذا رقم عملاق بكل المقاييس، كما وصل العدد النهائى للجرافات البحرية التى أدارها تحالف التحدى إلى 26 جرافة كانت تعمل على مدار الساعة وبتنسيق تام لكافة الجوانب اللوجستية والتشغيلية مما أتاح النجاح فى تسليم المشروع قبل الموعد المحدد.

 اشارة البدء فى مشروع التجريف البحرى -اليوم السابع -8 -2015
اشارة البدء فى مشروع التجريف البحرى


شكر وتقدير


وأود هنا أن أسجل تقديرى لجميع الشركات والمهندسين والعمال المشاركين فى تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة، خصوصاً "شركة الجرافات البحرية الوطنية الإماراتية" التى قادت "تحالف التحدي" وعملت بتنسيق تام مع هيئة قناة السويس المصرية وحظيت بدعم لا محدود من جانبها. كما أتوجه بالشكر إلى الهيئة الهندسية فى القوات المسلحة المصرية التى لم تدخر جهداً فى تقديم مختلف أوجه الدعم لهذا المشروع.

 تحالف التحدى -اليوم السابع -8 -2015
تحالف التحدى


 مشروع إسكان دهشور بالجيزة -اليوم السابع -8 -2015
مشروع إسكان دهشور بالجيزة










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة