د. عبدالجواد حجاب يكتب: عن منظومتنا الصحية أتكلم

الأحد، 31 مايو 2015 02:12 م
د. عبدالجواد حجاب يكتب: عن منظومتنا الصحية أتكلم وزارة الصحة - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يمكن تحقيق حلمى الذى رافقنى منذ طفولتى منذ عام 1966م عندما أصبت بحمى التيفود وأنا فى الصف الخامس الابتدائى وبعد فشل طبيب الوحدة الصحية فى علاجى أخذنى فى سيارة الإسعاف مشكورًا التى هى جزء من خدمات الوحدة الصحية الريفية وناظر حالتى بالمشاركة مع أخصائى الحميات وكان الشفاء من نصيبى على يد هؤلاء الأطباء المحترمين ومن يومها تمنيت أن أصبح طبيبًا لأننى أدركت المعنى الحقيقى للصحة ولكن كان الحلم شبه مستحيل لطفل فقير من قرية فقيرة لا طرق ولا كهرباء ولا ماء كانت مدرستى الابتدائية والوحدة الصحية شمعتين إضاءتهما ثورة يوليو فى حياتنا نحن أبناء الفلاحين المساكين المحرومين.

الحمد لله تحقق الحلم واختارنى ربى لأكون طبيبًا ولكن خرجت إلى العمل فى عام 1980م وكانت منظومتنا الصحية بدأت فى التراجع وكنا نحلم بمنظومة صحية متطورة وكان الحل الأمثل فى نظرنا أن نطبق النظام الصحى المعمول به فى السعودية بمعنى أن يختار الطبيب أن يعمل لحساب جهة واحدة دون غيرها أما فى القطاع الحكومى أو القطاع الخاص أو فى المستشفيات العسكرية أو الجامعية ولا يكون له الحق فى ممارسة المهنة بأى حال من الأحوال فى جهة أو مكان آخر.

مع مرور الوقت وأنا أعمل فى إحدى الوحدات الريفية وفى اجتماع مع العاملين أكدت لهم أننا لو قدرنا نرجع إلى مستوى وحداتنا إلى عام 1966م نكون قد حققنا نجاحًا باهرًا. نعم المبانى تطورت والأجهزة كثيرة وعدد الأطباء والممرضات ازداد ولكن بكل آسف الإنتاج ضعيف فى العدد والجودة وثقة الناس فى المنشآت الصحية الحكومية انعدمت.

فى عام 2010م وفى مؤتمر عقد فى شرم الشيخ جلست استمع إلى محاولات الوزير الرائع الدكتور حاتم الجبلى لتطوير منظومتنا الصحية تحت عنوان مشروع التأمين الطبى الشامل وكان مشروعًا ناضجًا ومتطورًا وأحسسنا بالأمل فى هذا المشروع الذى يحمل فى طياته زيادة موارد المنظومة الصحية ونطبيق طرق تقييم للأداء حديثة وزيادة دخل الأطباء والعاملين بالصحة وجاءت الرياح بما لا تشتهى السفن مع أحداث ثورة يناير توقف كل شىء.

فى عام2012م وفى ورشة عمل بأحد فنادق الإسكندرية وفى نقاش مفتوح لسماع مقترحات التطوير ومناقشة برنامج قومى لجعل مصر خالية من فيروس سى اللعين كان رأيى أن يتم تغيير السيستم وعمل منظومة صحية جديدة تسمح بتنمية قدرات العاملين بالصحة لأن المنظومة الحالية سيئة ومليئة بالفساد وهذه المنظومة السيئة كانت وما زالت سببًا فى إحباط وتدمير قدرات وطموحات الأطباء وأعضاء هيئة التمريض المميزين والمحترمين.
اليوم ونحن نقترب من سن المعاش وعلى وشك إنهاء مشوار 35 ستة فى وزارة الصحة ما أجمل المستشفيات التى تم تطويرها وما أكثر الأجهزة التى اشترتها الدولة وامتلاء المستشفيات بأخصائيات التمريض بمستواهم العلمى الراقى وأصبح عدد الأطباء أكثر من اللازم وفى النهاية النتائج مروعة آلاف الضحايا للأخطاء الطبية والإهمال وعدم التزام الأطباء بمواعيد العمل وتوصيات مكافحة العدوى وتوصيات الجودة وكثرة تعطل الاجهزة الطبية بسبب خلل رهيب فى أصول الصيانة السليمة. أصبح عدم رضا الجماهير على منظومتنا الصحية واضحًا فى كثرة الاعتداء على الأطباء والممرضات وتكسير المستشفيات ما أضر الدولة لعمل إدارة اسمتها إدارة حماية المستشفيات. وتحولت المنشآت الصحية إلى مصدر أساسى لتنتشر العدوى خاصة فيروس سى بدليل آخر تقارير منظمة الصحة العالمية التى تعتقد أن نسبة فيروس سى زادت إلى 22% ولم تتراجع بسبب الفوضى التى تعيش فى ظلها منظومتنا الصحية.

اليوم من على هذا المنبر الحر نصرخ بأعلى أصواتنا بضرورة تطوير منظومتنا الصحية على أن يكون التطوير لصالح المرضى خاصة الفقراء منهم، لابد من تطوير الأداء والقضاء على السلوكيات السيئة والسلبية التى أصابت جسد منظومتنا الصحية فى مقتل. توجد قيادات رائعة بدون شك نكن لها كل احترام ولكن أيضًا توجد قيادات فاسدة لاتعمل إلا بوقود الرشوة والمحسوبية تحتاج إلى عمليات بتر متتالية وسريعة لابد من وضع نظام لمراقبة الفساد والقضاء على الوساطات والرشاوى والهدايا. لا مفر من منع وتجريم الخلط والجمع بين العمل فى القطاع الحكومى والعمل فى القطاع الخاص وهذا أصل من أصول البلاء.

لابد من وضع نظام لتقييم الأداء للأفراد والمنشآت ومؤشرات حقيقية لقياس مؤشرات الأمان والسلامة للمرضى والعاملين وقياس مؤشرات رضاء الجماهير عن الخدمة المقدمة إليهم فى أى مستشفى ومؤشرات عن رضا العاملين أطباء وتمريض عن أداء القيادات.
من هنا اطالب بانشاء هيئة قومية للاعتماد والجودة تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية أو أى جهة سيادية أو تكون مستقلة لاسلطان لاحد عليها تقوم بتقييم اداء أى منشاة صحية من ناحية جودة الخدمة الطبية وسلامة المرضى وسلامة العاملين بالمنشاة وسلامة المجتمع الذى تخدمة المنشاة. هيئة لاعتماد المنشات من ناحية الالتزام بمعايير وتوصيات مكافحة العدوى. هذه الهيئة لاعلاقة لها بوزير الصحة فمن غير الواقعى ان يراقب الوزير نفسه ويعتمد مستشفياته.

لامفر من تغيير هذا السيستم السىء والذى تم ترقيعه الاف المرات بدون جدوى والذى دمر طموحات الالاف المؤلفة من الاطباء هذا السيستم الذى وضعنا فى مؤخرة أى قائمة عالمية لقياس التنافسية بين الدول.
ونظرا لانتظام منظومة العمل الصحية بشكل جيد فى المستشفيات الجامعية والمستشفيات العسكرية مالمانع ان ننتدب اطباء برتبهم العسكرية لادارة منظومتنا فى وزارة الصحة والاشراف على تطويرها وتطوير الاداء بها والقضاء على الفساد والرشوة والمحسوبية ورفع درجة الالتزام بكل شىء فى مجالات الصيانة والتطوير والترميم وتوزيع الاجهزة والانضباط وضبط الامور المالية.

نحن فى حاجة ماسة لمرحلة انتقالية فى مجال الصحة تحت اشراف قيادات عسكرية ملتزمة وشريفة لفرض منظومة جديدة تقضى على الفوضى العارمة الموجودة حاليا وخاصة اننا جربنا هذه القيادات فى الحفاظ على نزاهة الانتخابات والحفاظ على موارد الدولة وتنفيذ المشاريع القومية الكبرى . صدقونى نحتاج إلى هبة قومية كما حدث فى مشروع تطوير قناة السويس تحت قيادات منضبطة وشريفة وقوية وقادرة للقضاء على الفوضى العارمة فى منظومتنا الصحية وهذا هو املى الاخير للحفاظ على ماتبقى. اللهم انى بلغت اللهم فاشهد. حفظ الله مصر حفظ الله جيش مصر.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة