أوجاع الصعيد.. معهد الأورام بأسيوط: تعطل أجهزة.. قوائم الانتظار بالمئات.. التبرعات لا تكفى العلاج.. أعداد المرضى للعلاج فى المعهد تتضاعف من 16 ألفاً إلى 30 ألف مريض سنوياً.. وأطباؤه يطلقون استغاثة

الجمعة، 15 مايو 2015 01:22 م
أوجاع الصعيد.. معهد الأورام بأسيوط: تعطل أجهزة.. قوائم الانتظار بالمئات.. التبرعات لا تكفى العلاج.. أعداد المرضى للعلاج فى المعهد تتضاعف من 16 ألفاً إلى 30 ألف مريض سنوياً.. وأطباؤه يطلقون استغاثة معهد جنوب مصر للاورام
صفاء عاشور - آية نبيل - تصوير إسلام أسامة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- معيد بقسم الأطفال: بنحول المرضى إلى مركز.. الأورام بسوهاج وقوائم الانتظار بالمئات


- مريضة: بنك الدم بالمعهد لا يوجد فيه دم ونشتريه من الخارج بـ 150 جنيهاً



ينام الطفل محمد على سريره يتبادل النكات مع كريم، 13 عاما فى السرير الذى يقابلهما، يشاركهما آلامهما وضحكاتهما، غيرهما من الأطفال الذين تمتلئ بهم عنابر قسم الأطفال بمعهد الأورام التابع لجامعة أسيوط دون، أن يعلموا المأزق الذى تعانيه المستشفى منذ عامين بتعطل بعض أجهزته وازدياد أعداد المرضى بطريقة تزيد من الضغط على باقى الأجهزة، وفى الوقت نفسه انخفاض الإمكانيات المادية خصوصا وأن ميزانية المعهد من وزارة التعليم العالى تغطى بالكاد المهام التعليمية للمعهد غير الجاذب للدعم المادى على الرغم من تغطية خدمته العلاجية لـ7 محافظات الصعيد.

عماد-الديك-أمين-صندوق-جمعية-أصدقاء-المعهد -اليوم السابع -5 -2015
عماد-الديك-أمين-صندوق-جمعية-أصدقاء-المعهد

«اليوم السابع» تكشف الأوضاع المزرية التى يعانى منها المعهد، والكارثة الإنسانية التى يواجهها مرضى المعهد منذ ما يقرب من عامين دون أن يتحرك أحد لإنقاذهم، إذ تقدر الأرقام الرسمية وصول عدد المرضى المترددين عليه سنويا إلى 30 ألف مريض تقريبا بزيادة 85? عن أعداد مرضاه فى 2002 والذى كان 16 ألفا فقط، والذى يتوقع أطباؤه زيادته الفترة المقبلة نظرا لانتشار أمراض السرطان فى صعيد مصر.

احد-العمال-يقوموا-بتنظيف-السرير-عقب-الانتهاء-من-التبرع -اليوم السابع -5 -2015
احد-العمال-يقوموا-بتنظيف-السرير-عقب-الانتهاء-من-التبرع

محمد لم يكن يعلم شيئا عن إصابته على مدار 6 أشهر كان يشخص خلالها الأطباء مرضه بأنه مجرد التهابات، حتى خارت قواه وعجز عن المشى على قدمه، فتوجهت والدته التى تسكن بالبدارى إلى مستشفى أسيوط والتى حولته بدورها إلى المعهد بعد إثبات التحاليل علاجه الخاطئ على مدار الأشهر الماضية وأن التشخيص الصحيح هو إصابته بـ«اللوكيميا» أو «سرطان الدم».
خارج-المعهد-..-انتظارا-لسرير-يخلو -اليوم السابع -5 -2015
خارج-المعهد-..-انتظارا-لسرير-يخلو

لا يكتمل أسبوع يقضيه محمد فى البيت إلا ويصيبه الإعياء ويعود إلى المستشفى من جديد، تقول والدته، التى أوضحت أن المستشفى يتحمل جميع نفقات العلاج والإقامة لكنها لا ترى طفلها الصغير يتحسن مما جعلها تحمله إلى القاهرة لمحاولة إدخاله مستشفى سرطان الأطفال «57357»، وبعد نفقات إقامة عدة ليال لا تحتملها أسرتها الفقيرة، عادت بيأس إلى أسيوط بعدما أخبرها مسؤولو المستشفى عدم وجود أماكن تحتمل دخول محمد ووضعها على قائمة الانتظار.

تعلق أم محمد قائلة: هنا بيحاولوا يقدمولنا الخدمة وسط الأجهزة العطلانة والازدحام فى «السراير» لزيادة عدد الأطفال، وتتدخل أم كريم، والتى تكرر معها نفس الأمر، حيث تم تشخيص مرضه فى مركز ملوى بالمنيا، فى البداية على أنه «خراج على الكلى»، وظل يتداوى منه حتى شك أحد الأطباء بعد تدهور صحته وحوله بالصدفة إلى المستشفى الجامعى الذى يأكد من إصابته بالسرطان وحوله للعلاج فى أسيوط.

عدم توقع إصابة الأطفال بالسرطان والتشخيص الخاطئ من أطبائهم فى البداية أمر تكرر سماعه من أغلب أهاليهم المرافقين لهم فى المستشفى، إلا أنهم اتفقوا على أن المعهد يحاول توفير العلاج بقدر المستطاع، وذلك من خلال التأمين الصحى الذى يتولى علاج الأطفال.

الأمر لم يكن بمثل هذه السهولة فى الناحية الأخرى من المشهد، فما تحدث به دكتور محمد زكريا، معيد بقسم الأطفال، ينذر بأزمة يحاول الأطباء فى القسم إخمادها منذ فترة لكنهم لا يعلمون إلى أى مدى سيستمر ذلك، يقول زكريا «المعهد مظلوم جدا، بنخدم كل محافظات الصعيد، يتوافد عليه كل يوم فى القسم فقط حالتين أو تلاتة، وفى الوقت نفسه الإمكانيات المتاحة قليلة جدا لا تستطيع أن تسد احتياجاتهم جميعا».

ويشرح زكريا أن أطباء القسم فى الفترة الماضية يحاولوا بكل استطاعتهم تدبير نفقات احتياجات العلاج، يقول: «أحيانا لم نكن نجد جرعات الكيماوى نفسه، غير نقص المعدات والأدوية الأخرى والتى نحاول تدبيرها من خلال تجميع الأموال من أنفسنا أو الاعتماد على التبرعات القليلة جدا التى تأتى إلى المعهد».
وأشار الطبيب إلى أن المعهد يحتاج إلى زيادة إمكانياته المادية حتى يكون قادرا على رفع نسب الشفاء فيه، لافتا إلى أن المرضى هناك مظلومون ولا أحد ينظر إليهم ولا يوجد أى دعاية للمعهد، وأن التبرعات التى تقدم له مقارنة بارتفاع أعداد مرضى السرطان فى الصعيد لا تقارن.

يواجه المعهد أيضا مشكلة انخفاض أعداد التمريض المخصصة لأقسامه والتى أوضح زكريا أنها تصل إلى تحمل ممرضة واحدة القسم بالكامل فى اليوم، يضيف «اتكلمنا كتير فى ذلك بلا جدوى».

قسم النساء.. الديون تتصدر هموم المرضى والاسم علاج على نفقة الدولة


من ديروط بمحافظة أسيوط، جاءت اعتماد محمود، بعدما اكتشفوا أن تشخيص آلامها بسرطان فى المثانة وليس اللحمية التى كانت تعالج منها على مدار 3 سنوات، وتأخر العلاج أدى إلى تفشى الورم، مما أدى إلى اضطراهم لإزالته بالكامل، تقول ابنتها، التى أوضحت أنها بمجرد دخولها المعهد طلبوا منهم إنهاء أوراق علاجها على نفقة الدولة، نظراً لعدم وجود دخل ثابت لها أو لزوجها المتوفى والذى كان يعمل عاملا زراعيا بالأجرة.
اعتماد-محمود -اليوم السابع -5 -2015
اعتماد-محمود

رغم الانتهاء من أوراق العلاج على نفقة الدولة للتكفل بعملية اعتماد تبقى الأزمة أمامهم فى توفير نفقات باقى العلاج والذى يمتد إلى أدوية وأكياس دم وجرعات الكيماوى، تقول هناء إن بنك الدم بالمعهد لا يوجد فيه أكياس الدم والتى اشتروها من الخارج بـ 150 جنيها، مضيفة أن والدتها احتاجت على مدار 4 أيام ما يقرب من 3 أكياس يوميا وهو أمر خارج عن قرار العلاج ويتحمله المريض، مضيفة «محدش هنا بييجى يساعد الناس رغم أن الفقر يضرب الصعيد وأكثر المرضى هنا شديدى الفقر بما لا يجعلهم قادرين على سداد كل نفقات العلاج».
معهد-جنوب-مصر-للاورام -اليوم السابع -5 -2015
معهد-جنوب-مصر-للاورام

شادية أحد المرضى التى عانت بسبب الإصابة بسرطان الثدى، وبعيدا عن الوصمة التى تعانى منها المصابة بهذا المرض فى الصعيد، وخصوصا بعد إزالة الثدى، تعانى شادية أكثر بسبب الديون التى تحملتها أسرتها بسبب تكاليف العلاج والتى تبدأ بالتحليل 100 جنيه والأشعة والأدوية التى يجب أن تأخذها فى المنزل.

«ديون الأهالى نتيجة العلاج أزمة لا يسعنا مساعدتهم فيها لكن الكارثة التى تنتظر المعهد هو استمرار عدم وجود جهاز المعجل الخطى المسؤول عن الإشعاع فى المعهد والذى قمنا بتكهينه بالفعل ويعتمد عليه أغلب مرضى السرطان وشراء آخر يحتاج إلى ما يقرب من 14 مليون جنيه وهو أمر لا تستطيعه إمكانيات المعهد الذى يستمد مخصصاته من وزارة التعليم العالى ونعلم أن الحل الوحيد هو أن تتضافر جهود المجتمع المدنى أو رجال الأعمال لشراء جهاز جديد لكننا غير مشهورين»، حسب ما يقول مصطفى جلال وكيل المعهد.

جلال أوضح أن الجهاز بدأ العمل به مع المعهد من 1999 وانتهت مدته الافتراضية والتى ظهرت فى زيادة أعطاله منذ عامين وجهنا العديد من النداءات عبر وسائل الإعلام وقدمنا طلبات للوزارة لشراء جهاز آخر لكن الوزارة لا تستطيع إمكانياتها أن تغطى ذلك ولم تأت أى تبرعات لشرائه.
منذ 8 أشهر توقف الجهاز عن العمل بالكامل، يقول محمد زكريا، الطبيب بالمعهد إن الأطباء كانوا يحولون المرضى إلى جهاز الجامعة لكنه كان عطلان أيضاً وهى الفترة التى كان يضطر المرضى إلى الذهاب للمراكز الخاصة وهو أمر لم يستطعه سوى القادرين منهم بينما تدهورت حالة المرضى ذوى الإمكانيات الاقتصادية المنخفضة.
قرارات-العلاج-على-نفقة-الدولة-التى-يحصل-عليها-المرضى-تختص-الجراحة-فقط -اليوم السابع -5 -2015
قرارات-العلاج-على-نفقة-الدولة-التى-يحصل-عليها-المرضى-تختص-الجراحة-فقط

تصل تكلفة العلاج فى المراكز الخاصة كما يقول زكريا إلى 16 ألف جنيه، مضيفاً «بنحاول نتعاون مع الأطباء فى المراكز الطبية بالمحافظات الأخرى حتى نستطيع أن نوفر علاجا للأسر الفقيرة تحديداً، مفيش رجال أعمال فى الصعيد للأسف بيقدموا أى تبرعات للمعهد رغم أنه الثانى على مستوى مصر بعد معهد الأورام بالقاهرة».
ينقسم المعهد إلى 10 تخصصات وهى طب الأورام، جراحة، الإنعاش وعلاج الآلم، الأشعة العلاجية والنووى، أورام الأطفال، أشعة الأورام التشخيصية، الباثولوجى الإكلينيكية، باثولوجيا الأورام، بيولوجيا الأورام، الإحصاء الطبى.

مصطفى جلال، وكيل المعهد، أوضح أن المعجل ليس الأزمة الوحيدة فى المعهد والذى يعانى من حاجته للعديد من الأجهزة، وزيارة عدد الموجود ليكون قادرا على سد الخدمة الطبية للأعداد المرتفعة من المرضى، مثل الأشعة المقطعية، والجهاز الإشعاعى وتطوير غرفة العمليات، بل يحتاج المعهد إلى نقله إلى حرم المستشفى الجامعى حتى يكون قريبا من الأقسام الأخرى التى يحتاجها المرضى مثل غسيل الكلى أو التحاليل المختلفة، يقول مصطفى «لا أحد يسمع صوتنا لدرجة أننا علمنا أن المحافظة تنوى نقلنا إلى مدينة أسيوط الجديدة والتى تبعد 20 كم عن مدينة أسيوط وإذا حدث ذلك ستكون أزمة كبيرة على المرضى غير القادرين على تحمل نفقات الانتقال الكبيرة».
دكتور-محمد-زكريا-المسئول-عن-قسم-الأطفال-بالمعهد -اليوم السابع -5 -2015
دكتور-محمد-زكريا-المسئول-عن-قسم-الأطفال-بالمعهد

يقول جلال إن ارتفاع الإصابة بالسرطان فى الصعيد ينبئ بتحذير لدى الدولة بضرورة الاهتمام هنا بالخدمات، مضيفا أن الإصابة بسرطان المثانة والبلهارسيا والقولون والمعدة ذات معدلات مرتفعة نتيجة التلوث والنزول إلى الترع والمياه الملوثة وعدم وجود صرف صحى، بينما ترتفع معدلات الإصابة بسرطان الثدى لدى السيدات والدم لدى الأطفال.

بنك الدم.. الناس بتخاف تتبرع ونعتمد على الحملات فى الكليات ونواجه أزمة أيام الاجازة والامتحانات
أمام بنك الدم بالمعهد يقف المرضى كل منهم يحمل إعلانا عن حاجته لأكياس دم لأحد أقاربه قبل إجراء عملية أو بعدها، أمر يشير إليه الأطباء المسؤولون عن البنك بأن نسب التبرع فى المعهد قليلة جدا من المواطنين العاديين، فيضطرون إلى الاعتماد على تنظيم حملات أسبوعية تتوجه إلى الكليات والمعاهد الدراسية للتبرع، وهو الأمر الذى يستطيع أن يسد احتياجات المرضى إلى حد ما فى أوقات الدراسة بينما تواجههم أزمة كبرى كما تقول دكتورة فاطمة الزهراء محمد، أخصائية بنك الدم، فى فترات الامتحانات والأجازة الصيفية.

دكتور-مصطفى-جلال-وكيل-المعهد -اليوم السابع -5 -2015
دكتور-مصطفى-جلال-وكيل-المعهد

الأزمة الأكبر من وجهة نظر فاطمة، ضعف ثقافة التبرع لدى أهل المريض نفسهم والذين يتجهون أغلب الأحيان إلى طلب متبرعين دون أن يتبرعوا بأنفسهم، مشيرة إلى أن ارتفاع نسب الأمراض بفيروس سى أيضا يمثل عائقا فى التبرع، وهو ما يزيد الحاجة إلى إجراء حملات توعية للأصحاء بضرورة التبرع، لكن كل ذلك يحتاج إلى إمكانيات مادية غير متوفرة لمعاهد تعليمية حكومية.

فاطمة أوضحت أن البنك يملك جهاز بثرولوجى واحد وهو الأمر الذى طالبوا بشراء جهاز آخر يعاونه حتى لا تحدث أزمة إذا تعطل وتتكرر أزمة المعجل الخطى لكن لم يرد عليهم أحد حتى الآن.

جمعية أصدقاء السرطان التى تم إشهارها فى 2012، تحاول بقدر الإمكان شغل دور المجتمع المدنى لدى المرضى فى المستشفى، والتى قامت فكرتها من أحد أعضاء الهيئة الطبية نفسهم دكتور محمد أبوالمجد سالم أستاذ جراحة الأورام، وبدأ العمل فيها فى 2014، بقول عماد الديك، أمين الصندوق، إن الإقبال على الجمعية من المرضى يزيد بطريقة مخيفة فى ظل عدم قدرتها على جمع تبرعات تسد كل الخدمات التى يحتاجها المرضى منها، مشيرا إلى أن الجمعية العام الماضى قامت بالإنفاق على 5 آلاف مرضى فقط ما يقرب من 150 ألف جنيه، معلقا أنها وقتها لم تكن معروفة بالشكل الذى يتوجه إليه المرضى إليها حالياً، مشيراً إلى أن أزمة مرضى السرطان فى الصعيد أن أغلبهم من ذوى الأعمال الحرة فى الزراعة أو البناء وأرامل وشديدى الفقر، وهو ما يجعلهم جميعا مناسبين للحصول على الدعم المادى والتى لا تستطيع الجمعية سداده إلا إذا زاد الوعى لدى المتبرعين فى مصر بهموم وآلام مرضى السرطان بالصعيد.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة